موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ الثَّرثَرةِ


الثَّرثَرةُ بالكلامِ لا تخرُجُ عن أمرينِ:
الأوَّلُ: ثرثرةٌ في أمورٍ تتعَلَّقُ بالدِّينِ، وهذا الأمرُ قد يقعُ ممَّن يدَّعون العِلمَ أو بعضِ مَن يُنسَبون إلى الدُّعاةِ، وقد يقَعُ من جاهلٍ جَريءٍ، فيكثُرُ كلامُهم وتطولُ مجالِسُهم بالقِصَصِ الباطِلةِ والمغالطاتِ والشُّبُهاتِ، أو بذِكرِ ما لا فائِدةَ لمستَمِعِه في دينِه ولا دُنياه، إلى غيرِ ذلك.
قال ابنُ بازٍ: (الكلامُ الذي ينفَعُ النَّاسَ ويُوضِّحُ الحَقَّ وليس فيه كَذِبٌ، هذا ليس من آفاتِ اللِّسانِ، هذا حَقٌّ؛ إذا شرَح مسألةً مُهِمَّةً، أو آيةً يشرَحُها للنَّاسِ، أو يُفَسِّرُها، أو حديثًا يُفَسِّرُه للنَّاسِ، ويوضِّحُ معناه بقَدرِ الحاجةِ، فهذا من فضائلِ اللِّسانِ، وممَّا يؤجَرُ عليه الإنسانُ، وإنَّما يكونُ من آفاتِ اللِّسانِ إذا أكثَرَ الكلامَ بدونِ فائدةٍ، وأضاع الوقتَ على النَّاسِ، هذا يكونُ الثَّرثَرةَ، أمَّا إذا تكلَّم بقَدرِ الحاجةِ، وأوضح للنَّاسِ، وبيَّن للنَّاسِ الحُكمَ الشَّرعيَّ، أو صِحَّةَ الحديثِ، أو بُطلانَ الحديثِ وأنَّه مكذوبٌ على الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو بَيَّنَ لهم معنى الآيةِ وشرَحَها لهم بقَدرِ الحاجةِ، هذا مأجورٌ) [2112] يُنظَر: ((موقع ابن باز)). .
الثَّاني: ثرثرةٌ في أمورٍ تتعَلَّقُ بالدُّنيا، وهذا يحصُلُ لكثيرٍ من النَّاسِ، وهو ذائعٌ في هذه الأزمانِ بكثرةٍ، ومُشاهَدٌ في الحديثِ بَيْنَ النَّاسِ في أماكِنِ عَمَلِهم وفي الطُّرُقِ وفي وسائِلِ النَّقلِ، وفي وسائِلِ الإعلامِ، بكلامٍ لا زمامَ له ولا خِطامَ، ولا نَفعَ فيه ولا خَيرَ في دينٍ ولا دُنيا، ويعادُ فيه ويُزادُ بلا مَلَلٍ.
ولا يخلو القِسمانِ مِن لَغوٍ أو باطِلٍ أو محرَّمٍ.
ولأنَّ الثَّرثَرةَ لا تقتَصِرُ على اللِّسانِ، خُصوصًا في عَصرِ الإنترنتِ وانتشارِ مواقِعِ الكتابةِ للنَّاسِ كافَّةً، فيُمكِنُنا تقسيمُ الثَّرثَرةِ من وَجهٍ آخَرَ إلى نوعينِ أيضًا:
الأوَّلُ: الثَّرثَرة الملفوظةُ أو الثَّرثَرةُ بالكلامِ.
الثَّاني: الثَّرثَرةُ المكتوبةُ، ومن أبرَزِ صُوَرِها الثَّرثَرةُ على مواقعِ التَّواصُلِ الاجتِماعيِّ، كالفيسِ وتُويتَر، أو الواتس آب والماسِنجَر، وغيرِهما من وسائِلِ التَّواصُلِ الحديثةِ التي أصبحَت مادَّةً خِصبةً للثَّرثَرةِ.

انظر أيضا: