موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الأوَّلُ: هَل يَجوزُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الاجتِهادُ؟


يَجوزُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الاجتِهادُ في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ، وعليه الجُمهورُ . وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، وابنِ الهُمامِ ، والشَّافِعيَّةِ ، وهو قَولُ أكثَرِ الحَنابِلةِ .
الأدِلَّةُ:
1- عُمومُ قَولِ اللهِ تعالى: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ أمرٌ بالاعتِبارِ على العُمومِ لأهلِ البَصائِرِ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجَلُّهم في ذلك؛ فكان داخِلًا في هذا العُمومِ .
2- عُمومُ قَولِ اللهِ سُبحانَه: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ [النساء: 105] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ ما أراه اللهُ تعالى لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعُمُّ الحُكمُ بالنَّصِّ، والاستِنباطَ مِنَ النُّصوصِ، ولم يُفرِّقْ بَينَ ما أراه بالنَّصِّ أو بالاجتِهادِ .
3- قَولُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ. والمُشاورةُ إنَّما تَكونُ فيما يُحكَمُ فيه بطَريقِ الاجتِهادِ لا فيما يُحكَمُ فيه بطَريقِ الوَحيِ، فلَو كان ذلك عن وَحيٍ لم يَحتَجْ إلى مُشاورَتِهم .
4- أنَّ قياسَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الوحيِ اتِّباعٌ للوَحيِ؛ فلَيسَ في ذلك خُروجٌ عنه .
وقيلَ: لا يَجوزُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الاجتِهادُ مُطلَقًا. ومِمَّنِ اختارَه ابنُ حَزمٍ .

انظر أيضا:

  1. (1) قال النَّوويُّ: (... لِلجُمهورِ القائِلينَ بجَوازِ الاجتِهادِ). ((شرح مسلم)) (7/ 67). قال ابنُ اللَّحَّامِ: (يَجوزُ اجتِهادُ النَّبيِّ عليه السَّلامُ في أمرِ الشَّرعِ عَقلًا عِندَ الأكثَرِ، وأمَّا شرعًا فأكثَرُ أصحابِنا على جَوازِهـ). ((المختصر)) (ص: 164).
  2. (2) يُنظَر: ((أصول السرخسي)) (2/ 92).
  3. (3) يُنظَر: ((التحرير)) (ص: 525)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/ 183).
  4. (4) يُنظَر: ((المحصول)) للرازي (6/ 7).
  5. (5) يُنظَر: ((المختصر)) لابن اللحام (ص: 164).
  6. (6) يُنظَر: ((الإحكام)) للآمدي (4/ 165).
  7. (7) يُنظَر: ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 521)، ((الإحكام)) للآمدي (4/ 166).
  8. (8) يُنظَر: ((العدة)) لأبي يعلى (5/ 1583)، ((الإحكام)) للآمدي (4/ 166).
  9. (9) يُنظَر: ((تشنيف المسامع)) للزركشي (4/ 578)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (4/ 475).
  10. (10) يُنظَر: ((الإحكام)) (5/ 132).