موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الخامسُ والثلاثون: أبو الفَضْل الرِّيَاشِي (ت: 257 هـ)


أبو الفَضْلِ عَبَّاسُ بنُ الفَرَج، البَصْريُّ الرِّيَاشِي [216] هذه النسبة إلى رِياشٍ، وهو اسم رجُلٍ من جُذام، وكان والد المنتسب إليه عبْدًا له، فنُسِب إليه. يُنظَر: ((الأنساب)) للسمعاني (6/ 209). ، النَّحْويُّ اللُّغَويُّ، شَيْخ الأَدَب، مَوْلَى مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِي الأَمِير.
مَوْلِدُه:
وُلِد بعد الثَمانينَ ومِائةٍ، وقيل: سَنةَ سبعٍ وسَبعينَ ومِائةٍ.
مِن مَشَايِخِه:
مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى، والأَصْمَعِي، وأبو دَاوُد الطَّيَالِسِي، وأبو عَاصِم النَّبِيل، وَأَشْهل بن حَاتِم، وَعُمَر بن يُونُسَ اليَمَامِي، وَوَهْب بن جَرِير، وَمُسْلِم بن إبْرَاهِيم، ومُحَمَّد بن سَلَّام.
ومِن تَلَامِذَتِه:
ابْنُه مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاس، وأبو دَاود، وإبْرَاهِيم الحَرْبِي، وابنُ أبي الدُّنْيَا، وأبو العَبَّاس المُبَرِّد، وأبو الحَسَن أحمد بن مُحَمَّد بن عَمِيرَة، وإِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيم البُسْتِي القَاضِي، وأبو خَلِيفَة الفَضْل بن الحُبَاب، وأبو بَكْر بنُ خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بنُ دُرَيْدٍ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان أبو الفَضْلِ الرِّيَاشِي رحمه الله مِنْ بُحورِ العِلْمِ، إمامًا في اللُّغَة والنَّحْو، علَّامة ثِقَةً مِن أَهْل السُّنَّة، عالِمًا بأيَّامِ العَرَب والسِّيَر، كَثِيرَ الاطِّلَاع.
وكان رحمه الله مِن الأَدَب وعِلْم النَّحْو بمَحِلٍّ عَالٍ، فكان يَحْفَظ كُتُب أبي زَيْد، وكُتُب الأَصْمَعِي كُلَّها، وكان ثَعْلَب يُفضِّلُه ويُقَدِّمُه على المُبَرِّد.
وقد قَرَأ النَّحْو على المَازِني، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمَازِني اللُّغَة؛ قال المُبَرِّد: «سَمِعت المَازِنيَّ يقول: قَرَأ الرياشيُّ عَليَّ كِتَاب سِيبَوَيْهِ، فاستفدتُ مِنْه أَكثر مِمَّا اسْتَفَادَ مِنِّي». يَعْنِي أنه أَفَادَنِي لُغَتَه وشِعْرَه، وَأفَاد هُوَ النَّحْوَ.
ومِن شِعْرِه:
أنْكَرْتُ مِن بَصَري مَا كُنْتُ أَعْرِفُهُ
واسْتَرْجَعَ الدَّهْرُ مَا قَدْ كَان يُعْطِينَا
أَبَعْدَ سَبْعِين قَدْ وَلَّت وسَابِعَةٍ
أَبْغِي الَّذِي كُنْتُ أَبْغِيه ابْنَ عِشْرِينَا
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((الخيل))، وكتاب: ((الإبِل))، وكتاب: ((ما اختلفت أسماؤه من كلامِ العَرَبِ)).
عَقِيدَتُهُ:
قال السَّمْعَانِيُّ: (كان مِن أهل السُّنَّةِ، قُتل في المسجدِ الجامعِ بالبصرةِ في أيَّامِ العَلَوِيِّ صاحِبِ الزَّنْجِ) [217] ينظر: ((الأنساب)) للسمعاني (6/209). .
ونُقِل عنه أنَّه امتدَحَ سِيبوَيْه بقولِه: (كان سِيبوَيْه سُنِّيًّا على السُّنَّةِ) [218] ينظر: ((طبقات النحويين واللغويين)) للزبيدي (ص: 68). ، فلا يُعقَلُ أنْ يَمدَحَ إنسانًا بشَيءٍ يُخالِفُه هو.
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ سبعٍ وخمسينَ ومِائَتَينِ، قال عليُّ بنُ أبي أُميَّة: لَمَّا كان مِن دُخُول الزَّنْج البَصْرةَ ما كان، وقَتْلِهِم بها مَن قَتَلُوا، بَلَغَنَا أنهم دَخَلُوا على الرِّيَاشِي المَسْجَد بأسيَافِهِم، وَالرِّيَاشِيُّ قَائِمٌ يُصَلِّي الضُّحَى، فضربُوهُ بالأسيَاف، وقالوا: هَاتِ المَالَ، فَجَعَل يقول: أَيُّ مَال، أَيُّ مَال؟! حتى مَات. فلما خرجَت الزَّنْج عن البَصْرَة، دخلنَاهَا، فمررْنَا ببني مَازِن الطَّحَّانين -وَهنَاكَ كَانَ يَنْزِلُ الرِّيَاشِي- فَدَخَلْنَا مَسْجِدَه، فإذا به مُلقًى وهو مُسْتَقْبِلُ القِبْلةِ كأنَّما وُجِّهَ إليها، وإذا بشَمْلةٍ تحركُهَا الرِّيحُ وقدْ تَمزَّقَت، وإذا جَمِيعُ خَلْقِه صَحِيحٌ لَمْ ينْشَقَّ له بَطْن، ولم يَتغيَّرْ له حالٌ، إِلا أنَّ جِلدَه قد لَصِق بِعَظْمِه ويَبِسَ، وذلك بَعْد مَقتلِه بسَنتينِ! [219] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 97)، ((تاريخ العلماء النحويين)) للتنوخي (ص 75)، ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (14/ 22)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (4/ 1483)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (2/ 367)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (3/ 27)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (12/ 372)، ((البداية والنهاية)) لابن كثير (14/ 539)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 164)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 27)، ((الأعلام)) للزركلي (3/ 264).

انظر أيضا: