الموسوعة العقدية

المَبحثُ الأوَّلُ: الشَّهادتان

الشَّهادتان هما أوَّلُ هذه الأركانِ، وهما الأساسُ الأعظَمُ في بنيانِ الإسلامِ.
وهما شهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، فلا يدخُلُ العَبدُ الإسلامَ إلَّا بهما، ولا يخرجُ منه إلَّا بمناقَضتِهما؛ إمَّا جحودًا لِما دَلَّتا عليه، أو باستكبارٍ عَمَّا استلزَمَتاه؛ ولهذا لم يَدْعُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى شَيءٍ قَبْلَهما، ولم يقبَلِ اللهُ تعالى ولا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من أحَدٍ شيئًا دونَهما، فبالشَّهادةِ الأُولى يَعرِفُ المعبودَ، وما يجِبُ له، وبالثانيةِ يَعرِفُ كيف يعبُدُه، وبأيِّ طريقٍ يَصِلُ إليه، وكيف يؤمِنُ بالعبادةِ أحَدٌ قبل تعريفِه بالمعبودِ، وكيف يؤدِّيها من لم يَعرِفْ كيف أمرَ اللهُ أن يُعبَدَ؟!
ففي الشَّهادةِ الأُولى: توحيدُ المعبودِ الذي ما خَلَق الخَلْقَ إلَّا ليعبُدوه وَحْدَه لا شريكَ له، وفي الشَّهادةِ الثَّانيةِ: توحيدُ الطَّريقِ الذي لا يوصَلُ إلى اللهِ تعالى إلَّا منه، ولا يَقبَلُ دِينًا مِمَّن ابتغى غيرَه ورَغِبَ عنه، فإنَّ عبادةَ اللهِ تعالى التي خَلَق الخَلْقَ لها، وقضى عليهم إفرادَه بها: هي أمرٌ جامِعٌ لكُلِّ ما يحِبُّه اللهُ تعالى ويرضاه؛ اعتقادًا وقولًا وعَمَلًا، ومعرفةُ محابِّه تعالى ومرضاتُه لا تحصُلُ إلَّا من طريقِ الشَّرعِ الذي أرسَلَ به رَسولَه، وأنزل به كتابَه قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران: 31] .

انظر أيضا: