الموسوعة العقدية

الفَرْعُ الرَّابِعُ: حُكمُ اشتقاقِ اسمٍ للهِ مِن الأفعالِ والصِّفاتِ المنقَسِمةِ إلى كَمالٍ ونَقصٍ

إنَّ الصِّفةَ إذا كانت مُنقَسِمةً إلى كمالٍ ونَقصٍ، لم تدخُلْ بمُطلَقِها في أسمائِه، بل يُطلَقُ عليه منها كَمالُها، وهذا كالمُريدِ والفاعِلِ والصَّانِعِ؛ فإنَّ هذه الألفاظَ لا تَدخُلُ في أسمائِه؛ ولهذا غَلِطَ مَن سَمَّاه بالصَّانِعِ عند الإطلاقِ؛ فإنَّ الإرادةَ والفِعلَ والصُّنعَ مُنقَسِمةٌ؛ ولهذا إنَّما أَطلقَ على نَفْسِه مِن ذلك أكمَلَه فِعلًا وخَبَرًا [1145] يُنظر: ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (1/284). .
قال ابنُ عُثَيمين: (المَكْرُ. قال العُلَماءُ في تفسيرِه: إنَّه التَّوصُّلُ بالأسبابِ الخَفِيَّةِ إلى الإيقاعِ بالخَصْمِ، يعني: أن تَفعَلَ أسبابًا خَفِيَّةً فتوقِعَ بخَصْمِك وهو لا يُحِسُّ ولا يدري، ولكِنَّها بالنِّسبةِ لك مَعْلُومةٌ مُدَبَّرةٌ.
والمكرُ يكونُ في مَوضِعٍ مَدحًا، ويكونُ في مَوضِعٍ ذَمًّا؛ فإن كان في مُقابلةِ مَن يَمكُرُ فهو مَدحٌ؛ لأنَّه يَقتَضي أنَّك أنت أقوى منه، وإن كان في غيرِ ذلك فهو ذَمٌّ، ويُسَمَّى خيانةً؛ ولهذا لم يَصِفِ اللهُ نَفْسَه به إلَّا على سَبيلِ المقابَلةِ والتَّقييدِ، كما قال اللهُ تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [النمل: 50] ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ [الأنفال: 30] ، ولا يُوصَفُ اللهُ سُبحانَه وتعالى به على الإطلاقِ؛ فلا يُقالُ: إنَّ اللهَ ماكِرٌ، لا على سَبيلِ الخبَرِ، ولا على سَبيلِ التَّسميةِ؛ ذلك لأنَّ هذا المعنى يكونُ مَدحًا في حالٍ، ويكونُ ذَمًّا في حالٍ؛ فلا يمكِنُ أن نَصِفَ اللهَ به على سبيلِ الإطلاقِ) [1146] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) (1/ 331). .

انظر أيضا: