موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الأولى: تَعريفُ الحَرامِ


أوَّلًا: تَعريفُ الحَرامِ لُغةً
هو الممنوعُ، ومنه قَولُ اللهِ تعالى: وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ‌الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ [القصص: 12] ، يُقالُ: حَرُمَ الشَّيءُ: امتَنَعَ فِعلُه، والحُرمةُ: ما لا يَحِلُّ انتِهاكُه .
ثانيًا: تعريفُ الحرامِ اصطِلاحًا
الحَرامُ: هو ما طَلَبَ الشَّارعُ تَركَه طَلَبًا جازِمًا .
وقيلَ: هو ما زَجَرَ الشَّارِعُ عنه ولامَ على الإقدامِ عليه .
وقيلَ: هو ما يُعاقَبُ على فِعلِه .
والحَرامُ عِندَ الحَنَفيَّةِ: ما طَلَبَ الشَّارِعُ تَركَه طَلَبًا جازِمًا بدَليلٍ قَطعيٍّ.
وأمَّا ما طَلَبَ الشَّارِعُ تَركَه طَلَبًا جازِمًا بدَليلٍ ظَنِّيٍّ فهو المَكروهُ تَحريمًا .
فقَد لحَظَ الحَنَفيَّةُ اعتِبارَ طَريقِ وُصولِ التَّحريمِ إلى المُكلَّفينَ به بالألفاظِ الدَّالَّةِ عليه المَنقولةِ إليهم، فقالوا: إن ثَبت طَلَبُ التَّركِ الجازِمُ بدَليلٍ قَطعيٍّ دَلالةً مِن كِتابٍ، أو دلالة وثُبوتًا أيضًا مِن سُنَّةٍ أو إجماعٍ، فالتَّحريمُ. وإن ثَبت طَلَبُ التَّركِ الجازِمُ بدَليلٍ ظَنِّيٍّ دَلالةً مِن كِتابٍ، أو دَلالةً أو ثُبوتًا مِن سُنَّةٍ أو إجماعٍ، فكراهةُ التَّحريمِ .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ وبيانُ مُحتَرَزاتِه:
- جُملةُ "طَلَب الشَّارِعُ تَركَه": يَدخُلُ فيها الحَرامُ والمَكروهُ؛ لأنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ تَركَهما.
ويَخرُجُ بها المُباحُ والمَندوبُ والواجِبُ؛ لعَدَمِ طَلَبِ تَركِها مِنَ الشَّارِعِ.
- جُملةُ "طَلَبًا جازِمًا": يَخرُجُ بها المَكروهُ، ويَبقى الحَرامُ .
أسماءُ الحرامِ:
يُسَمَّى الحَرامُ بأسماءٍ كثيرةٍ، فيُسَمَّى مَحظورًا، ومَمنوعًا، ومَزجورًا، ومَعصيةً، وذَنبًا، وقَبيحًا، وسيِّئةً، وفاحِشةً، وإثمًا، وحَرَجًا، وتَحريجًا، وعُقوبةً، ومَنهيًّا عنه.
فتَسميَتُه مَحظورًا مِنَ الحَظرِ، وهو المَنعُ. فيُسَمَّى الفِعلُ بالحُكمِ المُتَعَلِّقِ به. وتَسميَتُه مَعصيةً؛ للنَّهيِ عنه. وذَنبًا؛ لتوقُّعِ المُؤاخَذةِ عليه، وباقي ذلك لتَرَتُّبِها على فِعلِه .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/119)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/131).
  2. (2) يُنظر: ((تقريب الوصول)) (ص: 169).
  3. (3) يُنظر: ((البرهان)) (1/108).
  4. (4) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) (1/24).
  5. (5) يُنظر: ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (2/135).
  6. (6) يُنظر: ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (2/80).
  7. (7) يُنظر: ((الوجيز)) لمحمد الزحيلي (1/349).
  8. (8) يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/113)، ((تقريب الوصول)) لابن جزي (ص: 170)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (1/386).