موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ السَّادِسُ: نَموذَجٌ مِنَ الكِتابِ


‌‌حَرْفُ الحاءِ
قال الخَليلُ بنُ أحْمَدَ رضِي اللهُ عنه: الهاءُ والحاءُ لا تَأتَلِفانِ في كَلِمةٍ واحِدةٍ أصْليَّةِ الحُروفِ، لِقُرْبِ مَخرَجَيهما في الحَلْقِ، ولكنَّهما يَجتَمعان مِن كَلِمتَين، لكلِّ واحِدةٍ منْهما مَعْنًى على حِدَةٍ، كقَولِ لَبِيدٍ:
يَتَمارى في الَّذي قُلتُ لهُ... ولَقَد يَسمَعُ قَولي حيَّهَلْ
وقال آخَرُ: هَيْهاؤه وحَيْهَلُه.
حيَّ: كَلِمةٌ على حِدَةٍ، ومَعْناها هَلُمَّ، وهل: حِثِّيثَى، فجعَلهما كَلِمةً واحِدةً.
وفي الحَديثِ: ((إذا ذُكِر الصَّالِحون فحيَّهلا بعُمَرَ)) [83] أخرجه أحمد (25152)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (44/380) موقوفاً على عائشة رضي الله عنها. ، أي: فأتِ بذِكْرِ عُمَرَ.
قال اللَّيثُ: قلتُ للخَليلِ: ما مِثلُ هذا في الكَلامِ: أنْ يُجمَعَ بَيْنَ كَلِمتَين فتَصيرَ منهما كَلِمةٌ واحِدةٌ؟ قال: قول العَربِ: عبدُ شمسٍ وعبدُ قيسٍ، فيَقولون: تَعَبْشمَ الرَّجلُ وتَعَبْقسَ، وعَبْشميٌّ وعَبْقسيٌّ.
‌‌بابُ الثُّنائيِّ:
‌‌بابُ الحاءِ والقافِ وما قبلَهما مُهمَلٌ ح ق، ق ح: مُسْتعمَلانِ
حق: الحَقُّ نَقيضُ الباطِلِ. حَقَّ الشَّيءُ يَحِقُّ حَقًّا، أي: وجَب وُجوبًا. وتقولُ: يَحِقُّ عليك أن تَفعَلَ كذا، وأنت حَقيقٌ على أن تَفعَلَه. وحَقيقٌ فَعيلٌ في مَوضِعِ مَفْعولٍ. وقولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ [الأعراف: 105] ، مَعْناه: مَحْقوقٌ، كما تقولُ: واجِبٌ. وكلُّ مَفْعولٍ رُدَّ إلى فَعيلٍ، فمُذكَّرُه ومُؤنَّثُه بغيرِ الهاءِ، وتقولُ للمَرأةِ: أنتِ حَقيقةٌ لِذلك، وأنتِ مَحْقوقةٌ أن تَفعَلي ذلك، قال الأعْشَى:
لَمَحْقوقةٌ أن تَسْتَجيبي لِصَوتِهِ
وأن تَعلَمي أنَّ المُعانَ مُوفَّقُ
والحَقَّةُ مِنَ الحَقِّ، كأنَّها أوجَبُ وأخَصُّ. تقولُ: هذه حَقَّتي، أي: حَقِّي، قال:
وحَقَّةٌ ليستْ بِقولِ التُّرَّهة [84] كذا في (العَين)، وأصل الكَلِمة: "التُّرَّه"، وهذا عَجُز بيتٍ لرُؤبةَ بنِ العَجَّاج، وصَدْرُه: "وَقُوَّلٌ إلَّا دَهٍ فلا دَهِ". دِيوان رؤبة بن العجاج (ص:170).
والحَقيقةُ: ما يَصيرُ إليه حقُّ الأمرِ ووُجوبُه. وبَلغتُ حَقيقةَ هذا، أي: يَقينَ شأنِه.
وفي الحَديثِ: ((لا يَبلُغُ أحدُكم حَقيقةَ الإيمانِ حتَّى لا يَعيبَ على مُسلِمٍ بعَيبٍ هو فيه)) [85] أورده أبو بكر الدينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (1916) من قول الحسن البصري بلفظ: (لا يستحق أحد حقيقة الإيمان حتى لا يعيب الناس بعيب هو فيه) .
وحَقيقةُ الرَّجلِ: ما لَزِمه الدِّفاعُ عنه مِن أهلِ بيتِه، والجَميعُ حَقائِقُ.
وتقول: أحَقَّ الرَّجلُ: إذا قال حقًّا وادَّعى حقًّا، فوجَب له وحَقَّق، كقَولِك: صدَّق، وقالَ: هذا هو الحَقُّ. وتقولُ: ما كان يَحُقُّك أن تَفعَلَ كذا، أي: ما حَقَّ لك. والحاقَّةُ: النَّازِلةُ الَّتي حقَّتْ فلا كاذِبةَ لها. وتقولُ للرَّجلِ إذا خاصَمَ في صِغارِ الأشْياءِ: إنَّه لَنَزِقُ الحِقاقِ.
وفي الحَديث: ((مَتى ما يَغلُوا يَحْتقُّوا)) [86] أخرج عبدالله بن أحمد في ((السنة)) (89)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (73/188) موقوفاً على عبدالله بن عباس رضي الله عنهما؛ ولفظ عبدالله بن أحمد: (...متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقّوا ومتى يحتقّوا ...) وثق رجاله شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سير أعلام النبلاء)) (3/349).   ، أي: يَدَّعي كلُّ واحِدٍ أنَّ الحقَّ في يَديه، ((ويَغلُوا))، أي: يُسرِفوا في دِينِهم ويَخْتصِموا ويَتَجادَلوا.
والحِقُّ: دونَ الجَذَعِ مِنَ الإبِلِ بسَنةٍ، وذلك حينَ يَسْتحِقُّ للرُّكوبِ، والأنْثَى حِقَّةٌ: إذا اسْتَحقَّتِ الفَحْلَ، وجَمْعُه حِقاقٌ وحَقائِقٌ، قال عَديٌّ:
لا حِقَّةٌ هُنَّ ولا يَنوبُ
وقال الأعْشَى:
أيُّ قومٍ قومي إذا عزَّتِ الخَمْــ
ــــرُ وقامت زِقاقُهُمُ والحِقاقُ
والرِّوايةُ:
قامتْ حِقاقُهُمُ والزِّقاقُ
فمَنْ رواه:
قامتْ زِقاقُهُمُ والحِقاقُ
يقولُ: اسْتَوتْ في الثَّمَنِ فلم يَفْضُلْ زِقٌّ حِقًّا، ولا حِقٌّ زِقًّا. ومِثلُه:
قامتْ زِقاقُهُمُ بالحِقاقِ
فالباءُ والواوُ بمَنزِلةٍ واحِدةٍ، كقَولِهم: قد قام القَفيزُ ودِرهمٌ، وقام القَفيزُ بدِرهمٍ. وأنت بخَيرٍ يا هذا، وأنت وخَيرٌ يا هذا، وقال:
ولا ضِعافٍ مُخُّهُنَّ زاهِقُ
لسْنَ بأنْيابٍ ولا حَقائِقِ
وقال:
أفانينَ مَكْتوبٍ لها دونَ حِقِّها
إذا حَمْلُها راشَ الحِجاجَينِ بالثُّكْلِ
جعَل الحِقَّ وقتًا. وجَمْعُ الحُقَّةِ مِنَ الخَشَبِ حُقَق، قال رُؤبَةُ:
سوَّى مَساحيهنَّ تَقْطيطَ الحُقَقْ
والحَقْحَقةُ: سَيرُ أوَّلِ اللَّيلِ، وقد نُهِي عنه، ويُقالُ: هو إتْعابُ ساعةٍ.
وفي الحَديثِ: ((إيَّاكم والحَقْحَقةَ في الأعْمالِ؛ فإنَّ أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللهِ ما داوَمَ عليه العَبْدُ وإنْ قَلَّ)) [87] أخرج عبدالرزاق (148)، والطبراني (6/217) (6051) بلفظ: ((إيَّاك والحَقْحَقةَ، وعليكَ بِالقَصْدِ ، وداومْ)) صححه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (633)، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/299): إسناده لا بأس به، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/304) .
ونَباتُ الحَقيقِ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، وهو الشِّيصُ.
قحَّ: والقُحُّ: الجافي مِنَ النَّاسِ والأشْياءِ، يُقالُ للبِطِّيخةِ الَّتي لم تَنضَجْ: إنَّها لَقُحٌّ، والفِعلُ: قَحَّ يَقُحُّ قُحوحةً، قال:
لا أبْتَغي سَيبَ اللَّئيمِ القُحِّ
يَكادُ مِن نَحْنحةٍ وأَحِّ
يَحكي سُعالَ الشَّرِقِ الأبَحِّ.
والقُحُّ: الشَّيخُ الفاني. والقُحُّ: الخالِصُ مِن كلِّ شيءٍ. والقُحْقُحُ: فوق القَبِّ شيئًا. والقَبُّ: العَظْمُ النَّاتِئُ مِنَ الظَّهْرِ بَيْنَ الأَلْيتَينِ.

انظر أيضا: