موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ المَكْرِ والكَيدِ


أقسامُ المَكْرِ:
قال الرَّاغِبُ: (المَكْرُ: صَرفُ الغَيرِ عمَّا يقصِدُه بحيلةٍ، وذلك ضربانِ: مَكرٌ محمودٌ، وذلك أن يتحرَّى بذلك فِعلَ جَميلٍ... ومذمومٌ، وهو أن يتحَرَّى به فِعلَ قَبيحٍ) .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (المَكْرُ ينقَسِمُ إلى محمودٍ ومذمومٍ؛ فإنَّ حقيقتَه إظهارُ أمرٍ وإخفاءُ خلافِه؛ ليتوصَّلَ به إلى مرادِه.
فمِن المحمودِ: مَكرُه تعالى بأهلِ المَكْرِ؛ مقابلةً لهم بفِعلِهم، وجزاءً لهم بجِنسِ عَمَلِهم.
قال تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال: 30] ، وقال تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [النمل: 50] ) .
وقال الرَّاغِبُ الأصفَهانيُّ: (المَكْرُ والخديعةُ متقاربانِ، وهما اسمانِ لكُلِّ فِعلٍ يَقصِدُ فاعِلُه في باطِنِه خِلافَ ما يقتَضيه ظاهِرُه، وذلك ضربانِ:
1- أحَدُهما مذمومٌ: وهو الأشهَرُ عِندَ النَّاسِ والأكثَرُ، وذلك أن يَقصِدَ فاعِلُه إنزالَ مَكروهٍ بالمخدوعِ، وهو الذي قصَدَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقولِه: ((المَكْرُ والخديعةُ في النَّارِ)) ، والمعنى: أنَّهما يؤدِّيان بقاصِدِهما إلى النَّارِ.
2- والثَّاني: على عَكسِ ذلك، وهو أن يقصِدَ فاعِلُهما إلى استجرارِ المخدوعِ والممكورِ به إلى مَصلحةٍ لهما، كما يُفعَلُ بالصَّبيِّ إذا امتَنَع من تعَلُّمِ خيرٍ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((المفردات في غريب القرآن)) (ص: 772).
  2. (2) ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) (1/388).
  3. (3) أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (2/161)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (11106)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (49/423) من حديثِ قيسِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، بلفظِ: (لولا أنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: المكرُ والخديعةُ في النَّارِ، لكُنتُ مِن أمكَرِ النَّاسِ). صحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6725)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سير أعلام النبلاء)) (3/107)، وقال ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (4/417): (إسنادُه لا بأسَ بهـ). وأخرجه ابن حبان (5559)، والطبراني (10/169) (10234)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/189) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه بلفظ: ((مَن غَشَّنا فليس منَّا، والمكرُ والخِداعُ في النَّارِ)). صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6408)، وحسَّن إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5559).
  4. (4) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص: 255).