موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّالِثُ: نَسخُ القُرآنِ بخَبَرِ الواحِدِ


لا يَجوزُ نَسخُ القُرآنِ بالسُّنَّةِ الآحادِ شَرعًا، وهو قَولُ الشَّافِعيِّ ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، وجُمهورِ الشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ .
قال صَفيُّ الدِّينِ الهِنْديُّ: (نَسخُ القُرآنِ بخَبَرِ الواحِدِ لم يَقَعْ، ولا يَجوزُ شَرعًا عِندَ الجَماهيرِ) .
الأدِلَّةُ:
1- الإجماعُ:
فالصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم كانوا يَترُكونَ خَبَرَ الواحِدِ إذا رَفعَ حُكمَ الكِتابِ والسُّنَّةِ المَعلومةِ؛ فقد جاءَ عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (لا نَترُكُ كِتابَ اللهِ وسُنَّةَ نَبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لقَولِ امرَأةٍ لا نَدري لَعَلَّها حَفِظَت أو نَسِيَت) .
وقد كان ذلك مُشتَهِرًا فيما بَينَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم دونَ إنكارٍ، فكان ذلك إجماعًا .
2- قَولُ اللهِ تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة: 106] ، فأخبَرَ اللهُ تعالى أنَّه ما يَنسَخُ مِن آيةٍ إلَّا بما هو خَيرٌ مِنها أو مِثلُها، وخَبرُ الآحادِ لا يَكونُ مِثلَ القُرآنِ ولا خَيرًا مِنه .
وقيلَ: يَجوزُ نَسخُ القُرآنِ بالسُّنَّةِ الآحادِ. وهو قَولُ بَعضِ المالِكيَّةِ، كالباجيِّ ، وصَحَّحه ابنُ حَزمٍ .
وأجازَه أكثَرُ الشَّافِعيَّةِ مِن جِهةِ العَقلِ؛ لأنَّه ليس في العَقلِ ما يَمنَعُ مِن ذلك، ولا ما يَقضي إحالةَ ذلك؛ فلا وَجهَ لدَعوى امتِناعِه بالعَقلِ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((الرسالة)) (ص: 108).
  2. (2) يُنظر: ((الفصول)) للجصاص (2/324)، ((أصول السرخسي)) (2/77).
  3. (3) يُنظر: ((شرح اللمع)) للشيرازي (1/501) ((الوصول إلى الأصول)) لابن برهان (2/49)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/260).
  4. (4) يُنظر: ((شرح مختصر أصول الفقهـ)) للجراعي (3/167).
  5. (5) ((نهاية الوصول)) (6/2328)، وكَذا نَقَلَه الزَّركَشيُّ عنِ الجُمهورِ، فقال: (وأمَّا الوُقوعُ فذَهَبَ الجُمهورُ -كما قاله ابنُ بَرهانَ، وابنُ الحاجِبِ، وغَيرُهما- إلى أنَّه غَيرُ واقِعٍ). ((البَحر المُحيط)) (5/260).
  6. (6) أخرجه مسلم (1480).
  7. (7) يُنظر: ((الوصول إلى الأصول)) لابن برهان (2/49)، ((الإحكام)) للآمدي (3/147)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/2328).
  8. (8) يُنظر: ((شرح اللمع)) للشيرازي (1/501).
  9. (9) يُنظر: ((الإشارة)) (270)، ((إحكام الفصول)) (1/432).
  10. (10) يُنظر: ((الإحكام)) (4/107).
  11. (11) يُنظر: ((شرح اللمع)) للشيرازي (1/501)، ((التلخيص)) لإمام الحرمين (2/525)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/260).