الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الثَّاني: العِلْمُ بأسْماءِ اللهِ وصِفاتِه أصلٌ للعِلمِ بكُلِّ ما سِواه

إحصاءُ الأسماءِ الحُسنى والعِلْمُ بها: أصلٌ للعِلْمِ بكُلِّ مَعْلُومٍ؛ فإنَّ المَعْلُوماتِ سِوى اللهِ تعالى إمَّا أن تكونَ خَلًقا له تعالى، أو أمرًا، فهي إمَّا عِلمٌ بما كوَّنَه، أو عِلمٌ بما شَرَعَه، ومَصدَرُ الخَلْقِ والأمرِ هو أسماؤُه الحُسنى، فمن أحصى أسماءَه كما ينبغي أحصى جميعَ العُلُومِ؛ لأنَّ كُلَّ المَعْلُوماتِ هي مِن مُقتَضاها، ومُرتَبِطةٌ بها [961] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/569)، ((تفسير السعدي)) (ص: 35). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (فإنَّ كُلَّ ما يُعلَمُ ويُقالُ يدخُلُ في معرفةِ اللهِ؛ إذْ لا موجودَ إلَّا وهو خَلْقُه، وكُلُّ ما في المخلوقاتِ مِن الصِّفاتِ والأسماءِ والأقدارِ والأفعالِ فإنَّها شواهِدُ ودلائِلُ على ما للهِ سُبحانَه من الأسماءِ الحُسْنى والصِّفاتِ العُلا؛ إذ كُلُّ كمالٍ في المخلوقاتِ فمِن أَثَرِ كَمالِه، وكُلُّ كَمالٍ ثَبَت لمخلوقٍ فالخالِقُ أحَقُّ به، وكُلُّ نَقصٍ تنَزَّه عنه مخلوقٌ فالخالِقُ أحَقُّ بتنزيهِه عنه) [962] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (7/569). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (العِلْمُ به تعالى أصلٌ للعِلْمِ بكُلِّ ما سِواه، فالعِلْمُ بأسمائِه وإحصاؤُها أصلٌ لسائِرِ العُلُومِ، فمن أحصى أسماءَه كما ينبغي للمَخلوقِ أحصى جميعَ العُلُومِ؛ إذ إحصاءُ أسمائِه أصلٌ لإحصاءِ كُلِّ مَعْلُومٍ؛ لأنَّ المَعْلُوماتِ هي مِن مُقتَضاها ومُرتَبِطةٌ بها) [963] يُنظر: ((بدائع الفوائد)) (1/287). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (لا حياةَ للقُلوبِ ولا نَعيمَ ولا لَذَّةَ ولا سُرورَ ولا أمانَ ولا طُمَأنينةَ إلَّا بأن تَعرِفَ ربَّها ومَعبودَها وفاطِرَها بأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه، ويكونَ أحَبَّ إليها مِمَّا سِواه، ويكونَ سَعْيُها فيما يُقَرِّبُها إليه ويُدْنيها من مَرْضاتِه، ومِن المُحالِ أن تَستَقِلَّ العُقولُ البَشَريَّةُ بمعرفةِ ذلك وإدراكِه على التَّفصيلِ؛ فاقتَضَت رحمةُ العزيزِ الرَّحيمِ أنْ بَعَث الرُّسُلَ به مُعَرِّفينَ، وإليه داعِينَ، ولِمن أجابهم مُبَشِّرينَ، ومَن خالَفَهم مُنذِرينَ، وجَعَل مِفتاحَ دَعوتِهم وزُبدةَ رِسالتِهم مَعرِفةَ المعبودِ سُبحانَه بأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه؛ إذ على هذه المعرفةِ تَنبني مَطالِبُ الرِّسالةِ جميعُها) [964] يُنظر: ((الصواعق المرسلة)) (1/ 150). .

انظر أيضا: