الموسوعة العقدية

 الْعَزْمُ

صفةٌ فِعليَّةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بِالسُّنَّة الصَّحِيحَةِ.
الدَّليلُ:
حديثُ أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: ((… فلما تُوُفِّيَ أبو سلمةَ قلتُ: مَنْ خَيْرٌ من أبي سَلمةَ؛ صاحبِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟! ثُمَّ عَزَمَ اللهُ لي، فقلْتُها. قالت: فتزوجْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )) .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (هل يجوزُ وصْفُه بالعَزْمِ؟ فيه قولانِ: أحَدُهما: المنعُ، كقَولِ القاضي أبي بكرٍ والقاضي أبي يَعْلَى. والثَّاني: الجوازُ، وهو أصحُّ؛ فقد قرأ جماعةٌ من السَّلَف: فَإِذَا عَزَمْتُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [آل عمران: 159] بالضَّمِّ، وفي الحديثِ الصَّحيحِ مِن حديثِ أمِّ سَلَمَةَ: ((ثمَّ عَزَمَ اللهُ لي))) .
قال الثعلبي: (قرأ جَعفَرٌ الصَّادِقُ رَضِيَ اللهُ عنه، وجابِرُ بنُ زيدٍ: فَإِذَا عَزَمْتُ بضَمِّ التَّاءِ، أي: عزَمْتُ لك ووفَّقْتُك وأرشَدْتُك، فتوكَّلْ على اللهِ) .
وقال أبو الفَتحِ ابنُ جِنِّي: (قراءةُ جابِرِ بنِ يزيدٍ، وأبي نُهَيكٍ، وعِكْرمةَ، وجَعفرِ بنِ محمَّدٍ: فَإِذَا عَزَمْتُ بضَمِّ التَّاءِ.
قال أبو الفَتحِ: تأويلُه عندي -واللهُ أعلَمُ- فإذا أَريتُك أمرًا فاعمَلْ به وصِرْ إليهـ) .
وقال القُرْطبيُّ: (قرأ جَعفَرٌ الصَّادِقُ وجابِرُ بنُ زيدٍ: فإذا عَزَمْتُ بضمِّ التَّاءِ، نَسَب العَزمَ إلى نفسِه سُبحانَه؛ إذ هو بهدايتِه وتوفيقِه، كما قال: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال: 17] . ومعنى الكلامِ: أي: عزَمْتُ لك ووفَّقْتُك وأرشَدْتُك، فتوكَّلْ على اللهِ) .
قال مُسلِمٌ في مقدِّمَةِ صَحيحِه: (ولِلَّذِي سألتَ -أكْرمَك اللهُ- حين رجعتُ إلى تدبُّره وما تَؤُولُ به الحالُ إنْ شاء اللهُ: عاقبةٌ محمودةٌ، ومنفعةٌ موجودةٌ، وظَننتُ حين سألتَنِي تجشُّمَ ذلك أنْ لو عُزِمَ لي عليه، وقُضِي لي تمامُه، كان أوَّلُ مَن يُصيبه نفعُ ذلك إيَّاي خاصةً قبلَ غيري من النَّاسِ؛ لأسبابٍ كثيرةٍ يطولُ بذِكرها الوَصفُ…). فقَولُه: (لو عُزِمَ لي) أي: لو عَزَمَ اللهُ لي، أشار إلى ذلك ابنُ تَيميَّةَ .
ومعنى العَزْمِ في اللُّغةِ: الْجِدُّ وإرادةُ الفِعلِ، وهو في حقِّ المخلوقينَ عقدُ القلبِ على إمضاءِ الأمْرِ، ولا نقولُ في حقِّ اللهِ: كيف؟ ولا نشبِّهُه بخَلقِه، بل نُثْبِتُه على وَجهٍ يليقُ بجَلالِه وعَظَمتِه، فـلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه مسلم (918).
  2. (2) يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (16/303).
  3. (3) يُنظر: ((تفسير الثعلبي)) (3/ 192).
  4. (4) يُنظر: ((المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها)) (1/ 176).
  5. (5) يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (4/ 252).
  6. (6) يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (16/304).