موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- قولُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لجعفَرِ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أشبَهْتَ خَلْقي وخُلُقي)) ، أي: أنت مثلي بالأخلاقِ الظَّاهِرةِ والصُّورةِ، ومِثلي في الأخلاقِ الحميدةِ الباطنةِ؛ مِن الحِلمِ، والكَرَمِ، واللُّطفِ وغَيرِها . (وهي منقبةٌ عظيمةٌ لجعفَرٍ؛ قال اللهُ تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4] ) .
2- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا سمِعتُم الإقامةَ فامشُوا إلى الصَّلاةِ وعليكم بالسَّكينةِ والوَقارِ، ولا تُسرِعوا؛ فما أدركْتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا)) .
 فحثَّ على لزومِ السَّكينةِ في جميعِ الأمورِ، خُصوصًا في الصَّلاةِ وفي الوفودِ إليها، وقيل: إنَّ الوقارَ والسَّكينةَ بمعنى واحدٍ، جمع بَيْنَهما تأكيدًا، والظَّاهِرُ أنَّ بَيْنَهما فرقًا، وهو أنَّ السَّكينةَ التَّأنِّي في الحرَكَاتِ واجتِنابُ العَبَثِ ونحوِه، والوقارُ في غَضِّ البَصَرِ وخَفضِ الصَّوتِ، والإقبالِ على طريقِه وامتثالِه .
3- وقال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (وأحسَنُ الهَدْيِ هَديُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
والهَدْيُ: السَّمْتُ والدَّلُّ، ويعني بهذا الحَضَّ على لزومِ ما كان عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَمتِه ودَلِّه ولُبستِه ومِشيتِه، وغيرِ ذلك من سُنَنِه .
4- وعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه دفَع مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ عَرَفةَ، فسمع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبِلِ، فأشار بسَوطِه إليهم، وقال: أيُّها النَّاسُ عليكم بالسَّكينةِ؛ فإنَّ البِرَّ ليس بالإيضاعِ)) .
فأمَرَهم أن لا يخرُجوا من حَدِّ الوقارِ والسَّكينةِ بضَربِ الإبِلِ وتهييجِها وحملِها على الإسراعِ .
5- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما في قصَّةِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ وقدومِه على إسماعيلَ عليه السَّلامُ بعدَ ما تزوَّجَ، وفيها: ((فلَبِث عنهم إبراهيمُ ما شاء اللهُ، ثمَّ أتاهم بعدُ فلم يجِدْه، فدخَلَ على امرأتِه فسألها عنه، فقالت: خرَجَ يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عَيشِهم وهيئتِهم. فقالت: نحن بخيرٍ وسَعةٍ، وأثنَت على اللهِ، فقال: ما طعامُكم؟ قالت: اللَّحمُ، قال: فما شَرابُكم؟ قالت: الماءُ. قال: اللَّهُمَّ بارِكْ لهم في اللَّحمِ والماءِ. قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولم يكُنْ لهم يومَئذٍ حَبٌّ، ولو كان لهم حَبٌّ لدعا لهم فيه. قال: فهما لا يخلو عليهما أحدٌ بغيرِ مكَّةَ إلَّا لم يوافِقاه. قال: فإذا جاء زوجُكِ فاقرَئي عليه السَّلامُ ومُريه يُثبِتْ عَتَبةَ بابِه، فلمَّا جاء إسماعيلُ. قال: هل أتاكم من أحَدٍ؟ قالت: نعم، أتانا شيخٌ حَسَنُ الهيئةِ وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبَرْتُه أنَّا بخيرٍ. قال: فأوصاكِ بشيءٍ؟ قالت: نعَمْ، هو يقرأُ عليكَ السَّلامَ ويأمرُك أن تُثبِتَ عَتبةَ بابِك. قال: ذاك أبي، وأنتِ العَتَبةُ، أمَرَني أن أُمسِكَكِ))
فيه أنَّ حُسنَ الهيئةِ دليلُ خيرٍ لقَولِ زَوجةِ إسماعيلَ عن إبراهيمَ عليهما السَّلامُ: (أتانا شيخٌ حَسَنُ الهيئةِ) .

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه البخاري (2699) من حديثِ البراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنهما.
  2. (2) ((تيسير العلام شرح عمدة الأحكام)) للبسام (ص: 635).
  3. (3) ((فتح الباري)) لابن حجر (7/ 507).
  4. (4) أخرجه البخاري (636) واللفظ له، ومسلم (602).
  5. (5) ((الكواكب الدراري)) للكرماني (5/ 31).
  6. (6) أخرجه البخاري (6098).
  7. (7) ((الإفصاح)) لابن هبيرة (8/ 352).
  8. (8) أخرجه البخاري (1671).
  9. (9) ((المنتقى)) لأبي الوليد الباجي (4/ 24)، ((تحفة الأبرار)) للبيضاوي (2/ 156).
  10. (10) أخرجه البخاري (3364)
  11. (11) ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) لابن هبيرة (3/ 148).