الموسوعة العقدية

المَبْحَثُ الثَّامِنُ: من قواعِدِ وضوابِطِ التَّكفيرِ عند أهلِ السُّنَّةِ: مُراعاةُ وجودِ الشُّروطِ وانتفاءِ الموانِعِ

قال ابنُ تيميَّةَ: (ثبوتُ حُكمِ التَّكفيرِ في حَقِّه أي المُعَيَّن متوقِّفٌ على تحقُّقِ شُروطٍ وانتفاءِ موانِعَ؛ فلا يُحكَمُ بكُفرِ شَخصٍ بعَينِه إلَّا أن يُعلَمَ أنَّه منافِقٌ، بأن قامت عليه الحُجَّةُ النبَويَّةُ التي يَكفُرُ من خالفها ولم يَقبَلْها) [1343] يُنظر: ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (1/139). .
وقال أيضًا: (الشَّخصُ المُعَيَّنُ لا يُشهَدُ عليه بالوَعيدِ، فلا يُشهَدُ لمُعَيَّنٍ مِنْ أهلِ القِبلةِ بالنَّارِ؛ لجوازِ ألَّا يَلحَقَه الوَعيدُ لفَواتِ شَرطٍ، أو ثُبوتِ مانعٍ؛ فقد لا يكونُ التَّحريمُ بَلَغه، وقد يتوبُ مِنْ فِعلِ المُحَرَّم، وقد تكونُ له حَسَناتٌ عَظيمةٌ تمحو عُقوبةَ ذلك المُحَرَّمِ، وقد يُبتَلى بمصائِبَ تُكَفِّرُ عنه، وقد يَشفَعُ فيه شَفيعٌ مُطاعٌ.
وهكذا الأقوالُ التي يَكفُرُ قائلُها، قد يكونُ الرَّجُلُ لم تَبلُغْه النُّصوصُ المُوجِبةُ لمَعرفةِ الحَقِّ، وقد تكونُ عنده ولم تَثبُتْ عندَه، أو لم يتمَكَّنْ مِنْ فَهْمِها، وقد يكونُ قد عَرَضَت له شُبُهاتٌ يَعذِرُه اللهُ بها، فمَنْ كان من المُؤمِنينَ مُجتَهِدًا في طَلَبِ الحَقِّ وأخطأَ، فإنَّ اللهَ يَغفِرُ له خَطَأه كائنًا ما كان، سواءٌ كان في المسائِلِ النَّظريَّةِ أو العَمَليَّةِ، هذا الذي عليه أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجماهيرُ أئمَّةِ الإسلامِ) [1344] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (23/345). .

انظر أيضا: