موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الأوَّلُ: تَعريفُ التَّرجيحِ


أولًا: تَعريفُ التَّرجيحِ لُغةً:
التَّرجيحُ لُغةً: مَأخوذٌ مَن (رجح)، وهيَ تَدُلُّ على رَزانةٍ وزيادةٍ، يُقالُ: رَجَحَ الميزانُ: إذا ثَقُلَ ورَزُنَ، وفُلانٌ أرجَحُ مِن فُلانٍ، أي: أرَزَنُ مِنه، ورَجَحَ في الميزانِ: إذا مالَ مِن ثِقَلِه ورَزانَتِه. والتَّرجيحُ: مَصدَرُ رَجَّحَ، يُقالُ: رَجَّحَ كِفَّةَ الميزانِ يُرَجِّحُ تَرجيحًا: جَعَلَها تَثقُلُ .
ثانيًا: تَعريفُ التَّرجيحِ اصطِلاحًا:
التَّرجيحُ اصطِلاحًا: اقتِرانُ أحَدِ الصَّالحَينِ للدَّلالةِ على المَطلوبِ مَعَ تَعارُضِهما بما يوجِبُ العَمَلَ بأحَدِهما وإهمالَ الآخَرِ .
وقيلَ: اقتِرانُ الأمارةِ بما تَقوى به على مُعارِضِها .
وقيلَ: تَقويةُ إحدى الأمارَتَينِ على الأخرى؛ ليُعمَلَ بها .
وقيلَ: تَقديمُ أحَدِ طَريقَيِ الحُكمِ لاختِصاصِه بقوَّةٍ في الدَّلالةِ .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ وبَيانُ مُحتَرَزاتِه :
- عِبارةُ "اقتِرانُ أحَدِ الصَّالحَينِ": احتِرازٌ عَمَّا لَيسا بصالِحَينِ للدَّلالةِ، أو أحَدُهما صالِحٌ والآخَرُ ليس بصالِحٍ؛ فإنَّ التَّرجيحَ إنَّما يَكونُ مَعَ تَحَقُّقِ التَّعارُضِ، ولا تَعارُضَ مَعَ عَدَمِ الصَّلاحيةِ للأمرَينِ أو أحَدِهما.
- عِبارةُ "مَعَ تَعارُضِهما": احتِرازٌ عنِ الصَّالِحَينِ اللَّذَينِ لا تَعارُضَ بَينَهما؛ فإنَّ التَّرجيحَ إنَّما يُطلَبُ عِندَ التَّعارُضِ لا مَعَ عَدَمِه.
- عِبارةُ "بما يوجِبُ العَمَلَ بأحَدِهما وإهمالَ الآخَرِ": احتِرازٌ عَمَّا اختَصَّ به أحَدُ الدَّليلَينِ عنِ الآخَرِ مِنَ الصِّفاتِ الذَّاتيَّةِ أوِ العَرضيَّةِ، ولا مَدخَلَ له في التَّقويةِ والتَّرجيحِ.

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((النظم المستعذب)) لبطال الركبي (1/130)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (4/87،86)، ((مجمل اللغة)) (ص: 420)، ((مقاييس اللغة)) (2/ 489) كلاهما لابن فارس، ((الصحاح)) للجوهري (1/364)، ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 118)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/219)، ((معجم اللغة العربية المعاصرة)) لأحمد مختار (2/585).
  2. (2) يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/ 239).
  3. (3) يُنظر: ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (3/370)، ((أصول الفقهـ)) لابن مفلح (4/1581).
  4. (4) يُنظر: ((منهاج الوصول)) للبيضاوي (ص: 239)، ((التحبير)) للمرداوي (8/4141)، ((الفوائد السنية)) للبرماوي (5/227).
  5. (5) يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (3/673).
  6. (6) يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/239). قال العَضُدُ: (للفُقَهاءِ تَرجيحٌ خاصٌّ يُحتاجُ إليه في استِنباطِ الأحكامِ، وذلك لا يُتَصَوَّرُ فيما ليس فيه دَلالةٌ على الحُكمِ أصلًا، ولا فيما دَلالَتُه عليه قَطعيَّةٌ؛ لِما سَيَأتي أنْ لا تَعارُضَ بَينَ قَطعيَّينِ، ولا بَينَ قَطعيٍّ وظَنِّيٍّ، فتَعَيَّن أن يَكونَ لأمارةٍ على أخرى، ولا يحصلُ تَحَكُّمًا مَحضًا، بَل لا بُدَّ مِنِ اقتِرانِ الأمارةِ بما به تَقوى على مُعارِضِها، فهذا الِاقتِرانُ الذى هو سَبَبُ التَّرجيحِ هو المُسَمَّى بالتَّرجيحِ في مُصطَلَحِ القَومِ، لا جَرَمَ عَرَّفه بأنَّه اقتِرانُ الأمارةِ بما به تَقوى على مُعارِضِها، وإذا حَصَلَ التَّرجيحُ وجَبَ العَمَلُ بها، وهو تَقويمُ أقوى الأمارَتَينِ للقَطعِ عنهم بذلك، أي: فَهم ذلك مِنَ الصَّحابةِ وغَيرِهم، وعُلِمَ قَطعُهم به بتَكَرُّرِه في الوقائِعِ المُختَلِفةِ التي لا حاجةَ إلى تَعدادِها). ((شرح مختصر المنتهى)) (3/645).