موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الأوَّلُ: الغَرَضُ مِن تَأليفِ الكِتابِ


تَتلخَّصُ أهْدافُ الزَّمَخْشَريِّ في كِتابِه هذا في ثَلاثةِ أهْدافٍ:
الأوَّلُ: هدَفٌ دِينيٌّ، وهو تَقْريرُ أُسُسِ البَلاغةِ للوُقوفِ على أسرارِ الإعْجازِ القُرآنيِّ وبَيانِ وُجوهِه.
يقولُ الزَّمَخْشَريُّ: (ولمَّا أنْزَل اللهُ تعالى كِتابَه مُخْتصًّا مِن بَيْنِ الكُتُبِ السَّماويَّةِ بصِفةِ البَلاغةِ الَّتي تَقطَّعتْ عليها أعْناقُ العِتاقِ السُّبَّقِ، وونَتْ عنها خُطا الجِيادِ القُرَّحِ، كان المُوفَّقُ مِنَ العُلَماءِ الأعْلامِ، أنْصارِ مِلَّةِ الإسْلامِ، الذَّابِّين عن بَيضةِ الحَنيفيَّةِ البَيضاءِ، المُبَرهِنين على ما كان مِنَ العَربِ العَرْباءِ، حينَ تُحُدُّوا به مِنَ الإعْراضِ عنِ المُعارَضةِ بأسَلاتِ ألْسِنتِهم، والفَزَعِ إلى المُقارَعةِ بأسنَّةِ أسَلِهم- مَنْ كانت مَطامِحُ نَظَرِه ومَطارِحُ فِكرِه الجِهاتِ الَّتي تُوصِّلُ إلى تَبيُّنِ مَراسِمِ البُلَغاءِ، والعُثورِ على مَناظِمِ الفُصَحاءِ، والمُخايَرةِ بَيْنَ مُتداوَلاتِ ألفاظِهم، ومُتَعاوَراتِ أقْوالِهم، والمُغايَرةِ بَيْنَ ما انْتَقَوا منها وانْتَخلوا، وما انْتَفَوا عنه فلم يَتقبَّلوا، وما اسْتَركُّوا واسْتَنْزلوا، وما اسْتَفْصحوا واسْتَجْزلوا، والنَّظرِ فيما كان النَّاظِرُ فيه على وُجوهِ الإعْجازِ أوقَفَ، وبأسْرارِه ولَطائِفِه أعْرَفَ، حتَّى يكونَ صَدرُ يَقينِه أثْلَجَ، وسَهمُ احْتِجاجِه أفْلَجَ، وحتَّى يُقالَ: هو مِن عِلمِ البَيانِ حَظِيٌّ، وفَهْمُه فيه جاحِظيٌّ. وإلى هذا الصَّوبِ ذهَب عبدُ اللهِ الفَقيرُ إليه مَحْمودُ بنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَريُّ، عفَا اللهُ تعالى عنه، في تَصْنيفِ كِتابِ أساسِ البَلاغةِ) [236] ((أساس البلاغة)) للزمخشري (1/15). .
الثَّاني: هَدَفٌ عِلميٌّ، وهو تَتبُّعُ طَرائِقِ البَلاغةِ، وسَبْرُ أغْوارِ عِلمِ البَيانِ؛ يقولُ الزَّمَخْشَريُّ: (هو ‌مِن ‌عِلمِ ‌البَيانِ حَظيٌّ، وفَهْمُه فيه جاحِظيٌّ) [237] ((أساس البلاغة)) للزمخشري (1/15). .
الثَّالثُ: تَخْريجُ الأدَباءِ والفُحولِ مِنَ الشُّعراءِ؛ يقولُ: (فمَنْ حصَّل هذه الخَصائِصَ، وكان له حَظٌّ مِنَ الإعْرابِ الَّذي هو مِيزانُ أوضاعِ العَربيَّةِ ومِقياسُها، ومِعيارُ حِكمةِ المَواضِعِ وقِسْطاسُها، وأصاب ذَروًا مِن عِلمِ المَعاني، وحَظِي برَشٍّ ‌مِن ‌عِلمِ ‌البَيانِ، وكانت له قبلَ ذلك كلِّه قَريحةٌ صَحِيحةٌ وسَليقةٌ سَليمةٌ- فَحُلَ نَثرُه، وجَزُل شِعرُه، ولم يَطُلْ عليه أنْ يُناهِزَ المُقدَّمين، ويُخاطِرَ المُقرَّمين) [238] ((أساس البلاغة)) للزمخشري (1/15). .
والهَدَفُ البَعيدُ لكلِّ هذا هو الهَدَفُ الدِّينيُّ [239] يُنظر: ((المُعجَم العَربيُّ: نشأته وتطوره)) لحسين نصار (2/550) 0 .

انظر أيضا: