موسوعة الآداب الشرعية

أوَّلًا: المُبادَرةُ إلى الإنفاقِ قَبلَ حُصولِ المَوانِعِ


تَنبَغي المُبادَرةُ إلى الإنفاقِ في وُجوهِ الخَيرِ قَبلَ أن يُحالَ بَينَ المَرءِ وبَينَها.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون: 10 - 11] .
2- قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران: 133 - 136] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن بُسرِ بنِ جِحاشٍ القُرَشيِّ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بزَقَ يَومًا في كَفِّه، فوضَعَ عليها أُصبُعَه، ثُمَّ قال: قال اللهُ: ابنَ آدَمَ أنَّى تُعجِزُني وقد خَلقتُك مِن مِثلِ هذه؟! حتَّى إذا سَوَّيتُك وعَدَّلتُك مَشَيتَ بَينَ بُردَينِ [26] البُردُ: نَوعٌ مِنَ الثِّيابِ مَعروفٌ فيه خُطوطٌ، وخَصَّ بَعضُهم به الوَشْيَ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (14/ 76)، ((طرح التثريب)) للعراقي (8/ 168). وللأرضِ مِنك وَئيدٌ [27] الوئيدُ: صَوتُ شِدَّةِ الوَطءِ على الأرضِ يُسمَعُ كالدَّويِّ مِن بُعدٍ. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (5/ 143). ، فجَمَعتَ ومَنَعتَ، حتَّى إذا بَلغَتِ التَّراقيَ [28] التَّراقي: جَمعُ تَرقُوةٍ، وهيَ ثُغرةُ النَّحرِ، أو عَظمٌ يَصِلُ ما بَينَ ثُغرةِ النَّحرِ والعاتِقِ، ولكُلِّ إنسانٍ تَرقُوتانِ عن يَمينِه وعن شِمالِه، ويُكَنَّى ببُلوغِ النَّفسِ التَّراقيَ عنِ الإشفاءِ على المَوتِ. يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 500)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/ 345)، ((البسيط)) للواحدي (22/ 514)، ((المفردات)) للراغب (ص: 166). قُلتَ: أتَصَدَّقُ، وأنَّى أوانُ الصَّدَقةِ؟!)) [29] أخرجه ابن ماجه (2707)، وأحمد (17842) واللفظ له. حسَّنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2707)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (3901)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17842). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلٌ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ الصَّدَقةِ أعظَمُ؟ فقال: أن تَصَدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شَحيحٌ، تَخشى الفقرَ وتَأمُلُ الغِنى، ولا تُمهِلُ حتَّى إذا بَلغَتِ الحُلقومَ قُلتَ: لفُلانٍ كَذا، ولفُلانٍ كَذا، ألَا وقد كان لفُلانٍ)) [30] أخرجه البخاري (1419)، ومسلم (1032) واللَّفظُ له. .
وفي رِواية: ((جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ الصَّدَقةِ أعظَمُ أجرًا؟ فقال: أمَا وأبيك لتُنَبَّأنَّه: أن تَصَدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شَحيحٌ، تَخشى الفقرَ، وتَأمُلُ البَقاءَ، ولا تُمهِلُ حتَّى إذا بَلغَتِ الحُلقومَ، قُلتَ: لفُلانٍ كَذا، ولفُلانٍ كَذا، وقد كان لفُلانٍ)) [31] أخرجها مسلم (1032). .
فائِدة:
عن خالِدِ بنِ مَعدانَ، قال: (إذا فُتِحَ لأحَدِكُم بابُ خَيرٍ فليُسرِعْ إليه؛ فإنَّه لا يَدري مَتى يُغلَقُ عنهـ) [32] رواه أحمد في ((الزهد)) (2265)، ومن طريقه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/ 211). .

انظر أيضا: