موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسِعًا: الوسائِلُ المُعينةُ على اكتِسابِ الفِراسةِ


ويُمكِنُ اكتِسابُ هذه الصِّفةِ مِن خِلالِ:
1- صَفاءُ السَّريرةِ؛ قال الكَلاباذيُّ: (صَفَت سَرائِرُهم فأُكرِموا بصِدقِ الفِراسةِ) [7222] ((مذهب أهل التصوف)) (ص: 6). .
2- تَعلُّمُ الفِراسةِ؛ فالعِلمُ بالتَّعلُّمِ، وقد كانوا يرحَلونَ في طَلَبِ هذا العِلمِ، قال الرَّاغِبُ: (وقد عُمِل في ذلك كُتُبٌ، فمَن تَتبَّع الصَّحيحَ منها اطَّلعَ منها على صِدقِ ما ضَمَّنوه) [7223] ((الذريعة)) (ص: 146). .
3- تَقوى اللهِ تعالى، قال شاه الكَرْمانيُّ بنُ شُجاعٍ: (مَن شَخَصَ بَصَرَه عنِ المَحارِمِ، وأمسَك عنِ الشَّهَواتِ، وعَمَرَ باطِنَه بدَوامِ المُراقَبةِ، وظاهِرَه باتِّباعِ السُّنَّةِ، وعوَّد نَفسَه أكلَ الحَلالِ؛ لم تُخطِئْ فِراسَتُه) [7224] ((الحلية)) لأبي نعيم الأصبهاني (10/ 237). .
وسُئِل بَعضُ أهلِ العِلمِ: مَتى تَقَعُ الفِراسةُ على الغائِبِ؟ قال: (إذا كان مُحِبًّا لما أحَبَّ اللهُ، مُبغِضًا لِما أبغَضَ اللهُ، وقَعَت فِراسَتُه على الغائِبِ) [7225] ((الزهد)) للخطيب البغدادي (ص: 68) رقم (22). .
4- النَّظَرُ في سِيَرِ الأنبياءِ والسَّلَفِ؛ قال الشَّعبيُّ: (شَهِدتُ شُرَيحًا وجاءَته امرَأةٌ تُخاصِمُ رَجُلًا، فأرسَلتْ عَينَيها فبَكَت! فقُلتُ: يا أبا أُمَيَّةَ، ما أظُنُّ هذه البائِسةَ إلَّا مَظلومةً! فقال: يا شَعبيُّ، إنَّ إخوةَ يوسُفُ جاؤوا أباهم عِشاءً يبكونَ!) [7226] ((أخبار القضاة)) لوكيع القاضي (2/ 221). .
5- مُراقَبةُ اللهِ تعالى، ولُزومُ الاستِقامةِ، وقَبولُ الحَقِّ.
قال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزَّمر: 22] ، فمَن شَرَحَ اللهُ تعالى صَدرَه للإسلامِ فقَبِل الحَقَّ فإنَّه على نورٍ مِنَ اللهِ تعالى، ويتَفرَّعُ عليها زيادةُ عِلمِه؛ لأنَّ العِلمَ نورٌ، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا [النساء: 174] ، ويتَفرَّعُ عليها قوَّةُ الفِراسةِ، بمَعنى: أنَّ اللهَ تعالى يُعطي الإنسانَ فِراسةً بحَيثُ يَعلمُ أحوالَ النَّاسِ مِن لمَحاتِ وُجوهِهم، بل أكثَرَ مِن ذلك يستَدِلُّ بالحاضِرِ على الغائِبِ، ويُعطيه اللهُ تعالى استِنتاجاتٍ لا تَكونُ لغَيرِه [7227] ينظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزمر)) (ص: 183). .
6- تَجديدُ التَّوبةِ.
7- غَضُّ البَصَرِ. قال ابنُ القَيِّمِ وهو يُعَدِّدُ مَنافِعَ غَضِّ البَصَرِ: (السَّادِسةُ: أنَّه يورِثُه فِراسةً صادِقةً يُمَيِّزُ بها بَينَ المُحِقِّ والمُبطِلِ، والصَّادِقِ والكاذِبِ... واللهُ سُبحانَه يجزي العَبدَ على عَمَلِه بما هو من جِنسِ عَمَلِه، ومَن تَرَك للهِ شَيئًا عوَّضه اللهُ خَيرًا منه، فإذا غَضَّ بَصَرَه عن مَحارِمِ اللهِ عَوَّضَه اللهُ بأن يُطلِقَ نورَ بَصيرَتِه عِوضًا عن حَبسِه بَصَرَه للهِ، ويفتَحُ عليه بابَ العِلمِ والإيمانِ والمَعرِفةِ، والفِراسةِ الصَّادِقةِ المُصيبةِ التي إنَّما تُنالُ ببَصيرةِ القَلبِ) [7228] ((الداء والدواء)) (ص 417، 418). .
8- أكلُ الحلالِ.

انظر أيضا: