الموسوعة العقدية

الآخِرِيَّةُ

صِفةٌ ذاتيَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، وذلِك مِثلُ اسمِه (الآخِر)، وهو ثابتٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
 قولُ اللهِ تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد: 3] .
قال ابنُ جريرٍ: (يقولُ تعالى ذِكْرُه: هُوَ الْأَوَّلُ [الحديد: 3] قَبلَ كُلِّ شَيءٍ بغيرِ حَدٍّ، وَالْآخِرُ [الحديد: 3] يقولُ: والآخِرُ بعدَ كُلِّ شَيءٍ بغيرِ نهايةٍ، وإنَّما قيل ذلك كذلك؛ لأنَّه كان ولا شيءَ موجودٌ سِواه، وهو كائِنٌ بعد فَناءِ الأشياءِ كُلِّها، كما قال جَلَّ ثناؤه: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88] .
وقَولُه: وَالظَّاهِرُ [الحديد: 3] يقولُ: وهو الظَّاهِرُ على كُلِّ شَيءٍ دونَه، وهو العالي فوقَ كُلِّ شيءٍ؛ فلا شيءَ أعلى منه وَالْبَاطِنُ [الحديد: 3] يقولُ: وهو الباطِنُ جميعَ الأشياءِ؛ فلا شيءَ أقرَبُ إلى شيءٍ منه، كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16] ) [1434] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/ 385). .
وقال البَغَويُّ: (يعني: هو الأوَّلُ قبل كُلِّ شَيءٍ بلا ابتداءٍ، بل كان هو، ولم يكُنْ شَيءٌ موجودًا، والآخِرُ بعد فَناءِ كُلِّ شَيءٍ، بلا انتهاءٍ، تفنى الأشياءُ ويبقى هو، والظَّاهِرُ: الغالِبُ العالي على كُلِّ شَيءٍ، والباطِنُ: العالِمُ بكُلِّ شَيءٍ) [1435] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (5/ 26). .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اللهمَّ ربَّ السَّمواتِ، وربَّ الأرضِ، وربَّ العرشِ العَظيمِ، ربَّنا وربَّ كُلِّ شَيءٍ، فالقَ الحَبِّ والنَّوى، ومُنْزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والفُرقانِ، أعوذُ بِكَ مِن شرِّ كُلِّ شَيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه، اللهمَّ أنتَ الْأَوَّلُ فليسَ قَبْلَك شيءٌ، وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَك شَيءٌ، وأنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَكَ شَيءٌ، وأنتَ الباطنُ فليسَ دُونَك شَيءٌ؛ اقْضِ عنَّا الدَّيْنَ، وأَغِنْنا من الفَقرِ )) [1436] أخرجه مسلم (2713). .
قال ابنُ باز: (الأوَّلُ والظَّاهِرُ هو اللهُ وَحْدَه سُبحانَه، وهو الذي قَبلَ كُلِّ شَيءٍ وبعد كُلِّ شَيءٍ سُبحانَه وتعالى. وهو الظَّاهِرُ فوقَ جميعِ خَلْقِه، والباقي بَعْدَهم) [1437] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (7/ 292). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (من الأسماءِ: الأوَّلُ، والآخِرُ، والظَّاهِرُ، والباطِنُ. ومن الصِّفاتِ: الأوَّلِيَّةُ والآخِريَّةُ، وفيهما الإحاطةُ الزَّمانيَّةُ. والظَّاهريَّةُ والباطنيَّةُ، وفيهما الإحاطةُ المكانيَّةُ) [1438] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) (2/ 52). .

انظر أيضا: