الموسوعة العقدية

الفَرْعُ الثَّاني: تعريفُ التَّوحيد اصطِلاحًا

التَّوحيدُ اصطِلاحًا: إفرادُ اللهِ سُبحانَه بما يختصُّ به من الرُّبوبيَّةِ والألوهيَّةِ والأسماءِ والصِّفاتِ .
قال ابنُ القَيِّم: (ليس التَّوحيدُ مجرَّدَ إقرارِ العَبدِ بأنَّه لا خالِقَ إلَّا اللهُ، وأنَّ اللهَ ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه، كما كان عبَّادُ الأصنامِ مُقرِّين بذلك وهم مُشرِكون، بل التَّوحيدُ يتضمَّنُ من محبَّة اللهِ، والخُضوعِ له، والذُّلِّ له، وكمالِ الانقيادِ لطاعتِه، وإخلاصِ العبادةِ له، وإرادةِ وَجْهِه الأعلى بجَميعِ الأقوالِ والأعمالِ، والمنعِ والعَطاءِ، والحبِّ والبُغضِ- ما يحولُ بين صاحِبِه وبين الأسبابِ الدَّاعيةِ إلى المعاصي والإصرارِ عليها، ومَن عَرَف هذا عَرَف قولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ حرَّم على النَّارِ من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، يبتغي بذلك وَجْهَ اللهِ )) ... وما جاء من هذا الضَّربِ مِن الأحاديثِ التي أَشكَلت على كثيرٍ من النَّاسِ، حتى ظنَّها بعضُهم منسوخةً، وظنَّها بعضُهم قيلَت قَبلَ وُرودِ الأوامِرِ والنَّواهي واستِقرارِ الشَّرعِ، وحمَلَها بعضُهم على نارِ المشركينِ والكفَّارِ، وأوَّلَ بعضُهم الدُّخولَ بالخُلودِ، وقال: المعنى لا يدخُلُها خالدًا، ونحو ذلك من التَّأويلاتِ المُستَكرَهةِ. والشَّارعُ -صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه- لم يجعَلْ ذلك حاصلًا بمجرَّدِ قَولِ اللِّسانِ فقط، فإنَّ هذا خلافُ المعلومِ بالاضطرارِ مِن دينِ الإسلامِ؛ فإنَّ المنافقينَ يقولونَها بألسِنَتِهم، وهم تحتَ الجاحِدينَ لها؛ في الدَّركِ الأسفَلِ من النَّارِ، فلا بدَّ من قَولِ القَلبِ، وقَولِ اللِّسانِ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((شفاء العليل)) لابن القيم (ص: 366)، ((القول المفيد)) لابن عثيمين (1/11).
  2. (2) أخرجه البخاري (425)، ومسلم (33) من حديثِ عتبانَ بنِ مالكٍ رَضِيَ الله عنه.
  3. (3) يُنظر: ((مدارج السالكين)) (1/339).