موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الثَّالِثُ: القَواعِدُ العامَّةُ لكِتابةِ الفَنِّ القَصَصيِّ


تختَلِفُ أساليبُ الكُتَّابِ في اختيارِ الموضوعاتِ والشَّخصيَّاتِ، وطَريقةِ الِحوارِ والوَصْفِ، وغَيرِ ذلك؛ فليس هناك أُسلوبٌ واحِدٌ ينبغي اتِّباعُه والسَّيرُ على مِنوالِه؛ إذ الكِتابةُ مَوهِبةٌ وطَبعٌ لا يُنْقَلُ، وإنَّما تحتاجُ تلك المَوهِبةُ إلى تعليمٍ وصَقْلٍ، وصَقْلُها يكونُ بالتَّمَرُّنِ وكثرةِ الاطِّلاعِ والتَّمَرُّسِ بالأساليبِ، مع مراعاةِ بَعْضِ الخُطوطِ العَريضةِ والقواعِدِ الَّتي ينبغي أن يتعَهَّدَها المبتَدِئُ في كِتابتِه، وهي:
1- الانفِعالُ بالتَّجْرِبةِ: رُبَّما كانت الحادِثةُ الَّتي يُصَوِّرُها الكاتِبُ في قِصَّتِه أو رِوايتِه عاديَّةً تحدُثُ لجَميعِ البَشَرِ، أو رُبَّما لم تحدُثْ أصلًا، إلَّا أنَّ الواجِبَ على المؤلِّفِ أن ينفَعِلَ بتلك التَّجْرِبةِ وهو يَكتبُ، ويُعايِشَها كأحَدِ أفرادِها، ورُبَّما كان أفضَلُ حَلٍّ أن يذهَبَ بنَفْسِه إلى مَوضوعِه ويُعايِنَه؛ فإذا أراد أن يَكتُبَ رِوايةً عن الفُقَراءِ مَثلًا، فليَذهَبْ إلى البُيوتِ العَشوائيَّةِ والقُرى الرِّيفيَّةِ، فيعايِشْ أهْلَها ويحادِثْهم ويَنظُرْ في طبيعةِ حَياتِهم، فذلك أقوى وأغذى لمادَّةِ قِصَّتِه أو روايتِه.
2- ألَّا تتحَكَّمَ المصادَفاتُ في تطويرِ الحَدَثِ وتَنميَتِه: فالأحداثُ لا بُدَّ أن تتسَلْسَلَ في إطارٍ مَنطِقيٍّ تنبَني أجزاؤُه بَعْضُها على بعضٍ.
3- العَمَلُ على رَسمِ الشَّخْصيَّةِ بحَيثُ لا تكونُ مُتناقِضةً في أقوالِها وأعماِلها، وألَّا يعتَمِدَ الكاتِبُ في رَسمِها على التَّقريرِ، بل على التَّصويرِ والحِوارِ.
4- البَحثُ عن مَوضوعاتِ الأعمالِ: على الكاتِبِ المبتَدِئِ أن يجِدَ في كُلِّ ما حَولَه مَوضوعاتٍ لقِصَصِه ورواياتِه؛ من أحلامِه وطُموحاتِه، من نِقاطِ التَّحَوُّلِ في الحَياةِ، قضايا الأقارِبِ والأصدِقاءِ، المُشكِلاتِ الاجتِماعيَّةِ، الأحداثِ التَّاريخيَّةِ... [173] يُنظر: ((فن التحرير العربي)) لمحمد صالح الشنطي (ص: 189). .

انظر أيضا: