موسوعة الأخلاق والسلوك

و- قِصَصٌ ونماذِجُ مِن صُوَرِ الإعراضِ عن الجاهِلينَ عِندَ العُلَماءِ المُعاصِرين


عبدُ الحميدِ بنُ بادِيسَ:
(يُروى أنَّ إحدى الجَماعاتِ الصُّوفيَّةِ المُنحَرِفةِ التي ضاقت ذَرْعًا بمواقِفِ ابنِ باديسَ أوعَزَت بتنسيقٍ مع سُلُطاتِ الاحتلالِ إلى نَفَرٍ من أتباعِها باغتيالِ الشَّيخِ عبدِ الحميدِ، ظَنًّا منها أنَّ في اغتيالِه قضاءً على دعوتِه، غَيرَ أنَّ الغادِرَ الذي همَّ بهذه الجريمةِ لم يُفلِحْ في تنفيذِها، ووقَع في قبضةِ أعوانِ الشَّيخِ، وكانوا قادِرين على الفَتْكِ به، إلَّا أنَّ أخلاقَ الإمامِ العاليةَ جعلَتْه يَعْفو، ويَنهى أصحابَه عن الفَتْكِ به) [616] ((عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية)) لمصطفى محمد حميداتو (ص: 126-127). .
محمَّدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشَّيخِ:
(يقولُ ابنُ قاسِمٍ: كان لا يحمِلُ ضَغينةً على من أساء إليه، ولا ينتَقِمُ من أحدٍ ناله بأذًى، وله في ذلك أحوالٌ عجيبةٌ.
كان أحدُ المشايخِ المعروفين لَمَّا حصلت مسألةُ نَقلِ مقامِ إبراهيمَ، فتكلَّم أحدُ المشايخِ رحمهم اللهُ: الشَّيخُ محمَّدُ بنُ إبراهيمَ لِمَ يأذَنُ بنَقلِه، ولماذا يُفتي؟ ونال من الشَّيخِ بكلامٍ، وبلغ الشَّيخَ بعضُ ذلك، وأنَّه كان يقولُ إذا أراد أن يذكُرَ الشَّيخَ: ابنُ إبراهيمَ قال كذا، ابنُ إبراهيمَ قال كذا... ونحوَ ذلك، وكان الشَّيخُ عبدُ العزيزِ بنُ مُرشِدٍ حَفِظه اللهُ ذَكَر لي أنَّه نَقَل إلى الشَّيخِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ، قال له: فلانٌ الشَّيخُ تعرِفُ مَقامَه، وكان ينشُرُ التَّوحيدَ في مكَّةَ، وأنه وأنه، فلا تأخُذْ في خاطِرِك من كلامِه، قال -مِصداقًا عن كلامِ الشَّيخِ ابنِ قاسمٍ عن طهارةِ قَلبِه، وأنَّه كان لا يحمِلُ ضغينةً على من أساء إليه-: وماذا قال فلانٌ؟ ما بلَغَني عنه إلَّا أنَّه قال: يقولُ ابنُ إبراهيمَ، وأفتى ابنُ إبراهيمَ. وصَدَق؛ فأنا ابنُ إبراهيمَ! قال الشَّيخُ عبدُ العزيزِ بنُ مُرشِدٍ: قال الشَّيخُ محمَّدُ بنُ إبراهيمَ، واللهِ إنَّه لأغلى عندي من بعضِ أولادي، وذلك لِما قامه ذلك العالِمُ في مكَّةَ؛ لِما يقومُ به من تدريسٍ ونشرٍ للعلمِ والتَّوحيدِ، وإقرارٍ لكُتُبِ أئمَّةِ الدَّعوةِ في ذلك، لا شَكَّ أنَّ المرءَ إذا سَلِم من الهوى سَلِم من الدُّنيا، أهلُ العِلمِ إذا سَلِموا من الدُّنيا، سَلِموا من الهوى، سَلِموا من الرَّغبِ في المناصِبِ، الرَّغَبِ في الشُّهرةِ، الرَّغبةِ في الانتصارِ للنَّفسِ؛ بارك اللهُ جلَّ وعلا لهم وفيهم ورزقَهم القَبولَ، أمَّا إذا كان همُّه الانتصارَ للنَّفسِ فهنا يبدَأُ النُّزولُ في حَقِّ مَن كان كذلك) [617] ((شذرات البلاتين من سير العلماء المعاصرين)) لأحمد سالم (ص: 23-24). .

انظر أيضا: