موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: تَناسُبُ الأطْرافِ


وهُو داخِلٌ في مُراعاةِ النَّظيرِ، غيرَ أنَّه خاصٌّ بالفَواصِلِ والقَوافي وأطْرافِ الكَلامِ، وهُو: "أنْ يُختَمَ الكَلامُ بما يُناسِبُ أوَّلَه في المَعْنى".
كقَولِه تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام: 103] ؛ فإنَّ اللَّطيفَ يُناسِبُ ما لا تُدرِكُه الأبْصارُ، والخَبيرَ يُناسِبُ الإدْراكَ؛ فالمُدرِكُ للشَّيءِ خَبيرٌ به.
ومنه قولُه تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118] ؛ فإنَّه قدْ يَتوهَّمُ البعضُ أنْ تكونَ فاصِلةَ الآيةِ: "الغَفورُ الرَّحيمُ"، لكنَّ ذكْرَ العَزيزِ أبلَغُ؛ لأنَّه لا يَغفِرُ لمَنْ يَستحقُّ العَذابَ إلَّا مَن ليس فوقَه أحدٌ يَرُدُّ عليه حُكمَه، وهُو العَزيزُ الغالِبُ، ثمَّ اسْتتبَع ذلك أنْ يُوصَفَ بالحَكيمِ؛ لئلَّا يُظنَّ أنَّ الغُفرانَ خارِجٌ عنِ الحِكمةِ، بل كلُّ شيءٍ عندَه لِحكْمةٍ ظهَرتْ أو خَفِيتْ.
ومنه قولُه تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ [السجدة: 26-27] ؛ فناسَبَ في الآيةِ الأُولى: أَفَلَا يَسْمَعُونَ لأنَّ المَوعظةَ هنا سَمْعيَّةٌ؛ إذْ لم يَروا إهْلاكَ القومِ السَّابِقينَ وإنَّما تَواترتِ الأخْبارُ بذلك، وناسَبَ في الآيةِ الأخْرى أَفَلَا يُبْصِرُونَ لتَصديرِ الآيةِ بـ أَوَلَمْ يَرَوْا، وأنَّ المَوعظةَ المَذْكورةَ مَرئيَّةٌ مُشاهَدَةٌ كلَّ يومٍ [431] ينظر: ((عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح)) لبهاء الدين السبكي (2/ 234)، ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 323). .

انظر أيضا: