موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- عن أبى هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يقولَنَّ أحَدُكم:اللَّهُمَّ اغفِرْ لي إنْ شِئتَ، اللَّهُمَّ ارحَمْني إن شِئتَ.لِيَعزِمْ في الدُّعاءِ؛ فإنَّ اللهَ صانِعٌ ما شاء، لا مُكرِهَ له)) [6562] رواه البخاري (6339)، ومسلم (2679) واللفظ له. .
وعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دعا أحَدُكم فلْيَعزِمِ المسألةَ)) [6563] أخرجه البخاري (6338) واللفظ له، ومسلم (2678). ، أي: ليُنفِذْها ويُمضِها [6564] ((مشكلات الموطأ)) للبطليوسي (ص: 96). .
قال النَّوويُّ: (عَزمُ المسألةِ: الشِّدَّةُ في طَلَبِها، والحَزمُ من غيرِ ضَعفٍ في الطَّلَبِ ولا تعليقٍ على مشيئةٍ ونحوِها) [6565] ((شرح النووي على مسلم)) (17/ 7). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (ومعنى الأمرِ بالعَزمِ: الجِدُّ فيه، وأن يجزِمَ بوقوعِ مَطلوبِه، ولا يُعَلِّقَ ذلك بمشيئةِ اللهِ تعالى، وإن كان مأمورًا في جميعِ ما يريدُ فِعلَه أن يُعَلِّقَه بمشيئةِ اللهِ تعالى، وقيل: معنى العَزمِ: أن يحسِنَ الظَّنَّ باللهِ في الإجابةِ... وقال الدَّاوديُّ: معنى قَولِه: لِيَعزِمِ المسألةَ، أن يجتَهِدَ ويُلِحَّ، ولا يَقُلْ: إن شِئتَ، كالمُستثني، ولكِنْ دعاءَ البائِسِ الفقيرِ) [6566] ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (11/140). .
وقال بدرُ الدَّينِ العَينيُّ: (قولُه:فلْيَعزِمِ المسألةَ، أي:فلْيَقطَعْ بالسُّؤالِ، ولا يُعَلِّقْ بالمشيئةِ؛ إذ في التَّعليقِ صورةُ الاستغناءِ عن المطلوبِ منه والمطلوبِ) [6567] ((عمدة القاري)) (22/299). .
3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُؤمِنُ القَويُّ خيرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ من المُؤمِن الضَّعيفِ)) [6568] أخرجه مسلم (2664). ، الإشارةُ بالقوَّةِ هاهنا إلى العَزمِ والحَزمِ والاحتياطِ [6569] ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (3/ 552). .
4- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((كان أحَبَّ العمَلِ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي يدومُ عليه صاحِبُه)) [6570] أخرجه البخاري (6462) واللفظ له، ومسلم (741). .
فيه: أنَّ يسيرَ العمَلِ الذي يدومُ عليه صاحبُه أفضَلُ من الكثيرِ الذي يُفعَلُ مرَّةً أو مرَّتينِ، ثمَّ يَترُكُه ويَترُكُ العَزمَ عليه، والعَزمُ على العَمَلِ الصَّالحِ يُثابُ عليه [6571] ((المنتقى)) لأبي الوليد الباجي (2/ 183). .
5- عن حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اليَدُ العُليا خَيرٌ مِنَ اليدِ السُّفلى، وابدَأ بمَن تعولُ، وخَيرُ الصَّدَقةِ عن ظَهرِ غِنًى، ومَن يستَعفِفْ يُعِفَّه اللَّهُ، ومَن يستَغنِ يُغنِه اللَّهُ)) [6572] أخرجه البخاري (1427) واللفظ له، ومسلم (1034). .
قال ابنُ بَطَّالٍ: (فيه ندبٌ إلى التَّعَفُّفِ عنِ المَسألةِ، وحَضٌّ على مَعالي الأُمورِ، وتَركِ دَنيئِها، واللَّهُ يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ) [6573] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/431). .
6- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا سَألتُمُ اللَّهَ فسَلوه الفِردَوسَ؛ فإنَّه أوسَطُ الجَنَّةِ، وأعلى الجَنَّةِ، وفوقَه عَرشُ الرَّحمَنِ، ومِنه تَفجَّرُ أنهارُ الجَنَّةِ)) [6574] أخرجه البخاري (7423) مطولًا. .
ففي هذا الحَديثِ حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه على طَلَبِ مَعالي الدَّرَجاتِ مِنَ الجَنَّةِ في دُعائِهم، وألَّا يكتَفوا بالدُّونِ مِن ذلك؛ فقد أرشَدَهم إلى هذا تَعليمًا للأُمَّةِ وتَعظيمًا للهمَّةِ [6575] ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (7/ 201). .

انظر أيضا: