الموسوعة العقدية

المبحثُ العِشرونَ: من قَواعِدِ الرَّدِّ على المُخالِفينَ: الحَيدةُ عن الجَوابِ دَلالةٌ على انقِطاعِ الحُجَّةِ

الحَيدةُ هي: جوابُ السَّائِلِ بغيرِ ما سأل عنه، ومثالُ الحَيدةِ ما ذَكَره اللهُ تعالى في قِصَّةِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ مع قَومِه فقال: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ [الشعراء: 70 - 73] فصاروا بين أمرَينِ: أن يقولوا بالإيجابِ، وليس لهم حُجَّةٌ على ذلك إلَّا مجرَّدُ الدَّعوى، أو يقولوا بالنَّفيِ، فتظهَرَ حُجَّةُ إبراهيمَ عليهم، فلمَّا أدركوا أنَّ أيًّا من الأمرينِ لا يَصلُحُ جوابًا يخلِّصُهم، حادوا عن الجوابِ، فـ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [الشعراء: 74] ، وهذا ليس جوابًا لسُؤالِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، وإنَّما حَيدةٌ وانقِطاعٌ [237] يُنظر: ((الحيدة)) للكناني (ص: 44). .
ومن أمثلةِ حَيدةِ أهلِ البِدَعِ ما أجاب به بِشرٌ المِرِّيسيُّ عبدَ العزيزِ المكِّيَّ حين سأله: هل لله علمٌ؟ فقال بِشرٌ: اللهُ لا يَجهَلُ [238] يُنظر: ((الحيدة)) للكناني (ص: 44). ؛ لأنَّه أدرك إن هو أجاب بالإثباتِ فقد أبطل حُجَّتَه في كونِ القُرآنِ مَخلوقًا؛ لأنَّه لا يستطيعُ أن يقولَ: عِلمُ اللهِ مَخلوقٌ، والقرآنُ مِن عِلمِ اللهِ، وإن أجاب بالنَّفيِ كان ذلك منه تكذيبًا صريحًا بنُصوصِ التَّنزيلِ، فحاد عن الجوابِ؛ لئلَّا يَلزَمَه أحدُ الوجهَينِ [239] يُنظر لهذه القواعد: ((منهج الاستدلال على مَسائِل الاعتقاد)) لعثمان حسن (2/689). .

انظر أيضا: