الموسوعة العقدية

 الخُلَّةُ

صفةٌ فِعليَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، ثابتةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ يُحِبُّ ويُخالِلُ مَن يشاءُ، ويكرَهُ ويُبغِضُ مَن يشاءُ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
قولُه تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء: 125] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
1- حديثُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنه مَرفوعًا: ((... وقد اتَّخَذَ اللهُ صاحبَكم خَلِيلًا )) ، يعني نَفْسَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
2- حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قيل: يا رسولَ اللهِ، مَن أكرَمُ النَّاسِ؟ قال: ((أَتْقَاهم))، فقالوا: ليس عن هذا نسأَلُكَ، قال: ((فيوسُفُ نبيُّ اللهِ ابنُ نبيِّ اللهِ ابنِ نبيِّ اللهِ ابنِ خليلِ اللهِ... )) .
قال ابنُ الأنباريِّ: (الخَليلُ فَعيلٌ مِن الخُلَّةِ، والخُلَّةُ: الموَدَّةُ. وقال بعضُ أهلِ اللُّغةِ: الخَليلُ: المحِبُّ، والمحِبُّ: الذي ليس في محبَّتِه نقصٌ ولا خَلَلٌ. قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا فمعناه: أنَّه كان يحِبُّ اللهَ ويحِبُّه اللهُ محبَّةً لا نَقْصَ فيها ولا خَلَلَ) .
وقال السَّمعانيُّ: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا يعني: حبيبًا لا خَلَلَ في حُبِّه، والخُلَّةُ: صفاوةُ المودَّةِ، فمعناه: أنَّه اتَّخَذه حبيبًا، وجعَلَه صَفِيَّه، وخاصَّ نَفْسِه، كما يكونُ الحبيبُ مع الحبيبِ، قال الشَّاعِرُ:
(قد تخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ منِّي ... وبذا سُمِّيَ الخليلُ خليلَا) .
وقال البَغويُّ: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا صفيًّا، والخُلَّةُ: صفاءُ المَودَّةِ)، ثمَّ قال: (... قال الزَّجَّاجُ: معنى الخليلِ: الَّذي ليس في مَحبَّتِه خَلَلٌ، والخُلَّةُ: الصَّداقةُ، فَسُمِّيَ خليلًا؛ لأنَّ اللهَ أحَبَّه واصْطفاهـ) .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وهذا من بابِ الترغيبِ في اتباعِه؛ لأنَّه إمامٌ يُقتدى به؛ حيث وَصَل إلى غايةِ ما يتقَرَّبُ به العبادُ له؛ فإنَّه انتهى إلى درجةِ الخُلَّةِ التي هي أرفَعُ مقاماتِ المحبَّةِ، وما ذاك إلَّا لكثرةِ طاعتِه لرَبِّه، كما وصَفَه به في قَولِه: وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى [النجم: 37] ... وإنَّما سُمِّيَ خليلَ اللهِ؛ لشِدَّةِ محبَّةِ رَبِّه -عَزَّ وجَلَّ- له؛ لِمَا قام له مِن الطَّاعةِ التي يحِبُّها ويرضاها) .
ونقَل ابنُ تيميَّةَ مِن كلامِ أبي عبدِ اللهِ مُحمَّدِ بنِ خَفيفٍ مِن كِتابه: (اعتقادُ التَّوحيدِ بإثباتِ الأسماءِ والصِّفاتِ) قَولُه: (الخُلَّة والمحبَّةُ صفتانِ للهِ هو موصوفٌ بهما، ولا تدخُلُ أوصافُه تحتَ التَّكييفِ والتَّشبيهِ، وصِفاتُ الخَلْقِ مِن المحبَّةِ والخُلَّةِ جائزٌ عليها الكَيْفُ...) .

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه مسلم (2383).
  2. (2) أخرجه البخاري: (3353)، ومسلم (4383).
  3. (3) يُنظر: ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) (1/ 493).
  4. (4) يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (1/ 484).
  5. (5) يُنظر: ((تفسير البغوي)) (1/705).
  6. (6) يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/ 422).
  7. (7) يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (5/80) (5/71).