موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الثَّالثُ: مَوقِفُ العُلَمَاءِ منَ التَّرادُفِ


أنكَرَ بَعضُ العُلَماءِ وُقوعَ التَّرادُفِ في العَرَبيَّةِ، والتَمسُوا فُروقًا دَقيقةً بَينَ الكَلماتِ التي يُظَنُّ فيها اتِّحادُ المَعنى، فكان ثَعلَبٌ يَرى: أنَّ ما يَظُنُّه بَعضُهم منَ المُتَرادِفاتِ هو منَ المُتَبايِناتِ، ويُروى أنَّ أبا عليٍّ الفارِسيَّ قال: (كُنتُ بمجلِسِ سيفِ الدَّولةِ بحَلَبٍ، وبالحَضْرةِ جَماعةٌ من أهلِ اللُّغةِ، ومنهمُ ابنُ خالَوَيه، فقال ابنُ خالَوَيه: أحفَظُ للسَّيفِ خَمسينَ اسمًا، فتَبسَّمَ أبو عليٍّ وقال: ما أحفَظُ له إلَّا اسمًا واحِدًا، وهو السَّيفُ. قال ابنُ خالَوَيه: فأينَ المُهنَّدُ والصَّارِمُ وكذا وكذا؟ فقال أبو عليٍّ: هذه صِفاتٌ!) [279] يُنظر: ((تشنيف المسامع بجمع الجوامع)) للزركشي (1/ 420). .
وذَهبَ ابنُ فارِسٍ مَذهَبَ مُعَلِّمِه ثَعلَبٍ، فأنكَرَ وُقوعَ التَّرادُفِ قائِلًا: (ويُسَمَّى الشَّيءُ الواحِدُ بالأسماءِ المُختَلفةِ، نَحوُ: السَّيفِ والمُهنَّدِ والحُسامِ، والذي نَقولُه في هذا: إنَّ الاسمَ واحِدٌ، هو السَّيفُ، وما بَعدَه منَ الألقابِ صِفاتٌ، ومَذهَبُنا أنَّ كُلَّ صِفَّةٍ منها فمَعناها غَيرُ مَعنى الأُخرى، وأمَّا قَولُهم: إنَّ المَعْنيَينِ لَوِ اختَلَفا لَمَا جازَ أن يُعَبَّرَ عنِ الشَّيءِ بالشَّيءِ، فإنَّا نَقولُ: إنَّما عُبِّرَ عنه عن طَريقِ المُشاكَلةِ، ولَسنا نَقولُ: إنَّ اللَّفظَتَينِ مُختَلفَتانِ، فيَلزَمانِ ما قالوه، وإنَّما نَقولُ: إنَّ في كُلِّ واحِدةٍ منهما مَعنًى ليس في الأُخرى) [280] ((الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها)) لابن فارس (ص: 59)، ويُنظر: ((فقه اللغة العربية وخصائصها)) لإميل بديع يعقوب (ص: 174، 177). .

انظر أيضا: