موسوعة الفرق

تمهيدٌ: النظرةُ التهكُّميةُ للأئمةِ الأربعةِ


الشِّيعةُ الاثنا عَشْريَّةُ يعادونَ الأئِمَّةَ الأربعةَ الفُقَهاءَ المشهورين في الأمَّةِ، وهم: أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشَّافعيُّ، وأحمدُ بنُ حنبَلٍ، ولا يُستغرَبُ هذا من الشِّيعةِ؛ فقد نَصَبوا العَداءَ لصحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأزواجِه رَضِيَ اللَّهُ عنهم أمَّهاتِ المُؤمِنين [807] يُنظر: ((موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة)) لخالد الزهراني (ص: 53- 108). .
ومن صُوَرِ عَدائِهم للأئِمَّةِ الأربعةِ ما جاء على لسانِ بعضِ شُعَرائِهم:
إذا شِئتَ أن ترضى لنفسِك مَذهَبًا
يُنجيك يومَ البعثِ مِن ألمِ النَّارِ
فدَعْ عنك قولَ الشَّافِعيِّ ومالكٍ
وأحمَدَ والنُّعمانِ أو كَعبِ أحبارِ
ووالِ أناسًا قَولُهُم وحَدِيثُهُم
روى جَدُّنا عن جبرائيلَ عن الباري [808] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (108/117)، ((الصراط المستقيم)) للبياض (3/207). ويُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (4/103) و (4/128). .
وجاء في مُقَدِّمةِ كتاب (مختَلف الشِّيعة) للحليِّ ما يُبَيِّنُ نظرتَهم التَّهكُّميَّةَ للأئِمَّةِ الأربعةِ: (قالوا: لأيِّ شيءٍ أخَذْتَ نعلَك معك، وهذا ممَّا لا يليقُ بعاقلٍ بل إنسانٍ؟ قال: خِفتُ أن يسرِقَه الحنفيَّةُ كما سَرَق أبو حنيفةَ نَعْلَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم. فصاحت الحنفيَّةُ: حاشا وكلَّا، متى كان أبو حنيفةَ في زمَنِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلَّم؟ بل كان وُلِد بعدَ المائةِ مِن وفاةِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم. قال: فنَسِيتُ، لعَلَّه كان الشَّافعيَّ. فصاحت الشَّافعيَّةُ، وقالوا: كان مَولِدُ الشَّافعيِّ في يومِ وفاةِ أبي حنيفةَ، وكان أربعَ سِنينَ في بطنِ أمِّه ولا يخرُجُ رعايةً لحُرمةِ أبي حنيفةَ، فلما مات خرج، وكان نشؤه في المائتينِ من وفاةِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم. فقال: لعلَّه كان مالِكًا. فقالت المالكيَّةُ بمثلِ ما قالته الحَنَفيَّةُ. فقال: لعَلَّه أحمدُ بنُ حَنبَلٍ. فقالوا بمِثلِ ما قالته الشَّافعيَّةُ. فتوجَّه العلَّامةُ إلى المَلِكِ، فقال: أيُّها المَلِكُ، عَلِمتُ أنَّ رُؤساءَ المذاهِبِ الأربعةِ لم يكنْ أحَدُهم في زمَنِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم، ولا في زَمَنِ الصَّحابةِ، فهذه إحدى بِدَعِهم أنَّهم اختاروا من مجتَهِديهم هذه الأربعةَ، ولو كان منهم من كان أفضَلَ منهم بمراتِبَ لا يجوِّزون أن يجتَهِدَ بخِلافِ ما أفتاه واحدٌ منهم. فقال المَلِكُ: ما كان واحدٌ منهم في زمَنِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم والصَّحابةِ؟ فقال الجميعُ: لا. فقال العلَّامةُ: ونحن معاشِرَ الشِّيعةِ تابعون لأميرِ المُؤمِنين عليه السَّلامُ؛ نَفسِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم وأخيه وابنِ عَمِّه ووَصِيِّه) [809] يُنظر: ((مختلف الشيعة)) للحلي (ص: 110). .
وذَكَر نِعمةُ اللَّهِ الجزائريُّ الشِّيعيُّ روايةً غريبةً ثمَّ علَّق عليها بما يُبَيِّنُ حِقدَه على عُلَماءِ الإسلامِ: (وعنه عليه السَّلامُ قال: "مرَّ موسى بنُ عِمرانَ برجُلٍ رافعٍ يديه إلى السَّماءِ يدعو، فانطلق موسى في حاجتِه، فغاب عنه سبعةَ أيَّامٍ، ثمَّ رجع إليه وهو رافعٌ يديه يدعو ويتضَرَّعُ ويسألُ حاجتَه، فأوحى اللَّه إليه: يا موسى، لو دعاني حتى يسقُطَ لسانُه ما استجَبْتُ له حتَّى يأتيَني من البابِ الذي أمرْتُه به".
أقولُ: هذا يَكشِفُ لك عن أمورٍ كثيرةٍ: منها: بطلانُ عِبادةِ المخالِفين، وذلك أنَّهم وإن صاموا وصلَّوا وحَجُّوا وزكَّوا وأتَوا من العباداتِ والطَّاعاتِ، وزادوا على غيرِهم، إلَّا أنَّهم أتَوا إلى اللَّهِ تعالى من غيرِ الأبوابِ التي أمَرَ بالدُّخولِ منها؛ فإنَّه سُبحانَه وتعالى قال: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة: 189] ، وقد صحَّ عِندَ المُسلِمين قولُه صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه وسلَّم: ((أنا مدينةُ العِلمِ، وعليٌّ بابُها)) [810] أخرجه العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (3/149)، والطبراني (11/65) (11061)، والحاكم (4637) من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. قال يحيى بن معين كما في ((تاريخ بغداد)) للمِزِّي (11/205): كَذِبٌ، ليس له أصلٌ، مُنكَرٌ جدًّا، وقال الإمام أحمد في ((العلل ومعرفة الرجال)) (3/9): ليس له أصلٌ، كَذِبٌ، وقال العقيليُّ: لا يصِحُّ في هذا المتنِ حديثٌ، وقال ابنُ حبَّان في ((المجروحين)) (2/136): لا أصلَ له. ، وقد جعَلوا المذاهِبَ الأربعةَ وسائِطَ وأبوابًا بَيْنَهم وبينَ رَبِّهم، وأخَذوا الأحكامَ عنهم) [811] يُنظر: ((قصص الأنبياء)) (ص: 344). .
وعَقَد العامِليُّ البياضيُّ في كتابِه (الصِّراطُ المستقيم إلى مُستحِقِّي التَّقديم) بابًا بعنوانِ: بابٌ في تخطئةِ كُلِّ واحدٍ من الأربعةِ في كثيرٍ من أحكامِه. وفيه فصولٌ:
الأوَّلُ: فيما أجمعوا عليه.
الثَّاني: فيما اختلفوا فيه.
الثَّالثُ: فيما أضيفَ إليهم من المخازي.
الرَّابعُ: في البُخاريِّ.
الخامِسُ: فيما أنكَر مُسلِمٌ والبُخاريُّ من الأحاديثِ [812] ((الصراط المستقيم)) (3/181 - 214). .
وقال مُحمَّدٌ الرَّضيُّ الرَّضويُّ: (لو أنَّ أدعياءَ الإسلامِ والسُّنَّةِ أحبُّوا أهلَ البيتِ عليهم السَّلامُ لاتَّبَعوهم، ولَمَا أخذوا أحكامَ دينِهم عن المنحَرِفين عنهم، كأبي حنيفةَ والشَّافِعيِّ ومالكٍ، وابنِ حنبَلٍ، الذين لم يكُنْ واحدٌ منهم شاهَدَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا نَقَل عنه شيئًا من حديثِه وسُنَّتِه؛ قال اللَّهُ تعالى: قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31] ، فآيةُ المحبَّةِ لأهلِ البيتِ عليهم السَّلامُ الذين جَعَل اللَّهُ مودَّتَهم أجرَ الرِّسالةِ في قولِه: قُلْ لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى: 23] ، الاتِّباعُ لهم في الأقوالِ، والاقتِداءُ بسِيرتِهم في الأفعالِ، والرُّجوعُ إليهم لأخذِ سُنَّةِ جَدِّهم منهم عليه السَّلامُ؛ لأنَّ أهلَ البيتِ أدرى بما في البيتِ، وأئِمَّةُ أصحابِ المذاهِبِ الأربعةِ كانوا في حيادٍ عنهم عليهم السَّلامُ، فأين علامةُ هذا الولاءِ الكاذِبِ؟!) [813] ((كذبوا على الشيعة)) (ص: 279). .

انظر أيضا: