موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الرابعُ: لُزومُ المُثَنَّى حالةً واحدةً


ذهب بعضُ العَرَبِ وهم بنو الحارث، وبطون من ربيعة. إلى إلزامِ المثنَّى الألِفَ في حالاتِه الثَّلاثِ؛ الرَّفعِ والنَّصبِ والجَرِّ، ويُعرِبونَه بعلاماتٍ مقدَّرةٍ. وعليه يُحمَلُ قَولُه تعالى: إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ [طه: 63] ، عند من شدَّد "إنَّ" من القُرَّاءِ، ورَفَع "هذانِ"، ومن خفَّفها -كابنِ كَثيرٍ وحَفصٍ- فعلى أنَّ المخَفَّفةَ مِن الثقيلةِ يُلْغى عَمَلُها؛ لنَقْصِها، فلا تَنصِبُ الاسمَ، أو على أنَّ "إنْ" هنا بمعنى النَّفيِ، واللَّامُ بمعنى (إلَّا)، والمعنى: ما هذانِ إلَّا ساحرانِ. وقد قرأ أبو عَمرٍو: «إنَّ هذينِ لساحِرانِ» قرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ وحمزةُ والكِسائيُّ وشُعبةُ: «إنَّ هذانِ لساحِرانِ»، وقرأ ابنُ كثيرٍ: «إنْ هذانِّ» بتخفيفِ نونِ "إنْ" وتشديدِ نونِ "هذانِّ"، وقرأ حفصٌ: إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ، وقرأ أبو عَمرٍو: «إنَّ هذينِ لَساحرانِ». يُنظَر: ((السبعة في القراءات)) لابن مجاهد (ص: 419)، ((المبسوط في القراءات العشر)) لابن مهران النيسابوري (ص: 296). .
ومنه قَولُ الشَّاعِر:
يا لَيتَ عَيناها لنا وَفَاهَا
بثَمنٍ نُرضي بهِ أباها
إنَّ أباها وأَبا أباها
قدْ بَلَغا في المجْدِ غايَتاها
فالشَّاهِدُ هنا في قَولِه: (عَيناها)؛ فإنَّها اسمُ (ليْت) منصوبةٌ، وكان حقُّها أن تكونَ: (عَيْنَيها)، وكذلك قَولُه: (غايتاها)؛ فهي مَفْعولٌ به منصوبٌ كذلك يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (2/ 357). تَنبيهٌ: ثمَّة كلماتٌ أُلحِقَ في آخرِها ألِفٌ ونونٌ (ان)، وهي غيرُ مُندرِجةٍ في بابِ المثنَّى، مثل: نَجْران، وجيزان، وظَهْران الجنوب، وبَحْران؛ فذلك يُعَدُّ مِن بابِ التعريفِ في اللَّهجاتِ الجنوبيَّةِ، فهي تُقابِلُ (أل) التَّعريفِ في العربيَّةِ الباقيةِ، ومِثل: عُثمان، وعَدْنان، وعَفَّان، فهي مِن بابِ الزِّيادةِ. .

انظر أيضا: