موسوعة الآداب الشرعية

ثالثَ عشرَ: تَركُ التَّجَسُّسِ


مِن أدَبِ الرَّئيسِ: مُجانَبةُ التَّجَسُّسِ على مَرؤوسيه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ-من الكتاب
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12] .
ب-مِنَ السُّنَّةِ
1- قال أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه يَأثُرُ [122] يأثرُ: أي: يروي، مِن أثرتُ الحديثَ آثرُه بالمد أثرًا -بفتحِ أولِه وسكونِ الثَّاني- إذا ذكرتَه عن غيرِك. يُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (20/ 133). عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إيَّاكُم والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الحَديثِ، ولا تَجَسَّسوا ولا تَحَسَّسوا [123] ولا تجسَّسوا ولا تحسَّسوا: الأولُ بالجيمِ والثاني بالحاءِ المهملةِ، واختُلف فيهما؛ فقيل: التحسسُ بالحاءِ: الاستماعُ لحديثِ القومِ، وبالجيمِ: البحثُ عن العوراتِ، وقيل: بالحاءِ هو أن تطلبَه لغيرِك، وقيل: هما بمعنى، وهو طلبُ معرفةِ الأخبارِ الغائبةِ والأحوالِ، وقيل: بالحاءِ في الخيرِ وبالجيمِ في الشرِّ، وقيل: بالحاءِ أن تسمعَ ما يقولُ أخوك فيك، وبالجيمِ: أن ترسلَ مَن يسألُ لك عمَّا يقالُ لك في أخيك مِن السُّوء. يُنظر: ((غريب الحديث)) للخطابي (1/ 83، 84)، ((الغريبين)) للهروي (1/ 341، 342) و (2/ 440، 441)، ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (2/ 165)، ((غريب الحديث)) لابن الجوزي (1/ 156)، ((عمدة القاري)) للعيني (20/ 133). ، ولا تَباغَضوا، وكونوا إخوانًا)) [124] أخرجه البخاري (5143) واللفظ له، ومسلم (2563). .
2- عن راشِدِ بنِ سَعدٍ عن مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إنَّك إنِ اتَّبَعتَ عَوراتِ المُسلمينَ أفسَدتَهم، أو كِدتَ تُفسِدُهم». فقال أبو الدَّرداءِ: كلمةٌ سَمِعَها مُعاويةُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَفعَه اللَّهُ بها)) [125] أخرجه أبو داود (4888) واللفظ له، وابن حبان (5760)، والطبراني (19/ 379) (890). صحَّحه ابنُ حبان، والنووي في ((رياض الصالحين)) (508)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4888)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1133)، وصحَّح إسنادَه العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/250)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4888). .
قال القاريُّ: («إنَّكَ إذا اتَّبَعتَ» مِنَ الِاتِّباعِ، أي: تَتَبَّعتَ «عَوراتِ النَّاسِ» أي: عُيوبَهمُ الخَفيَّةَ، وفي نُسخةٍ: «ابتَغَيتَ» أي: طَلَبتَ ظُهورَ معايبِهم وخَلَلِهم «أفسَدتَهم» أي: حَكَمتَ عليهم بالفسادِ، أو أفسَدتَ أمرَ المَعاشِ والمَعادِ، واللهُ رَءوفٌ بالعِبادِ... وإنَّما عَمَّ في هذا الحَديثِ بالخِطابِ بقَولِه: «إنَّك»...؛ لئَلَّا يتَوهَّمَ أنَّ النَّهيَ مُختَصٌّ بالأميرِ، بَل لكُلِّ مَن يَتَأتَّى مِنه اتِّباعُ العَوراتِ مِنَ الأميرِ وغَيرِهـ) [126] ((مرقاة المفاتيح)) (6/ 2414). .

انظر أيضا: