موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الثَّالثُ: مَنهَجُ المُؤلِّفِ في تَرْتيبِ مَوادِّ اللُّغةِ


اسْتَطاع ابنُ دُرَيدٍ أنْ يَتخلَّصَ مِن بعضِ مَظاهِرِ مَنهَجِ الخَليلِ، ولكنَّه لم يَسْتطِعْ ذلك في بعضِها الآخَرِ.
فمَنهَجُ ابنِ دُرَيدٍ هو مَنهَجُ الخَليلِ إلَّا في بعضِ النِّقاطِ؛ إذ اتَّفق معَه في نِظامِ الأبْنِيةِ، وما يَنْشأُ عنِ الكَلِمةِ باتِّباعِ نِظامِ التَّقاليبِ، وخالَفَ في البَدءِ في كلِّ بابٍ بالحَرْفِ الَّذي يَعقِدُه عليه تارِكًا ما قبلَه آخِذًا بما بعدَه [139] يُنظر: ((مقدمة الصحاح)) للعطار (ص:79). .
فجاء مَنهَجُه تَفْصيلًا على هذا النَّحْوِ:
1- رتَّب الحُروفَ تَرْتيبًا ألفبائيًّا.
2- جمَع الكَلِماتِ المُكوَّنةَ مِن حرفٍ واحِدٍ على اخْتِلافِ تَرْتيبِها، وجعَلها في مَوضِعٍ واحِدٍ، ووضَعها تحت أوَّلِ حُروفِها تَرْتيبًا حسَبَ التَّرْتيبِ الألِفْبائيِّ المَعْروفِ، وأطلَقَ على كلِّ حَرْفٍ منها كِتابًا.
3- قسَّم الكِتابَ إلى سِتَّةِ أبْنِيةٍ، كما فعَل الخَليلُ في كِتابِ العَينِ؛ فجاء على هذا النَّحْوِ:
أ- الثُّنائيُّ: ذكَر فيه الثُّنائيَّ غيرَ المُضعَّفِ، ثمَّ الثُّنائيَّ المُشدَّدَ الآخِرِ (الثُّلاثيَّ المُضعَّفَ)، ثمَّ الثُّنائيَّ الَّذي كُرِّر فيه المَقطَعُ (الرُّباعيَّ المُكرَّرَ)، ثمَّ الثُّنائيَّ المُعتَلَّ: اللَّفيفَ.
ب- الثُّلاثيُّ: وألْحَق به ثَلاثةَ أبْوابٍ: المُضعَّفَ دونَ إدْغامٍ، نَحْوُ: كَعْك ودَدَن، والمُعتَلَّ العَينِ، والمُعتَلَّ اللَّامِ.
ج- الرُّباعيُّ: وألْحَق به ما يَشتمِلُ على حَرفَين مِثْلَينِ، نَحْوُ: قرقر، جدجد، ثمَّ ما جاء على وَزْنِ (فِعَلَّ)، (فِعِلَّ)، (فُعُلَّ)، ثمَّ ما جاء على وَزْنِ (فَيعِل)، (فَوعَل)...
د- الخُماسيُّ: وقد عالَجَه ابنُ دُرَيدٍ كما حَلا له دونَ ترتيبٍ؛ إذْ كان كلَّما خطَر له وَزْنٌ مُعيَّنٌ عقَد له بابًا خاصًّا.
4- نظَر في أثْناءِ تَرْتيبِه للمَوادِّ إلى الحُروفِ الأصْليَّةِ؛ فجرَّد الكَلِمةَ مِن زَوائِدِها [140] يُنظر: ((المُعجَم العَربيُّ: نشأته وتطوره)) لحسين نصار (2/317)، ((مقدمة الصحاح)) للعطار (ص:79)، ((المَعاجِم اللُّغويَّة العَربيَّة: بداءتها وتطورها)) لإميل يعقوب (ص:78). .

انظر أيضا: