موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّاني: شُروطُ المُجمَعِ عليه


يُشتَرَطُ في المُجمَعِ عليه أن يَكونَ أمرًا دينيًّا، سَواءٌ كان حُكمًا شَرعيًّا أو اعتِقاديًّا، وقد عُزِيَ إلى بَعضِ الفُقَهاءِ ، ونَصَّ عليه بَعضُ الحَنَفيَّةِ كابنِ الهُمامِ ، والشَّافِعيَّةِ كالشِّيرازيِّ ، والسَّمعانيِّ ، والغَزاليِّ ، وبَعضِ الحَنابلةِ كابنِ قُدامةَ ، والطُّوفيِّ .
أمَّا الأُمورُ الدُّنيَويَّةُ، كتَجهيزِ الجُيوشِ وتَدبيرِ الحُروبِ، والعِمارةِ والزِّراعةِ، وغَيرِها مِن مَصالِحِ الدُّنيا، فالإجماعُ ليسَ بحُجَّةٍ فيها؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما أنا بَشَرٌ، إذا أمَرَتُكُم بشَيءٍ مِن دينِكُم فخُذوا به، وإذا أمَرتُكُم بشَيءٍ مِن رَأيي فإنَّما أنا بَشَر)) ، فإذا كان قَولُه ليسَ مُلزِمًا في أُمورِ الدُّنيا فالإجماعُ عليها مِن بابِ أَولى ، ولأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا رَأى رَأيًا في الحَربِ راجَع الصَّحابةَ في ذلك، ورُبَّما تَرَكَ رَأيَه لرَأيِهم .
وأيضًا: الأُمورُ الدُّنيَويَّةُ تَختَلِفُ باختِلافِ المَصالحِ المُختَلِفةِ بحَسَبِ الأزمانِ؛ فلو قيل بحُجِّيَّتِه فرُبَّما تَختَلفُ تلك المَصلحةُ في بَعضِ الأزمِنةِ، وتَصيرُ المَصلحةُ في غَيرِه، فيَلزَمُ تَركُ المَصلحةِ، وإثباتُ ما لا مَصلحةَ فيه، وهو مَحذورٌ .
وقيل: الإجماعُ حُجَّةٌ في الأُمورِ الشَّرعيَّةِ وغَيرِها، كالعَقليَّةِ والدُّنيَويَّةِ، وهو اختيارُ الآمِديِّ ، وابنِ السَّاعاتيِّ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (2/ 55).
  2. (2) يُنظر: ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/ 116).
  3. (3) يُنظر: ((شرح اللمع)) (2/ 688).
  4. (4) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) (1/486).
  5. (5) يُنظر: ((المستصفى)) (ص: 137).
  6. (6) يُنظر: ((شرح مختصر أصول الفقهـ)) للجراعي (1/ 648).
  7. (7) يُنظر: ((روضة الناظر)) (1/376).
  8. (8) يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) (3/ 6).
  9. (9) أخرجه مسلم (2362) من حديثِ رافِعِ بنِ خَديجٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
  10. (10) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/486)، ((بذل النظر)) للأسمندي (ص:548)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/116).
  11. (11) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/486)، ((بذل النظر)) للأسمندي (ص:548).
  12. (12) يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/ 2672).
  13. (13) يُنظر: ((الإحكام)) (1/196).
  14. (14) يُنظر: ((بديع النظام)) (1/255).