موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الخامِسَ عَشَرَ: الاختِلافُ في نَسخِ الحُكمِ


إنَّ الاختِلافَ في نَسخِ حُكمٍ مِن أحكامِ الشَّرعِ قد أوجَبَ خِلافًا بَينَ العُلَماءِ؛ فالنَّاسِخُ قد يَبلُغُ البَعضَ فيَعمَلُ به، ولا يَبلُغُ الآخَرَ فيَعمَلُ بالمَنسوخِ، ثُمَّ قد يَرى أحَدُهم إمكانَ الجَمعِ بَينَ الدَّليلَينِ فلا يَقولُ بالنَّسخِ، ولا يَراه الآخَرُ فيَحكُمُ بنَسخِ أحَدِهما، وقد يَراه أحَدُهما نسخًا، ويَراه الآخَرُ تخصيصًا، وقد يَختَلِفونَ في النَّاسِخِ ما هو .
مِثالُه: الاختِلافُ في قَولِ اللهِ تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة: 180] ، فقدِ اختَلَف العُلَماءُ فيها: هَل هيَ مَنسوخةٌ كَما هو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، أو مُحكَمةٌ فيمَن لا يَرِثُ ؛ فعلى القَولِ بأنَّها مُحكَمةٌ فالأمرُ لمَن تَرَك مالًا أن يوصيَ لوالِدَيه وأقارِبِه الذينَ لا يَرِثونَ، كالكُفَّارِ والأقرَبينَ المَحجوبينَ، ولا يَكونُ فيه ظُلمٌ على الوَرَثةِ، وعلى القَولِ بأنَّها مَنسوخةٌ فلا وصيَّةَ، والنَّاسِخُ هو فرضُ الفرائِضِ والمَواريثِ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظَر: ((الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين)) للبطليوسي (ص: 197)، ((تقريب الوصول)) لابن جزي (ص: 203)، ((أسباب اختلاف الفقهاء)) لعبد الله التركي (ص: 292).
  2. (2) يُنظَر: ((البناية شرح الهداية)) للعيني (13/ 388).
  3. (3) يُنظَر: ((موطأ مالك)) (4/ 1111)، ((المنتقى شرح الموطإ)) للباجي (6/ 176).
  4. (4) يُنظَر: ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/ 92).
  5. (5) يُنظَر: ((المغني)) لابن قدامة (8/ 394).
  6. (6) ذَهَبَ إسحاقُ وطاووسٌ، وقتادةُ، والحَسَنُ البَصريُّ إلى نَسخ "الوالِدانِ" بالفَرضِ لهما في سورةِ النِّساءِ، وبَقيَ "الأقرَبونَ" مِمَّن لا يَرِثُ، الوصيَّةُ لَهم جائِزةٌ. يُنظَر: ((الإشراف)) لابن المنذر (4/ 403)، ((المغني)) لابن قدامة (8/ 391).
  7. (7) يُنظَر: ((أسباب اختلاف الفقهاء)) لعبد الله التركي (ص: 292- 293)، ((فتح العلام)) للحطاب (ص: 409)، ((دراسات أصولية في القرآن الكريم)) للحفناوي (ص: 380- 381).