موسوعة التفسير

سُورةُ العَلَقِ
مقدمة السورة

أسماء السورة:

سُمِّيَت هذه السُّورةُ بسُورةِ: العَلَقِ [1] سُمِّيَت بذلك؛ لذِكْرِ لَفظِ العَلَقِ في أوَّلِها. يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (3/433). .
وسمِّيت أيضًا: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ:
فعن جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّى مُعاذُ بنُ جَبَلٍ الأنصاريُّ بأصحابِه العِشاءَ، فطَوَّل عليهم، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أتُريدُ أن تكونَ فتَّانًا يا مُعاذُ؟ إذا أمَمْتَ النَّاسَ فاقرَأْ بـ «الشَّمسِ وضُحاها» وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ و«اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى»)) [2] أخرجه مسلم (465). .

فضائل السورة وخصائصها :

1- أنَّ الآياتِ الخَمْسَ مِن أوَّلِها هي أوَّلُ ما نزَل مِن القُرآنِ [3] وهو قولُ أكثرِ العلماءِ. يُنظر: ((تفسير الثعلبي)) (10/242)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (16/254)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/433). .
فعن عائشةَ، زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالَتْ: ((كان أوَّلَ ما بُدِئَ به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرُّؤْيَا الصَّادِقةُ في النَّومِ، فكان لا يَرى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ [4] فَلَقِ الصُّبْحِ: أي: ضَوئِه وإنارَتِه. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/471). ، ثُمَّ حُبِّب إليه الخلاءُ، فكان يَلْحَقُ بغارِ حِراءٍ فيَتَحَنَّثُ فيه -قال [5] يَحتمِلُ أنْ يكونَ مِن كلامِ عُروةَ راوي الحديثِ عن عائشةَ، أو مَنْ دونَه مِن رواةِ الحديثِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/717). : والتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ- اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ [6] اللَّياليَ ذواتِ العَدَدِ: اللَّياليَ: مَنصوبةٌ على الظَّرفِ يتعَلَّقُ بقَولِه «يتحَنَّثُ»، وإبهامُ العددِ لاختلافِه، وهو بالنِّسبةِ إلى المُدَدِ الَّتي يتخَلَّلُها مَجيئُه إلى أهلِه، وإلَّا فأصلُ الخَلوةِ قد عُرِفَت مُدَّتُها، وهي شَهرٌ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/23). ، قبْلَ أنْ يَرْجِعَ إلى أهلِه ويَتَزَوَّدُ لذلك، ثُمَّ يرجِعُ إلى خَديجةَ فيَتزَوَّدُ بِمِثْلِها، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غارِ حِراءٍ، فجاءَه المَلَكُ، فقال: اقْرَأْ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما أنا بقارِئٍ، قال: فأخَذَني فغَطَّني [7] فغَطَّني: الغَطُّ: العَصْرُ الشَّدِيدُ والكَبْسُ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/373). حتَّى بَلَغ مِنِّي الجهْدَ [8] رُوِي بفتحِ الجيمِ والنَّصْبِ أيْ: بَلَغ الغَطُّ منِّي غايةَ وُسْعي، ورُوِي بضَّمِّ الجيمِ والرَّفْعِ أيْ: بَلَغ منِّي الجُهْدُ مَبْلَغَه. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/24). ، ثُمَّ أرْسَلَني، فقال: اقْرَأْ، قُلْتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذني فغَطَّني الثَّانيةَ حتَّى بَلَغ مِنِّي الجهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، قُلْتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذني فغطَّني الثَّالثةَ حتَّى بَلَغ منِّي الجهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلني، فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ الآياتِ إلى قولِه: عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 1- 5] )) [9] أخرجه البخاري (4953)، ومسلم (160). .
2- في سُورةِ العلق سَجدةٌ.
وذلك عندَ قَولِه تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق: 19] [10] وهذا مذهبُ الجمهورِ مِن الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 104)، ((المجموع)) للنووي (4/59)، ((كشاف القناع)) للبُهوتي (1/447). ، وممَّا يدُلُّ على ذلك ما جاء عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((سَجَدْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: 1] ، واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] )) [11] أخرجه مسلم (578). .

بيان المكي والمدني:

سُورةُ العَلَقِ مَكِّيَّةٌ، نَقَل الإجماعَ على ذلك غَيرُ واحِدٍ مِنَ المُفَسِّرينَ [12] مِمَّن نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عطيَّةَ، وابنُ الجَوزيِّ، والقُرطبيُّ، والبِقاعي. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/472)، ((تفسير ابن الجوزي)) (4/466)، ((تفسير القرطبي)) (20/117)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (3/212). .

مقاصد السورة:

مِن أهَمِّ مَقاصِدِ السُّورةِ:
تَثْبيتُ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتهديدُ كلِّ مَن يقِفُ في وجهِ دعوةِ الإسلامِ [13] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/434)، ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (15/451). .

موضوعات السورة :

مِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ:
1- التَّنويهُ بشَأنِ القِراءةِ والكِتابةِ، والعِلمِ والتَّعَلُّمِ.
2- التَّهديدُ لكُلِّ مَن يَقِفُ في وَجهِ دَعوةِ الإسلامِ.
3- إعلامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ اللهَ تعالى مُطَّلِعٌ على ما يُبَيِّتُه له أعداؤُه، وأنَّه سُبحانَه قامِعُهم، وناصِرُه عليهم.
4- أمْرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأن يَمضِيَ في طَريقِه، وأن يُصَلِّيَ ويقتَرِبَ مِن رَبِّه.