أ- مِنَ الشِّعرِ
1- قال كُلثومُ بنُ عَمرٍو التَّغلِبيُّ، من شُعَراءِ الدَّولةِ العبَّاسيَّةِ:إنَّ الكريمَ ليُخفي عنك عُسْرَتَه
حتَّى تراه غَنِيًّا وهْوَ مَجهودُ
وللبَخيلِ على أموالِه عِلَلٌ
زُرقُ العُيونِ عليها أوجُهٌ سُودُ
إذا تكَرَّمْتَ عن بَذلِ القليلِ ولم
تقدِرْ على سَعَةٍ لم يَظهَرِ الجُودُ
بُثَّ النَّوالَ
ولا تمنَعْك قِلَّتُه
فكُلُّ ما سَدَّ فَقْرًا فهْوَ مَحمودُ
2- وقال المنتَصِرُ بنُ بلالٍ الأنصاريُّ: الجُودُ مَكرُمةٌ والبُخلُ مَبغَضةٌ
لا يستوي البُخلُ عِندَ اللهِ والجُودُ
والفَقرُ فيه شُخوصٌ والغِنى دَعَةٌ
والنَّاسُ في المالِ مَرزوقٌ ومحدودُ
3- وقال أحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ اليَمانيُّ:سأبذُلُ مالي كُلَّما جاء طالِبٌ
وأجعَلُه وَقفًا على القَرضِ والفَرضِ
فإمَّا كريمًا صُنتُ بالجُودِ عِرْضَه
وإمَّا لئيمًا صُنتُ عن لُؤمِه عِرْضي
4- وقال حُجَيَّةُ بنُ المُضَرَّبِ:أُناسٌ إذا ما الدَّهرُ أظلَمَ وَجْهُه
فأيديهم بِيضٌ وأوجُهُهم زُهرُ
يصونون أحسابًا ومجدًا مُؤَثَّلًا
ببَذلِ أكُفٍّ دُونَها المُزنُ
والبَحرُ
سَمَوا في المعالي رُتبةً فوقَ رُتبةٍ
أحَلَّتْهم حيثُ النَّعائِمُ
والنَّسْرُ
أضاءت لهم أحسابُهم فتضاءَلت
لنورِهم الشَّمسُ المُنيرةُ والبَدرُ
فلو لامَسَ الصَّخرُ الأصَمُّ أكُفَّهم
أفاض ينابيعَ النَّدى ذلك الصَّخرُ
ولو كان في الأرضِ البسيطةِ منهمُ
لمُختَبِطٍ
عافٍ
لمَا عُرِف الفَقرُ
شكَرْتُ لكم آلاءَكم وبلاءَكم
وما ضاع معروفٌ يُكافِئُه شُكرُ
5- وقال آخَرُ:ويُظهِرُ عَيبَ المرءِ في النَّاسِ بُخلُهُ
ويَستُرُه عنهم جميعًا سَخاؤُهُ
تغَطَّ بأثوابِ السَّخاءِ فإنَّني
أرى كُلَّ عَيبٍ والسَّخاءُ غِطاؤُهُ
6- وقال آخَرُ:حُرٌّ إذا جِئْتَه يومًا لتَسألَه
أعطاك ما ملَكَت كَفَّاه واعتَذَرَا
يُخفي صنائِعَه واللهُ يُظهِرُها
إنَّ الجميلَ إذا أخفَيْتَه ظَهَرَا
7- وقال الرَّاضي العبَّاسيُّ:
لا تَعْذِلوا
كَرَمي على الإسرافِ
رِبحُ المحامِدِ مَتجَرُ الأشرافِ
8- وقال حاتِمٌ الطَّائيُّ:أماوِيَّ
إنَّ المالَ غادٍ ورائِحُ
ويبقى من المالِ الأحاديثُ والذِّكرُ
أماوِيَّ إنِّي لا أقولُ لسائلٍ
إذا جاء يومًا: حَلَّ في مالِنا نَذْرُ
أماوِيَّ إمَّا مانِعٌ فمُبَيَّنٌ
وإمَّا عطاءٌ لا يُنَهْنِهُهُ
الزَّجْرُ
أماوِيَّ ما يُغني الثَّراءُ عن الفتى
إذا حشْرَجَت
يومًا وضاق بها الصَّدْرُ
أماوِيَّ إنْ يُصبِحْ صَدايَ
بقَفْرةٍ
من الأرضِ لا ماءٌ لَدَيَّ ولا خَمرُ
تريْ أنَّ ما أنفَقْتُ لم يَكُ ضَرَّني
وأنَّ يَدي ممَّا بَخِلْتُ به صِفرُ
وقد عَلِم الأقوامُ لو أنَّ حاتِمًا
أراد ثراءَ المالِ كان له وَفْرُ
9- وقال آخَرُ:لا تَبخَلَنَّ بدُنيا وهي مُقبِلةٌ
فليس يَنقُصُها التَّبذيرُ والسَّرَفُ
فإن تولَّت فأحرى أن تجُودَ بها
فالشُّكرُ منها إذا ما أدبَرَتْ خَلَفُ
10- وقال أحمدُ بنُ إبراهيمَ العبرتانيُّ:لا تُكثِري في الجُودِ لائِمَتي
وإذا بَخِلْتُ فأكثِري لَومي
كُفِّي فلستُ بحامِلٍ أبدًا
ما عِشْتُ همَّ غَدٍ على يومي
.