الموسوعة العقدية

المبحثُ الثَّالِثُ: من شُروطِ انعِقادِ الإمامةِ: العَقلُ

فلا تَنعَقِدُ وِلايةٌ لذاهِبِ عَقلٍ بجُنونٍ أو غَيرِه.
قال الغَزاليُّ: (من صِفاتِ الأئِمةِ وشُروطِ الإمامةِ... الأُولَى البُلوغُ، فلا تَنعَقِدُ الإمامةُ لصَبيٍّ لم يَبلُغْ. الثَّانيةُ: العَقْلُ، فلا تَنعَقِدُ لمَجنونٍ؛ فإنَّ التكليفَ مِلاكُ الأمرِ وعِصامُه، ولا تَكليفَ على صَبيٍّ ومَجنونٍ) .
وزَوالُ العَقلِ بالنِّسبةِ للحاكِمِ أنواعٌ:
1- ما كان عارِضًا مَرجوًّا زَوالُهُ، كالإغماءِ، فهذا قال عنه أبو يَعلَى: (لا يَمنَعُ عَقْدَها ولا استِدامَتَها؛ لأنَّه مَرَضٌ قَليلُ اللُّبثِ، ولِأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أغمِيَ عليه في مَرَضِه .
وقال الماوَرديُّ: (أمَّا زَوالُ العَقلِ فضَربانِ:
أحَدُهما: ما كان عارِضًا مَرجوَّ الزَّوالِ كالإغماءِ، فهذا لا يَمنَعُ من انعِقادِ الإمامةِ، ولا يُخرِجُ منها؛ لأنَّه مَرَضٌ قَليلُ اللُّبثِ، سَريعُ الزَّوالِ، وقد أغمِيَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَرَضِه) .
2 - ما كان لازِمًا لا يُرجَى زَوالُهُ، كالجُنونِ والخَبَلِ، وهذا يَنقَسِمُ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ:
أ- ما كان مُطْبِقًا لا يَتَخَلَّلُه إفاقةٌ، فهذا يَمنَعُ الابتِداءَ والاستِدامةَ، وإذا طَرَأ عليه أبطَلَها؛ لأنَّه يَمنَعُ مَقصودَ الوِلايةِ.
ب- ما كان أكثَرُ زَمانِه الخَبلَ، فهذا مِثلُ المُطْبِقِ.
جـ- ما كان أكثَرُ زَمانِه الإفاقةَ، فهذا يَمنَعُ من عَقدِ الإمامةِ، واختُلِفَ في مَنعِه من استِدامَتِها .
ولا يُكتَفَى أن يَكونَ الإمامُ عاقِلًا فقَط، بَل لا بُدَّ أن يَكونَ على دَرَجةٍ عاليةٍ من الذَّكاءِ والفِطنةِ تُمَكِّنُه من التفكيرِ في قَضايا الأمَّةِ، وإيجادِ الحُلولِ المُناسِبةِ لَها .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((فضائح الباطنية)) (ص: 180).
  2. (2) لفظ الحديث: عن سالم بن عبيد رَضِيَ اللهُ عنه قال: (أغميَ على رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَرَضِه...). أخرجه ابن ماجه (1234) واللَّفظُ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7119). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1234)، وصحَّح إسنادَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/533)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/185).
  3. (3) يُنظر: ((الأحكام السلطانية)) (ص: 21).
  4. (4) يُنظر: ((الأحكام السلطانية)) (ص: 43).
  5. (5) يُنظر: ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: 43)، ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى: (ص: 21).
  6. (6) يُنظر: ((الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة)) للدميجي (ص: 237).