موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الأوَّلُ: سَببُ تَسْميةِ الكِتابِ بهذا الاسمِ


سمَّاه الأزْهَريُّ بهذا الاسمِ لأنَّه قصَد بما جمَع فيه ((نَفْيَ ما أُدخِلَ في لُغاتِ العَربِ ‌مِنَ ‌الألْفاظِ الَّتي أزالَها الأغْبياءُ عن صِيغَتِها، وغيَّرها الغُتمُ عن سَننِها، فهذَّبتُ ما جمَعتُ في كِتابي مِنَ التَّصْحيفِ والخَطأ بقدْرِ عِلمي، ولم أحْرِصْ على تَطويلِ الكِتابِ بالحَشْوِ الَّذي لم أعْرِفْ أصْلَه، والغَريبِ الَّذي لم يُسْنِدْه الثِّقاتُ إلى العَربِ)) [89] ((تهذيب اللُّغة)) للأزهري (1/45). .
فقد انْتَقى مادَّته العِلميَّةَ بعِنايةٍ شَديدةٍ بعد أن تَبحَّرَ في كُتُبِ مَنْ سبَقه، وسبَر أغْوارَها، وغاص في أعْماقِها، فكان عَمَلُه هذا تَنْقيحًا لكُتُبِ مَنْ سبَقه مِنَ العُلَماءِ، فاسْتَقَصى دَخيلَها، وتَجنَّب خَطأَها، واقْتَطف الدُّرَّ مِن صَدَفِها؛ فحذَف كَثيرًا مِنَ المَوادِّ والشَّواهِدِ الَّتي في كُتُبِ غيرِه لعَدَمِ ثِقتِه في صِحَّتِها، فصَحيحُ اللُّغةِ عندَه ما سمِعه أذُنًا عن فَمٍ مِنَ الأعْرابِ الأقْحاحِ، أو ما نقَله ثِقةٌ تامُّ الضَّبْطِ عن مِثلِه، أو عن عَربيٍّ خلَص مَنطِقُه مِنَ اللَّحْنِ واللَّغَطِ.
قال الأزْهَريُّ: ((ولو أنِّي أودَعتُ كِتابي هذا ما حَوَتْه دَفاتري، وقَرأتُه مِن كُتُبِ غيري ووَجَدتُه في الصُّحُفِ الَّتي كتَبها الوَرَّاقون، وأفْسَدها المُصحِّفون، لطال كِتابي، ثمَّ كنتُ أحدَ الجانِين على لُغةِ العَربِ ولِسانِها، ولَقَليلٌ لا يُخزي صاحِبَه خَيرٌ مِن كَثيرٍ يَفضَحُه، ولم أودِع كِتابي هذا مِن كَلامِ العَربِ إلَّا ما صحَّ لي سَماعًا منهم، أو رِوايةً عن ثِقةٍ، أو حِكايةً عن خطِّ ذي مَعْرفةٍ ثاقِبةٍ، اقْتَرنتْ إليها مَعْرفتي، اللَّهُمَّ إلَّا حُروفًا وجَدتُها لابنِ دُرَيدٍ وابنِ المُظَفَّرِ في كِتابَيهما، فبيَّنتُ شكِّي فيها، وارْتيابي بها)) [90] ((تهذيب اللُّغة)) للأزهري (1/34). .

انظر أيضا: