موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ العَفْوِ والصَّفحِ وبعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ العَفْوِ والصَّفحِ:
(العَفْوُ والصَّفحُ متقاربانِ في المعنى:
قال الرَّاغِبُ: الصَّفحُ: تَركُ التَّثريبِ، وهو أبلَغُ من العَفْوِ، وقد يعفو الإنسانُ ولا يَصفَحُ.
وقال البَيضاويُّ: العَفْوُ: تَركُ عُقوبةِ المُذنِبِ، والصَّفحُ: تَركُ لَومِه. ويدُلُّ عليه قولُه تعالى: فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا [البقرة: 109] ، ترَقِّيًا في الأمرِ بمكارِمِ الأخلاقِ من الحَسَنِ إلى الأحسَنِ، ومن الفَضلِ إلى الأفضَلِ) .
وقال القُرطُبيُّ: (العَفْوُ: تَركُ المؤاخَذةِ بالذَّنبِ. والصَّفحُ: إزالةُ أثَرِه من النَّفسِ. صفَحْتُ عن فلانٍ: إذا أعرَضْتَ عن ذَنبِه) .
الفَرْقُ بَيْنَ العَفْوِ والغُفرانِ:
أنَّ الغُفرانَ يُنبِئُ عن السَّترِ، والعَفْوَ ينبئُ عن المحوِ، والمحوُ أبلَغُ من السَّترِ .
أنَّ العَفْوَ قد يكونُ قَبلَ العُقوبةِ، وقد يكونُ بَعْدَها، بخلافِ الغُفرانِ؛ فإنَّه لا يكونُ معه عُقوبةٌ البتَّةَ، ولا يُوصَفُ بالعَفْوِ إلَّا القادِرُ على ضِدِّه .
أنَّ الغُفرانَ يقتضي إسقاطَ العقابِ، وإسقاطُ العقابِ هو إيجابُ الثَّوابِ، والعَفْوُ يقتضي إسقاطَ اللَّومِ والذَّمِّ، ولا يقتضي إيجابَ الثَّوابِ .
الفَرْقُ بَيْنَ العَفْوِ والذُّلِّ:
(أنَّ العَفْوَ إسقاطُ حَقِّك جُودًا وكَرَمًا وإحسانًا، مع قُدرتِك على الانتقامِ؛ فتُؤثِرُ التَّركَ رغبةً في الإحسانِ ومكارِمِ الأخلاقِ.
بخلافِ الذُّلِّ؛ فإنَّ صاحِبَه يَترُكُ الانتقامَ عَجزًا وخَوفًا ومهانةَ نَفسٍ، فهذا مذمومٌ غيرُ محمودٍ، ولعَلَّ المنتَقِمَ بالحَقِّ أحسَنُ حالًا منه. قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى: 39] ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((معجم الفروق اللغوية)) لبيت الله بيات (ص: 362). ويُنظَر: ((المفردات في غريب القرآن)) للراغب (ص: 486)، ((أنوار التنزيل وأسرار التأويل)) للبيضاوي (1/ 100).
  2. (2) ((الجامع لأحكام القرآن)) (2/71).
  3. (3) ((المقصد الأسنى)) للغزالي (ص: 140).
  4. (4) ((الكليات)) للكفوي (ص: 632).
  5. (5) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 235).
  6. (6) ((الروح)) لابن قيم الجوزية (ص: 241).