ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ
1- عن أبي موسى رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((المؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيانِ يَشُدُّ بعضُه بعضًا))
.
قال ابنُ بطَّالٍ: (تعاوُنُ المؤمنين بعضِهم بعضًا في أمورِ الدُّنيا والآخِرةِ مندوبٌ إليه بهذا الحديثِ)
.
وقال
ابنُ الجوزيِّ: (ظاهِرُه الإخبارُ، ومعناه الأمرُ، وهو تحريضٌ على التَّعاوُنِ)
.
2- وعن
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((المُسلِمُ أخو المُسلِمِ لا يَظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومَن فَرَّج عن مُسلِمٍ كُربةً فَرَّج اللهُ عنه كُربةً مِن كُرُباتِ يومِ القيامةِ، ومَن ستَر مُسلِمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامةِ))
.
والحديثُ فيه حضٌّ على التَّعاوُنِ
.
3- وعن
أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((انصُرْ أخاك ظالِمًا أو مظلومًا. قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، هذا ننصُرُه مظلومًا، فكيف ننصُرُه ظالِمًا؟ قال: تأخُذُ فوقَ يَدَيهـ))
.
قال ابنُ بطَّالٍ: (والنُّصرةُ عندَ العَرَبِ: الإعانةُ والتَّأييدُ، وقد فسَّره رسولُ اللهِ أنَّ نَصرَ الظَّالمِ مَنْعُه من الظُّلمِ؛ لأنَّه إذا تركْتَه على ظُلمِه ولم تَكُفَّه عنه أدَّاه ذلك إلى أن يقتَصَّ منه؛ فمَنْعُك له ممَّا يوجِبُ عليه القِصاصَ نَصْرُهـ)
.
4- وعن أبي عبدِ الرَّحمنِ زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ أنَّه قال:
((من جهَّز غازيًا في سبيلِ اللهِ فقد غزا، ومن خلَفَه في أهلِه بخيرٍ فقد غزا))
.
جهَّز غازيًا، أي: هيَّأ له ما يُصلِحُه في قَصْدِه. والمُعينُ على الشَّيءِ كالفاعِلِ في وقوعِ المشاركةِ في الثَّوابِ والعِقابِ
.
قال
ابنُ عُثيمين: (هذا من التَّعاوُنِ على البِرِّ والتَّقوى، فإذا جهَّز الإنسانُ غازيًا، يعني: براحلتِه ومتاعِه وسِلاحِه...، إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي: كُتِب له أجرُ الغازي؛ لأنَّه أعانه على الخيرِ. وكذلك من خلَفَه في أهلِه بخيرٍ فقد غزا، يعني: لو أنَّ الغازيَ أراد أن يغزوَ ولكنَّه أشكَلَ عليه أهلُه مَن يكونُ عندَ حاجاتِهم، فانتدَب رجلًا من المسلمينَ وقال: اخلُفْني في أهلي بخيرٍ، فإنَّ هذا الذي خلَفَه يكونُ له أجرُ الغازي؛ لأنَّه أعانهـ)
.
5- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((مَن نفَّس عن مُسلِمٍ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا نفَّس اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّر على مُعسِرٍ في الدُّنيا يسَّر اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن ستَر على مُسلِمٍ في الدُّنيا ستَره اللهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه...))
.
قال
ابنُ دقيقِ العيدِ: (هذا الحديثُ عظيمٌ جامعٌ لأنواعٍ من العُلومِ والقواعِدِ والآدابِ، فيه فَضلُ قضاءِ حوائجِ المُسلِمين ونفعِهم بما يتيسَّرُ من علمٍ أو مالٍ أو معاونةٍ، أو إشارةٍ بمصلحةٍ، أو نصيحةٍ، أو غيرِ ذلك)
.
6- وعن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((مثَلُ المؤمِنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى
له سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى))
.
وقال
النَّوويُّ في تعليقِه على هذا الحديثِ وما في معناه، وحديثِ:
((المؤمِنُ للمؤمِنِ كالبُنيانِ)): (هذه الأحاديثُ صريحةٌ في تعظيمِ حُقوقِ المُسلمين بعضِهم على بعضٍ، وحثِّهم على التَّراحُمِ والملاطَفةِ والتَّعاضُدِ في غيرِ إثمٍ ولا مكروهٍ)
.
7- عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((من دلَّ على خيرٍ فله مِثلُ أجرِ فاعِلِهـ))
.
قال
النَّوويُّ: (فيه فضيلةُ الدَّلالةِ على الخيرِ والتَّنبيهِ عليه والمساعدةِ لفاعِلِه، وفيه فضيلةُ تعليمِ العِلمِ ووظائِفِ العباداتِ، لا سيَّما لمن يعمَلُ بها من المتعبِّدين وغيرِهم، والمرادُ بمِثلِ أجرِ فاعِلِه: أنَّ له ثوابًا بذلك الفِعلِ، كما أنَّ لفاعِلِه ثوابًا، ولا يلزمُ أن يكونَ قَدْرُ ثوابِهما سواءً)
.
والحديثُ فيه تحضيضٌ على التَّعاوُنِ على البرِّ والحَثِّ عليه
.