موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الرَّابعُ والعِشرونَ: القولُ بالمُوجِبِ


وهُو نَوْعانِ:
النَّوعُ الأوَّلُ: أنْ تَقعَ صِفةٌ في كَلامِ الغَيرِ كِنايةً عن شيءٍ أُثبِتَ له حكْمٌ، فتُثبِتَ في كَلامِك تلك الصِّفةَ لغيرِ ذلك الشَّيءِ، من غيرِ تَعرُّضٍ لثُبوتِ ذلك الحُكْمِ له أو انْتفائِه عنه
كقَولِه تعالى: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] ؛ فإنَّ المُنافِقينَ حين قالوا ذلك أرادوا بالأعَزِّ فَريقَهم، وبالأذَلِّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَنْ معَه مِنَ المُؤمِنينَ؛ فأثْبَت اللهُ تعالى العِزَّةَ لحِزْبِه وحزْبِ رَسولِه، دُونَ التَّعرُّضِ للإخْراجِ.
النَّوع الثَّاني: حَمْلُ لفْظٍ وقَعَ في كَلامِ غيرِك على خِلافِ مُرادِه ممَّا يَحْتمِلُه ذلك اللَّفظُ بذِكْرِ مُتعلِّقِه
كقَولِ الشَّاعِرِ: الوافِر
وقالُوا قَدْ صَفَتْ منَّا قُلوبٌ
لقَدْ صَدَقوا ولكنْ عنْ وِدادي
فقولُهم: صَفتْ قُلوبُهم، أرادُوا: أخْلَصوا له الحُبَّ وصَفتْ قُلوبُهم عنِ الغِشِّ والكَراهيَةِ، فحمَل ذلك على خِلافِ مُرادِهم، وهُو أنَّه صَفتْ قُلوبُهم عن حُبِّه، أيْ: لم يَعُدْ في قلْبِهم شيءٌ مِنَ الحُبِّ له.
ومنه قولُ الشَّاعِرِ: الرمل
ثمَّ قالت: أنتَ عندي في الهَوى
مِثلُ عَيني صدَقَتْ لكِنْ سَقامَا
أرادتْ أنَّه لها كالعَينِ للجَسدِ في المَكانةِ والقَدْرِ والشُّحِّ بها، وأراد هو أنَّه مِثلُ العَينِ في الضَّعفِ والفُتورِ للمَرأةِ، وضَعفُ عَينِ المَرأةِ صِفةُ حُسْنٍ لها [451] ينظر: ((بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة)) لعبد المتعال الصعيدي (4/ 633)، ((علم البديع)) لعبد العزيز عتيق (ص: 184). .

انظر أيضا: