موسوعة الأخلاق والسلوك

سابعًا: الوسائِلُ المعينةُ على تَركِ الدِّياثةِ


الدِّياثةُ داءٌ عُضالٌ، ويحتاجُ مَن وَقَع فيه إلى علاجٍ شديدٍ ومجاهَدةٍ عظيمةٍ، ومن الوسائِلِ التي تعينُ على التَّخلُّصِ منه:
1- العِلمُ بخَطَرِ الدِّياثةِ، وأنَّها كبيرةٌ من الكبائِرِ.
2- معرفةُ شَرَفِ الغَيرةِ وقَدْرِها والتَّخلُّقِ بها.
3- الالتِجاءُ إلى اللَّهِ تعالى بالتَّضَرُّعِ والإلحاحِ في الدُّعاءِ أن يُخَلِّصَه من هذا الدَّاءِ الوَبيلِ.
4- تركُ مخالَطةِ أهلِ الدِّياثةِ، والحِرصُ على صُحبةِ الرِّجالِ أهلِ المروءةِ والغَيرةِ؛ فقد قيل: (ما وجَدْنا شيئًا أبلَغَ في خَيرٍ أو شَرٍّ من صاحِبٍ) [3375] يُنظَر: ((البيان والتبيين)) للجاحظ (2/ 135)، ((الرسائل)) للجاحظ (1/ 259)، ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (3/ 6)، ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/ 230). .
وكان يقالُ: (الصَّاحِبُ رُقعةٌ في قميصِ الرَّجُلِ، فلْيَنظُرْ أحَدُكم بمَ يَرقَعُ قميصَه؟!) [3376] يُنظَر: ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (3/ 6). .
وقالوا: كُلُّ إلفٍ إلى إلفِه يَنزِعُ.
وقال الشَّاعِرُ:
والإلْفُ يَنزِعُ نحوَ الآلفينَ كما
طَيرُ السَّماءِ على أُلَّافِها تَقَعُ
وقال آخَرُ:
إذا كُنتَ في قَومٍ فصاحِبْ خِيارَهم
ولا تَصحَبِ الأردى فتَرْدى مع الرَّدي
عن المرءِ لا تسأَلْ وسَلْ عن قرينِهِ
فكُلُّ قَرينٍ بالمقارِنِ يَقتَدي [3377] يُنظَر: ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/ 179).
5- النَّظَرُ في سِيَرِ أهلِ الغَيرةِ للاطِّلاعِ على ما نالوا من ذِكرٍ حَسَنٍ وثناءٍ عَطِرٍ، وقراءةُ ما خلَّفه أهلُ الدِّياثةِ من عارٍ وسُوءِ ثناءٍ، ولمِثلِ هذا تؤرَّخُ الفضائِلُ والقبائِحُ.
قال ابنُ حزمٍ: (يجِبُ أن تؤرَّخَ الفضائِلُ والرَّذائِلُ؛ ليَنفِرَ سامِعُها عن القبيحِ المأثورِ عن غيرِه، ويرغَبَ في الحَسَنِ المنقولِ عمَّن تقَدَّمه، ويتَّعِظَ بما سَلَف) [3378] يُنظَر: ((رسائل ابن حزم)) (1/ 384). .
6- الأخذُ بالأسبابِ التي تمنَعُ من الدِّياثةِ، كمَنعِ الاختلاطِ، والخَلوةِ بغيرِ المحارِمِ، والحِرصُ على الالتِزامِ بأحكامِ الشَّرعِ الشَّريفِ في الأقوالِ والأفعالِ واللِّباسِ ونحوِ ذلك، والأخذُ على يَدِ من يخالِفُ؛ فإنَّ في هذا مصلحةً عظيمةً، ويَنزَجِرُ كثيرٌ من النَّاسِ بما يشاهِدُ من العُقوباتِ، وينضَبِطُ عن انتِهاكِ المُحرَّماتِ [3379] يُنظَر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/ 416). .
وإنَّ (مِن الأحكامِ والآدابِ الخاصَّةِ بالنِّساءِ ما شُرِع لسَدِّ ذريعةِ الفَسادِ، وحِفظِ شَرَفِ المرأةِ وكرامتِها من تعَدِّي سُفَهاءِ الرِّجالِ عليها، ومحاولتِهم إفسادَها، كدَأبِ الفاسِقين في كُلِّ زمانٍ؛ فقلَّما يُوجَدُ امرأةٌ خبيثةٌ في العالَمِ إلَّا وقد كان المفسِدُ لها رجُلًا خبيثًا أو امرأةً أفسَدَها الرِّجالُ مِن قَبلُ، وصارت تتقَرَّبُ إليهم بإفسادِ أمثالِها، إلَّا الفسادَ الأكبَرَ الذي اتُّخِذ صناعةً وتجارةً يشتَرِكُ فيها الخبيثون والخَبيثاتُ لأجْلِ جمعِ المالِ لا لأجْلِ الخُبثِ نَفسِه!) [3380] ((حقوق النساء في الإسلام)) لمحمد رشيد رضا (ص: 329). .
7- الحَذَرُ من دَعَواتِ المتهَتِّكين الفاجِرةِ التي تنادي بحريَّةِ المرأةِ، وإنَّما غَرَضُهم حرِّيَّةُ الوصولِ إليها!
8- تقويةُ الإيمانِ والوازِعِ الدِّينيِّ، واجتِنابُ الذُّنوبِ.
9- إحياءُ شَعيرةِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ.
10- قيامُ الرِّجالِ بواجباتِهم تجاهَ أهليهم، واستِشعارُ المسؤوليَّةِ عنهم؛ قال اللَّهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم: 6] (فدخَل في جملةِ ذلك أن يحميَ الرَّجُلُ امرأتَه وبِنتَه مخالطةَ الرِّجالِ ومحادَثَتَهم والخَلوةَ بهم) [3381] ((المنهاج في شعب الإيمان)) للحليمي (3/ 397). .
وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ألا كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه ... والرَّجُلُ راعٍ على أهلِ بيتِه، وهو مسؤولٌ عنهم)) [3382] رواه البخاري (893)، ومسلم (1829). .
12- الحَذَرُ من وسائِلِ الإعلامِ التي تنشُرُ الرَّذيلةَ وتُشيعُ الفاحِشةَ.

انظر أيضا: