موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المؤمِنُ القَويُّ خَيرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضَّعيفِ، وفي كُلٍّ خَيرٌ، احرِصْ على ما ينفَعُك، واستَعِنْ باللهِ، ولا تَعجِزْ، وإن أصابك شيءٌ فلا تقُلْ: لو أنِّي فعَلْتُ كان كذا وكذا، ولكِنْ قُلْ قَدَّر اللهُ وما شاء فَعَل، فإنَّ لو تفتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ)) [4962] أخرجه مسلم (2664). .
قال النَّوويُّ: (والمرادُ بالقُوَّةِ هنا عزيمةُ النَّفسِ والقريحةِ في أمورِ الآخرةِ، فيكونُ صاحِبُ هذا الوصفِ أكثَرَ إقدامًا على العدوِّ في الجهادِ، وأسرَعَ خُروجًا إليه، وذَهابًا في طَلَبِه، وأشَدَّ عزيمةً في الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ، والصَّبرِ على الأذى في كُلِّ ذلك، واحتمالِ المشاقِّ في ذاتِ اللهِ تعالى، وأرغَبَ في الصَّلاةِ والصَّومِ والأذكارِ وسائِرِ العباداتِ، وأنشَطَ طَلَبًا لها ومحافَظةً عليها، ونحوَ ذلك) [4963] ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (4/2052). .
2- وعن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رضِي اللهُ عنه قال: (بايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على السَّمعِ والطَّاعةِ في العُسرِ واليُسرِ، والمَنشَطِ والمَكرَهِ، وعلى أثَرةٍ علينا، وعلى ألَّا نُنازِعَ الأمرَ أهلَه، وعلى أن نقولَ بالحقِّ أينما كنَّا، لا نخافُ في اللهِ لومةَ لائِمٍ)) [4964] أخرجه البخاري (7199) مختصرًا، ومسلم (1709) واللفظ له. .
3- عن طارِقِ بنِ شِهابٍ قال: أوَّلُ من بدأ بالخُطبةِ يومَ العيدِ قبلَ الصَّلاةِ مَروانُ، فقام إليه رجُلٌ فقال: الصَّلاةُ قبل الخُطبةِ. فقال: قد تُرِك ما هنالك! فقال أبو سعيدٍ: أمَّا هذا فقد قضى ما عليه، سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((من رأى منكم مُنكَرًا فلْيُغَيِّرْه بيدِه، فإن لم يستَطِعْ فبلِسانِه، فإن لم يستطِعْ فبقَلبِه، وذلك أضعفُ الإيمانِ)) [4965] أخرجه مسلم (49).
4- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كنتُ خَلفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا، فقال: ((يا غُلامُ، إنِّي أعلِّمُك كَلِماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تَجِدْه تُجاهَك، إذا سألْتَ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجتمَعَت على أن ينفعوك بشَيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشَيءٍ قد كتبه اللهُ لك، واعلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجتمَعَت على أن يضُرُّوك بشَيءٍ لم يضرُّوك إلَّا بشَيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُفُ)) [4966] أخرجه الترمذي (2516) واللفظ له، وأحمد (2669). صحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2516)، وصحَّحه لغيره الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (699)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/327). .
- وعن أبي النَّضرِ، عن كتابِ رَجُلٍ من أسلَمَ، من أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوفى، فكَتَب إلى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ حينَ سار إلى الحَروريَّةِ، يخبِرُه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في بعضِ أيَّامِه التي لقيَ فيها العَدُوَّ ينتَظِرُ حتى إذا مالت الشَّمسُ قام فيهم، فقال: ((يا أيُّها النَّاسُ، لا تتمَنَّوا لقاءَ العَدُوِّ، واسألوا اللهَ العافيةَ، فإذا لَقِيتُموهم فاصبِروا، واعلَموا أنَّ الجنَّةَ تحتَ ظِلالِ السُّيوفِ، ثمَّ قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: ((اللَّهُمَّ مُنزِلَ الكتابِ، ومُجريَ السَّحابِ، وهازِمَ الأحزابِ، اهزِمْهم، وانصُرْنا عليهم)) [4967] أخرجه البخاري (3024، 3025)، ومسلم (1742) واللفظ له. .
(فالثَّباتُ هنا معناه المواجَهةُ والشَّجاعةُ؛ لأنَّ الإنسانَ إذا ما كان ثابتًا في القتالِ فالعدُوُّ يخشاه ويهابُه، وإنْ لم يكُنْ كذلك فسوف يُضطَرُّ إلى النُّكوصِ، وهذا ما يجَرِّئُ الكُفَّارَ عليكم. وما دُمتُم قد جِئتُم إلى القتالِ فلا بدَّ أن يَشهَدَ الأعداءُ شجاعتَكم؛ لأنَّكم إن فرَرتُم فهذه شهادةُ ضَعفٍ ضِدَّكم؛ ولذلك لا بُدَّ من التَّدريبِ على الثَّباتِ والقتالِ، وهذا هو الإعدادُ المُسبقُ للحَربِ) [4968] ((تفسير الشعراوي)) (8/ 4719). .

انظر أيضا: