موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الثَّاني: كُتُبُ لُغاتِ القُرآنِ


ظهَرتْ بَوادِرُ هذا اللَّونِ مِنَ التَّأليفِ مُبكِّرًا؛ فقد وصَلَتْنا صَحيفةٌ مَنْسوبةٌ إلى عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنه، وأغْلَبُ الظَّنِّ أنَّها ليست مِن تَأليفِه، جمَعها بعضُ تَلاميذِه أو بعضُ الرُّواةِ ثمَّ نسَبها إليه، ولم تَقْتصِرِ العِنايةُ في هذه الصَّحيفةِ على لُغاتِ القَبائِلِ فقط، بل تَعدَّتْها إلى لُغاتِ الفُرْسِ والنَّبَطِ والحَبَشةِ وغيرِها.
والتَّرْتيبُ المُتَّبَعُ في هذا الكِتابِ هو تَرْتيبُ المُصحَفِ؛ إذْ يَسْتخرِجُ مِن كلِّ سُورةٍ ما فيها مِنَ اللُّغاتِ، ويُرتِّبُها بحسَبِ تَرْتيبِ سُوَرِ القُرآنِ، إلَّا أنَّه لم يُرتِّبْها بتَرْتيبِ الآياتِ، غيرَ أنَّ مُحقِّقَ الكِتابِ تَدخَّل ورتَّب المَواضِعَ بتَرْتيبِ الآياتِ، وأمَّا الطَّريقةُ الَّتي اتُّبِعتْ في هذا الكِتابِ فتَتجلَّى في تَقْديمِ الآيةِ الَّتي فيها اللَّفظُ، ثمَّ تَفْسيرِها، ثمَّ بَيانِ ما فيها مِنَ اللُّغاتِ (اللَّهَجاتِ)، ونادِرًا ما يُسْتطرَدُ إلى الآياتِ الَّتي في السُّوَرِ الأخرى، ووَرَد فيها اللَّفظُ بالمَعْنى نفْسِه.
وتَعاقَبتْ حَرَكةُ التَّأليفِ في هذا البابِ، فَأُلِّفَتْ فيه رَسائِلُ وكُتُبٌ كَثيرةٌ؛ فألَّف مُقاتِلُ بنُ سُليمانَ (الأقْسام واللُّغات) في الأرْجَحِ، وألَّف فيه أيضًا هِشامُ بنُ مُحمَّدٍ الكَلْبيُّ، والهَيثَمُ بنُ عَديٍّ، والفَرَّاءُ، وأبو زيدٍ الأنْصاريُّ، وابنُ دُرَيدٍ -ولم يُتِمَّه- ومُحمَّدُ بنُ يَحيى القَطِيعيُّ، وأحْمَدُ بنُ عليٍّ البَيهَقيُّ الَّذي ألَّف (المُحيط بلُغاتِ القُرآنِ). وقد نُسِب للأصْمَعيِّ أيضًا كِتابٌ في لُغاتِ القُرآنِ، غيرَ أنَّ أكْثَرَ العُلَماءِ يَنْفون تلك النِّسبةَ؛ لِما شُهِر عنه من تَوقِّيه الكَلامَ في الألْفاظِ القُرآنيَّةِ تَورُّعًا منه [35] يُنظر: ((المُعجَم العَربيُّ نشأته وتطوره)) لحسين نصار (1/60). .

انظر أيضا: