الموسوعة العقدية

 المَجْدُ

صفةٌ ذاتيَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، مِن اسمِه (المَجِيد) الثَّابِتِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، وليسَ (الماجِد) مِن أسمائِه تعالى.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تَعالَى: وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ [البروج: 14-15] (على قِراءةِ الرَّفْعِ في الْمَجِيدُ صِفةً لـ ذُو)، أو خبرًا رابعًا لـ (هو) في قولِه تعالى: وهُوَ الْغَفُورُ
2- قَولُه: رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ [هود: 73] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
حديثُ كَعْبِ بنِ عُجْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه مَرْفوعًا: ((قولوا: اللهمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وعَلى آلِ مُحمَّدٍ، كما صَلَّيتَ على آلِ إِبراهيمَ، وبارِكْ علَى مُحمَّدٍ وعلى آلِ مُحمَّدٍ، كما بارَكتَ على آلِ إبراهيمَ في العالَمينَ؛ إنَّك حَميدٌ مَجيدٌ )) .
قال ابنُ قُتَيبةَ: (مَجْدُ اللهِ: شَرَفُه، وكَرَمُهـ) .
قال الزَّجَّاجُ: (المَجِيدُ: أصلُ المجْدِ في الكَلامِ الكَثرةُ والسَّعَةُ، وهو مأخوذٌ من قَولِهم: أمجَدْتُ الدَّابَّةَ: إذا أكثَرْتُ عَلَفَها، وفي المثَلِ: في كُلِّ شَجَرٍ نارٌ، واستمجَدَ المَرخُ والعَفارُ، أي: أكثَرَ منها. فالماجِدُ في اللُّغةِ: الكَثيرُ الشَّرَفِ، واللهُ تعالى ذِكْرُه أمجَدُ الأمجَدِينَ وأكرَمُ الأكرَمينَ) .
وقال الزَّجَّاجيُّ: (المَجيدُ: الكريمُ. والمجدُ: الكَرَمُ، يقالُ: اشتقاقُه مِن قَولِ العَرَبِ: أمجَدْتُ الدَّابَّةَ عَلَفًا: إذا أكثَرْتَه لها، فكأنَّ المجيدَ المبالِغُ في الكَرَمِ، المتناهي فيهـ) .
وقال الخطَّابيُّ: (المجيدُ: المجيدُ هو الواسِعُ الكَرَمِ، وأصلُ المجدِ في كلامِهم: السَّعةُ. يُقالُ: رجُلٌ ماجِدٌ: إذا كان سَخِيًّا واسِعَ العَطاءِ، وفي بعضِ الأمثالِ: في كُلِّ شَجَرٍ نارٌ، واستمجَدَ المرخُ والعَفَارُ أي: استَكثَرا منها) .
وقال الحليميُّ: (معناه: المنيعُ المحمودُ؛ لأنَّ العَرَبَ لا تقولُ لكُلِّ محمودٍ مجيدًا، ولا لكُلِّ مَنيعٍ مَجيدًا، أو قد يكونُ الواحِدُ مَنيعًا غيرَ محمودٍ، كالمتآمِرِ الخليعِ الجائِرِ، أو اللِّصِّ المتحَصِّنِ ببَعضِ القِلاعِ، وقد يكونُ محمودًا غيرَ مَنيعٍ، كأميرِ السُّوقةِ، والصَّابرينَ مِن أهلِ القِبلةِ، فلمَّا لم يُقَلْ لكُلِّ واحدٍ منهما مجيدٌ، عَلِمْنا أنَّ المجيدَ مَن جَمَع بينهما، فكان مَنيعًا لا يُرامُ، وكان في مَنعتِه حَسَنَ الخِصالِ جَميلَ الفِعالِ، والباري جَلَّ ثناؤُه يَجِلُّ عن أن يُرامَ، وأن يُوصَلَ إليه، وهو مع ذلك مُحسِنٌ مُجمِلٌ لا يستطيعُ العَبدُ أن يحصِيَ نِعمتَه ولو استنفَذَ فيه مُدَّتَه، فاستحَقَّ اسمَ المَجيدِ، وما هو أعلى منهـ) .
وقال ابنُ القَيِّمِ:
(وَهُوَ المَجِيدُ صِفاتُهُ أَوْصَافُ تَعْـ                 ـظِيمٍ فَشَأْنُ الوَصْفِ أعْظَمُ شَانِ) .
وقال أيضًا: (أمَّا المجدُ فهو مُستلزمٌ للعظَمةِ والسَّعةِ والجلالِ، كما يدلُّ على موضوعِه في اللُّغة؛ فهو دالٌّ على صِفاتِ العَظمةِ والجلالِ، والحَمدُ يدلُّ على صِفاتِ الإكرامِ، واللهُ سُبحانَه ذُو الجلالِ والإكرامِ، وهذا معنَى قولِ العَبدِ: «لا إلهَ إلَّا اللهُ»، و«اللهُ أكبرُ»؛ فـ «لا إِلهَ إلَّا اللهُ» دالٌّ على أُلوهيَّتِه وتفرُّدِه فيها، فألوهيَّتُه تستلزمُ مَحبَّتَه التامَّةَ، و«اللهُ أَكبرُ» دالٌّ على مَجْدِه وعَظمتِهـ) .
وقال ابنُ مَنظورٍ: (المجدُ: المروءةُ والسَّخاءُ، والمجدُ: الكَرَمُ والشَّرَفُ، والمجيدُ: مِن صِفاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وفَعيلٌ أبلغُ مِن فاعِلٍ، فكأنَّه يَجمَعُ معنى الجليلِ والوهَّابِ والكريمِ) .
وقال السَّعْديُّ: (المَجيدُ الكبيرُ العظيمُ الجليلُ: وهو الموصوفُ بصِفاتِ المجدِ والكِبرياءِ، والعَظمةِ والجلالِ...) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (15/ 302)
  2. (2) أخرجه البخاري (4797)، ومسلم (406).
  3. (3) يُنظر: ((تفسير غريب القرآن)) (ص: 19).
  4. (4) يُنظر: تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص: 53).
  5. (5) يُنظر: ((اشتقاق أسماء اللهـ)) (ص: 152).
  6. (6) يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 74).
  7. (7) يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 197).
  8. (8) يُنظر: ((الكافية الشافية)) (3/707).
  9. (9) يُنظر: ((جلاء الأفهام)) (ص: 174).
  10. (10) يُنظر: ((لسان العرب)) (6/4138).
  11. (11) يُنظر: ((تفسر السعدي)) (5/300).