موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من الصَّحابةِ


- قال اللهُ تعالى في الأنصارِ: وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا [الحشر: 9] ، أي: ولا يَجِدون في أنفُسِهم حَسَدًا للمُهاجِرين فيما فضَّلهم اللهُ به من المنزلةِ والشَّرَفِ، والتَّقديمِ في الذِّكرِ والرُّتبةِ [4825] ((تفسير ابن كثير)) (8/ 69). .
- عن عائِذِ بنِ عَمرٍو: ((أنَّ أبا سُفيانَ أتى على سَلمانَ وصُهَيبٍ وبِلالٍ في نَفَرٍ، فقالوا: واللهِ ما أخَذَت سُيوفُ اللهِ مِن عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأخَذَها! قال: فقال أبو بكرٍ: أتقولون هذا لشَيخِ قُرَيشٍ وسَيِّدِهم؟ فأتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبره، فقال: يا أبا بكرٍ، لعلَّك أغضَبْتَهم! لئنْ كُنتَ أغضَبْتَهم لقد أغضَبْتَ رَبَّك! فأتاهم أبو بكرٍ فقال: يا إخوَتاه، أغضَبْتُكم؟ قالوا: لا، يغفِرُ اللهُ لك يا أخي)) [4826] أخرجه مسلم (2504). .
قوله: (أغضَبْتُكم)، أي: بما قُلتُه من جهةِ أبي سُفيانَ، (قالوا: لا) أي: لم يحصُلْ لنا من ذلك غضَبٌ، وذلك لعِلمِهم بأنَّ الصِّدِّيقَ لم يحتَقِرْهم ولا قَصَد إيذاءَهم، إنَّما أراد تألُّفَه ليُكَثِّرَ سوادَ المُسلِمين بإيمانِه وإيمانِ تابعيه، وقَولُهم (يا أخي) في تعبيرِهم بهذا اللَّفظِ إيماءٌ إلى سَبَبِ عَدَمِ تأثُّرِهم من كلامِه، وحَمْلِهم له على أحسَنِ المحامِلِ؛ لأنَّ هذا شأنُ الإخوانِ، وإن قَلَّ ذلك في الكثيرِ من أبناءِ الوَقتِ والزَّمانِ، وباللهِ المُستعانُ [4827] ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين)) لابن علان (3/ 79). .
والحديثُ فيه مراعاةُ قُلوبِ الضُّعَفاءِ وأهلِ الدِّينِ وإكرامُهم وملاطفتُهم [4828] ((شرح النووي على مسلم)) (16/ 66). . وفيه رِقَّةُ قَلبِ أبي بَكرٍ، وحِرصُه على دوامِ المودَّةِ بَينَه وبينَ جميعِ المُسلِمين [4829] ((فتح المنعم شرح صحيح مسلم)) لموسى شاهين لاشين (9/ 541). .
- عن أبي حَبيبةَ، مولًى لطَلحةَ، قال: دخَلْتُ على عليٍّ مع عِمرانَ بنِ طَلحةَ بعدَ وَقعةِ الجَمَلِ، فرَحَّب به وأدناه، ثمَّ قال: إنِّي لأرجو أن يجعَلَني اللهُ وأباك ممَّن قال فيهم: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر: 47] [4830] ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (3/ 199). .
- وعن زيدِ بنِ أسلَمَ أنَّه دخل على أبي دُجانةَ وهو مريضٌ، وكان وجهُه يتهَلَّلُ، فقال له: ما لك يتهَلَّلُ وجهُك؟ قال: ما من عَمَلِ شَيءٍ أوثَقُ عندي من اثنينِ: أمَّا أحَدُهما فكنتُ لا أتكَلَّمُ بما لا يَعنيني، وأمَّا الأُخرى فكان قلبي للمُسلِمين سليمًا [4831] رواه ابنُ وهب في ((الجامع)) (319) واللفظ له، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4577)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (113). .
- وأُثِرَ عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان يدعو لسَبعينَ من أصحابِه، يُسَمِّيهم بأسمائِهم، وهذا العَمَلُ عَلامةٌ على سلامةِ الصَّدرِ [4832] ذكره ابنُ بطال في ((شرح صحيح البخاري)) (2/450). .
- وقد كان أبو موسى الأشعريُّ صَوَّامًا قوَّامًا، ربَّانيًّا، زاهِدًا، عابِدًا، ممَّن جمع العِلمَ والعَمَلَ والجهادَ وسلامةَ الصَّدرِ، لم تغَيِّرْه الإمارةُ، ولا اغتَرَّ بالدُّنيا [4833] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (2/ 396). .

انظر أيضا: