موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الرَّابِعُ: مُراعاةُ تَغَيُّرِ الزَّمانِ والمَكانِ والأحوالِ في الفتوى


يَنبَغي لمَن تَصَدَّى للإفتاءِ أن يُدرِكَ قاعِدةَ تَغَيُّرِ الفتوى واختِلافِها بحَسَبِ تَغَيُّرِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ والأحوالِ والنِّيَّاتِ والعَوائِدِ . وهيَ مُجمَعٌ عليها بَينَ العُلَماءِ كَما نَقَل ذلك القَرافيُّ .
وهذه القاعِدةُ لها أهَمِّيَّتُها في الفتوى وفي القَضايا والنَّوازِلِ التي تَرِدُ.
قال ابنُ القَيِّمِ: (يَنبَغي له أي: المُفتي أن يَكونَ فقيهًا في مَعرِفةِ مَكرِ النَّاسِ وخِداعِهم واحتيالِهم وعَوائِدِهم وعُرفيَّاتِهم؛ فإنَّ الفتوى تَتَغَيَّرُ بتَغَيُّرِ الزَّمانِ والمَكانِ والعَوائِدِ والأحوالِ، وذلك كُلُّه مِن دينِ اللهِ) .
وقال أيضًا: (هذا فَصلٌ عَظيمُ النَّفعِ جِدًّا، وقَعَ بسَبَبِ الجَهلِ به غَلَطٌ عَظيمٌ على الشَّريعةِ أوجَبَ مِنَ الحَرَجِ والمَشَقَّةِ وتَكليفِ ما لا سَبيلَ إليهـ) .
وقال القَرافيُّ: (الأحكامُ المُتَرَتِّبةُ على العَوائِدِ تَدورُ مَعَها كَيفما دارَت، وتَبطُلُ مَعَها إذا بَطَلَت، كالنُّقودِ في المُعامَلاتِ والعُيوبِ في الأعراضِ في البياعاتِ ونَحوِ ذلك، فلَو تَغَيَّرَتِ العادةُ في النَّقدِ والسِّكَّةِ إلى سِكَّةٍ أخرى لحُمِلَ الثَّمَنُ في البَيعِ عِندَ الإطلاقِ على السِّكَّةِ التي تَجَدَّدَتِ العادةُ بها دونَ ما قَبلَها، وكذلك إذا كان الشَّيءُ عَيبًا في الثِّيابِ في عادةٍ رَدَدنا به المَبيعَ، فإذا تَغَيَّرَتِ العادةُ وصارَ ذلك المَكروهُ مَحبوبًا موجِبًا لزيادةِ الثَّمَنِ لم تُرَدَّ به، وبهذا القانونِ تُعتَبَرُ جَميعُ الأحكامِ المُرَتَّبةِ على العَوائِدِ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظَر: ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (3/ 429).
  2. (2) قال: (الأحكامُ المُتَرَتِّبةُ على العَوائِدِ تَدورُ مَعَها كَيفما دارَت. وتَبطُلُ مَعَها إذا بَطَلَت... وهو تَحقيقٌ مُجمَعٌ عليه بَينَ العُلَماءِ، لا خِلافَ فيهـ). ((الفروق)) (1/ 176).
  3. (3) ((إعلام الموقعين)) (5/ 84).
  4. (4) ((إعلام الموقعين)) (3/ 429).
  5. (5) ((الفروق)) (1/ 176).