بويع المعتمِدُ على الله- وهو أحمد بن المتوكِّل على الله- بالخلافةِ في دار الأمير يارجوخ، وذلك قبل خلعِ المهتدي بأيامٍ، ثم كانت بيعةُ العامَّة. وفي صفر من السنة التالية عَقدَ المعتمِدُ لأخيه أبي أحمد على الكوفةِ وطريق مكة والحرمين واليمن، وأضاف إليه في رمضان نيابةَ بغداد والسواد وواسط وكور دجلة والبصرة والأهواز وفارس، وأذِنَ له أن يتصَرَّف في ذلك كلِّه.
كان أميرُ الحُجَّاج العراقيين الشَّريفان أبو الحسن محمد بن عبد الله، وأبو عبد الله أحمد بن عمر بن يحيى العلويان، فجرى بينهما وبين عساكِرِ المِصريِّين من أصحابِ ابنِ طغج حربٌ شديدة، وكان الظَّفَرُ لهما، فخطَبَ لمُعِزِّ الدولة بمكَّة، فلما خرجا من مكَّة لَحِقَهما عسكرُ مِصرَ، فقاتَلَهما، فظفرا به أيضًا.
وردت أخبارٌ في مكَّةَ شَرَّفَها الله تعالى بأنَّ نارًا ظَهَرَت في أرضِ عَدَن في بعض جبالِها بحيث إنَّه يطير شَرَرُها إلى البحر في الليل، ويصعدُ منها دخانٌ عظيم في أثناء النهار، فما شَكُّوا أنها النارُ التي ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنها تظهرُ في آخِرِ الزمان، فتاب الناسُ وأقلعوا عمَّا كانوا عليه من المظالمِ والفسادِ، وشرعوا في أفعالِ الخير والصَّدَقاتِ.
جهَّز الإمامُ فيصل بن تركي لغزوِ قطر، فلما عَلِمَ أهلُ قطر بذلك طلبوا الأمانَ من فيصل وبايعوه على دينِ الله والسمع والطاعة، فأمر الإمامُ فيصل على السُّفن التي لأهل قطر، وهي نحو 300 سفينة أن يُهَيِّئوها وجعل فيها رجالًا مِن جُندِه، ثمَّ أمرَ على أولاد عبد الله آل خليفة الجالين من البحرين أن يركبوها ويتولَّوا قيادتَها.
هو أبو محمَّد زيادةُ الله بن إبراهيم بن الأغلب أو زيادةُ الله الأوَّل، أميرُ إفريقيَّة، وكان أفصَحَ أهلِ بَيتِه لسانًا وأكثَرَهم أدبًا، وكان يقولُ الشعر، ويرعى الشعراءَ، كانت ولايته من قِبَل المأمون سنة 201هـ، فطالت أيَّامُه واستقام الأمر, وبنى زيادةُ الله في أيَّامِه سُورَ القيروان ودار سوسة وقنطرة باب الربيع، وحِصنَ الرباط بسوسة، وجامعَ القيروان بعد هَدمِه، وأنفق عليه سِتَّة وثمانين ألف دينار، وفتح جزيرةَ صقلِّيَّة على يد قاضيه أسَدِ بن الفرات. كان عمُرُه يوم مات إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر وثمانية أيام، وكانت إمارتُه إحدى وعشرين سنة وسبعة أشهر، وولِيَ بعده أخوه أبو عقالٍ الأغلبُ بنُ إبراهيم بن الأغلب.
هو أميرُ المؤمنينَ الخليفةُ الحاكِمُ بأمر الله أبو العباس أحمد بن المسترشد بالله الهاشمي العباسي البغدادي المصري، بويِعَ بالخلافة بالدَّولةِ الظاهرية في أول سنة 661، فاستكمل أربعينَ سنةً في الخلافة، وتوفِّيَ ليلة الجمعةِ ثامن عشر جمادى الأولى، وصُلِّيَ عليه بجامع ابن طولون، ودُفِنَ بجوار المشهد النفيسي وقتَ صلاةِ العَصرِ بسوق الخيل، وحَضَر جنازته الأعيانُ والدولةُ كُلُّهم مُشاةً، وكان قد عَهِدَ بالخلافة إلى وَلَدِه أبي الربيع سليمان، وتلقَّبَ بالمستكفي باللهِ، وقرئ كتاب تقليدِه بالخلافة بحَضرةِ السلطان المَلِك الناصر محمد بن قلاوون والدَّولة يوم الأحد عشرين من ذي الحجة مِن هذه السنة، وخُطِبَ له على المنابِرِ بالبلادِ المصريَّة والشاميَّة، وسارت بذلك البريديَّةُ إلى جميع البلاد الإسلاميَّة.
هو حبيب الله خان عبد الرحمن خان بن محمد أفضل خان بن دوست محمد خان، ولِدَ سنة 1872م، تولى إمارة أفغانستان عام 1901م، وفي عهدِه اعترفت كلٌّ من إنجلترا وروسيا باستقلال بلاد الأفغان، عندما احتلت إيطاليا ليبيا دعا حبيب الله شعبَه لدعم جهاد الليبيين ضِدَّ الاحتلال الإيطالي، وافتتح التبرعاتِ بعشرين ألف روبية، ولَمَّا اندلعت الحرب العالمية الأولى التزم الحيادَ في أفغانستان في الحرب العالمية الأولى، على الرغم من الجهود المضنية التي بذلها السلطان العثماني والألمان لحشد أفغانستان على جانبها. وهذا ما أزعج الأفغانيين الذين قاموا باغتيالِه في 1338هـ، ثم تسلَّم السلطةَ بعده ابنه الثالث أمان الله خان، وتسمى باسم ملك، وحاول التخلصَ من النفوذ الإنجليزي.
هو الأمير سعود بن عبد العزيز بن متعب بن عبد الله بن علي بن رشيد من فخذ آل جعفر من عبده من قبيلة شمر، عاشر حكام إمارة جبل شمر في حائل، خلال الفترة من 1908 إلى 1920م. ولِدَ بحائل عام 1898م تولى سعود حكم حائل وعمُرُه 11 سنة تحت وصاية خاله الأمير حمود بن سبهان السبهان الذي مارس دور الحاكم الفعلي للإمارة إلى أن تولَّى الأمير سعود آل عبد العزيز الحكم رسميًّا في حائل 1914م وفي عام 1915 خاض معركة جراب ضِدَّ الملك عبدالعزيز وانتصر فيها. لقي سعود مصرعه على يد ابن عمه عبد الله بن طلال، ثم تولى بعده حكم حائل عبد الله بن متعب بن عبد العزيز.
وُلِد الشَّيخُ محمَّد عزير بنُ شمسِ الحَقِّ بنِ رضاءِ اللهِ، في ولايةِ بنغال الغربيَّةِ في الهندِ عام 1376هـ/1957م، وكان من أشهَرِ عُلَماءِ الهندِ المعاصِرين المعنيِّين بقضايا التُّراثِ وتحقيق ِالمخطوطاتِ، وكان رحمه الله يتقِنُ عددًا من اللُّغاتِ، منها: اللُّغةُ العَرَبيَّةُ، والإنجليزيَّةُ، والفارسيَّةُ، وله العديدُ من المؤلَّفاتِ والتَّحقيقاتِ.
درس في الهندِ إلى ما قَبلَ المرحلةِ الجامعيَّةِ، ثمَّ درس في كليَّةِ اللُّغةِ العَرَبيَّةِ بالجامعةِ الإسلاميَّةِ بالمدينةِ النَّبَويَّةِ، وقد تخرَّج فيها من مرحَلةِ البكالوريوسِ عامَ 1401هـ، ثمَّ في كُلِّيَّةِ اللُّغةِ العَرَبيَّةِ بجامعةِ أمِّ القرى، ونال درجةَ الماجستير عامَ 1406م.
اشتَغل بتحقيقِ المخطوطاتِ وخاصَّةً كُتُبَ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ والحافِظِ ابنِ القَيِّمِ.
توفِّي -رحمه اللهُ- بمكَّةَ المكَرَّمةِ عن عُمرٍ ناهز 68 عامًا.
هو محمد علي جناح أول حكام باكستان المستقِلَّة في 8 ذي القعدة (11 أيلول 1948م)، لقَّبه مواطنوه بلقب "قائد أعظم" وهو مؤسس دولة باكستان. ولد في 27 ديسمبر سنة 1876، وكان أبوه تاجرًا متوسط الثراء، وعضوًا في أسرة من الخوجات تعيش في كراتشي. وتلقى محمد تعليمَه الأول في بومباي، ثم في مدرسة الإسلام السندية، وفي المدرسة العليا لجماعة المبعوثين المبشرين في كراتشي. ولَمَّا حصل على إجازة القبول في الجامعة بُعِث إلى إنجلترا سنة 1892 حيث نال شهادة القانون سنة 1896 من كلية لنكولن. وعاش في لندن في الأيام الأخيرة للأحرارِ على مذهب غلادستون، وأظهر في هذه الأثناء اهتمامًا شديدًا بالحياة العامة، وفي هذه المرحلة أيضًا اتخذ سمة الإنجليز في الظاهر -وقد جرى حتى السنة الأخيرة من حياته على لُبس اللباس الإنجليزي الخالص، وكان يُلقي جميع أحاديثه الهامة بالإنجليزية حتى الكلمة التي ألقاها في الإذاعة بمناسبة قبول خطة التقسيم، ثم ترجمها آخرون إلى الأوردية -حتى أصبح "مستر جناح" الذي عاد إلى الهند سنة 1896م، وبدأ في السنة التالية يمارس مهنة المحاماة في بومباي. ولم يلبث بعد عدة سنوات عجاف أن أصبح من أئمة رجال المحاماة في بومباي. وكانت استجابة الجماهير لجديته واستقامته، وليس لحرارة كلماته. وكانت أوَّلُ مشاركة لجناح في السياسة الهندية هي عضويتَه للمؤتمر الوطني الهندي، وقد حضر دورة انعقاد سنة 1906 بوصفه كاتِبَ سر خاص لنوروجي الذي كان في حينها رئيسًا للمؤتمر الوطني. وبعد ذلك بثلاث سنوات -أي في يناير سنة 1910- اتخذ مقعده عضوًا في أول مجلس تشريعي ليمثِّلَ مُسلِمي بومباي، وكان أول عضو غير رسمي يحقِّقُ سَنَّ قانون تشريعي، وكان في هذه الحالة قانونًا يصَحِّحُ وضع الأوقاف الإسلامية. وفي سنة 1913 انضم جناح إلى الرابطة الإسلامية، وهو باق شخصية مؤثرة في المؤتمر الإسلامي, وفي سنة 1919 استقال من المجلس التشريعي؛ احتجاجًا على توسيع سلطة الشرطة في القمع. وكان جناح قد تزوَّج للمرة الأولى وهو بَعدُ طفل قَبلَ رحيله إلى إنجلترا سنة 1892، ولكن زوجته توفيت وهو في خارج البلاد، وكان زواجُه الثاني من ابنة سَريٍّ من سراة اليارسيين سنة 1918. ولم يكن زواجًا موفَّقًا، فانفصل الطرفان فكانت أخته فاطمة ترعى شؤونه المنزلية معظم حياته. ولعب جناح دورًا في الحياة الهندية العامة ما بين سنتي 1920 و 1931. وقد انتُخِبَ في جمعية مركزية، وكان مندوبًا في المؤتمرين الأولين للمائدة المستديرة (سنة 1930 - 1931). وفي هذه المرحلة بدأ يعمل في المجلس الخاص للمحامين، وأقام دارًا في لندن، وأصبح لا يزور الهندَ إلا زيارات متقطعة. وكانت عودتُه الأخيرة سنة 1935 بعد تنفيذ الأحكام الدستورية الجديدة، وقد نظَّم وقاد حركة باكستان، وأصبح أول حاكم عام للدولة الجديدة. فإن الرابطة في انتخابات سنة 1946 قد كسبت جميع مقاعد المسلمين تقريبًا، ولم يستطع أحد إنكار موقف جناح من حيث هو المتحَدِّث باسم الأغلبية الساحقة. وقد اشترك جناح اشتراكًا فعَّالًا في المفاوضات التي أدت إلى قيام مشروع التقسيم، وكان لا يكُفُّ عن الإلحاح بأن المسلمين يجِبُ أن يُسمَحَ لهم بأن يختاروا لأنفُسِهم دولة مستقلة. وفي يونيه سنة 1947 تحقق غرضه وقامت دولة باكستان في منتصف ليلة 14 - 15 أغسطس سنة 1947. وتولى هو منصِبَ الحاكِم العام لها ورئيس الجمعية التأسيسية. وقد وجه جناح جهوده الأولى نحو إنهاء سَفكِ الدم والحقد الجماعي. وما وافى هذا الوقت حتى كان جناح قد بلغ السبعين من عمره، وكانت صحَّتُه تبدو عليها أمارات الانهيار. ومع ذلك فقد رأسَ إقامة الجهاز الحكومي وكان مسيطرًا سيطرة فعالة على تدبير الأمور. وفي خلال سنة 1948 ازدادت صحتُه وَهْنًا على وَهنٍ، وأدركته المنية في 11 سبتمبر. وكان جناح رجلا غيَّرَ مجرى التاريخ، صحيحٌ أنه كان ثمة شعور قومي إسلامي قبله، لكنه أسبغ عليه الثقة بالنفس، وكان جناح رجلًا نزيهًا لا يحيد، وربما كان من العسير على المرء أن يحِبَّه غيرَ أنه يحمل المرءَ على الإعجاب به. كان وطنيًّا مُسلِمًا، وإن لم يكن في أعماقه رجلَ دين. وعنده أنَّ التراث الإسلامي حضارة وثقافة وكيان قومي. ثم هو قد أسس دولة ثابتة الأركان، قيل إنه كان إسماعيليًّا، وفي قول آخر أنَّه كان شيعيًّا، وبغَضِّ النظر عن انتمائه الطائفي فإنه لم يظهر أي أثر للطائفية في عَمَلِه في باكستان، بل قيل إنه أوصى أحد علماء السنة أن يصلِّيَ عليه بعد موته، وبعد وفاة جناح تم تعيينُ الخواجا نظام الدين الذي كان رئيسًا لحكومة البنغال قبل استقلال باكستان.
هو المُختارُ بن أبي عُبيدٍ الثَّقفيُّ، وكان في الكوفَة، وكان يَدعو إلى إمامةِ المَهْدِيِّ محمَّدِ بن عَلِيٍّ المعروف بابنِ الحَنَفِيَّةِ، فسارت وَراءَهُ جَماعةٌ منها جَماعةٌ كانت مع سُليمان بن صُرَدٍ رضي الله عنه، الذين لَقَّبُوا أَنفُسَهم بالتَّوَّابِينَ، لِيُكَفِّرُوا عن خُذْلانِهم للحُسينِ بن عَلِيٍّ رضي الله عنه في كَرْبَلاء, ولكنَّ ابنَ الحَنفيَّة لم يكُن يَعلَم بأَمرِهِم فضلًا عن أن يَرْضى بِفعلِهم.
بعد أن كان الإمامُ أحمدُ قد قُيِّدَ وسِيرَ به إلى المأمونِ ثم عاد لبغداد لَمَّا وصلهم نبأُ وفاة المأمون، وتولى بعده المعتَصِمُ استمَرَّ على نفس الامتحان، فأحَضَره المعتَصِم وامتحنَه بالقولِ بخلقِ القُرآنِ فلم يُجِبْه الإمامُ أحمدُ، وكُلُّ ذلك وهو ثابِتٌ على قولِه: القرآنُ كَلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، فجُلِدَ جلدًا عظيمًا حتى غاب عقلُه، وتقَطَّعَ جِلدُه، وحُبِس مقيَّدًا- رحمه الله.
ظهر في بلاد سلاجقة الروم متنبئ يدعى بابا إسحاق تركماني الأصل ادعى أنه نبي، فكان يقول للناس: قولوا لا إله إلا الله بابا ولي الله، ثم إنه انخدع به أناس كثيرون فصار له أتباع وقوي أمره فأرسل إليه السلطان غياث الدين كيخسرو سلطان سلاجقة الروم جيشًا فاقتتلوا، فكان فيها قتل المتنبئ وقتل أربعة آلاف رجل.
قام ملك الموحدين الواثقُ بالله المعروف بأبي دبوس بالسير لقتال بني مرين فالتقى معهم في معركة جرت في وادي غفو بين مراكش وفاس، انهزم فيها الموحدون وقُتل فيها أبو العلاء إدريس بن عبد الله بن محمد بن يوسف الواثق واستولى المرينيون على معسكرهم، وكان الواثق آخر ملوك الموحدين في المغرب، وبالتالي تنتهي دولتهم في المغرب.
أغار عبد الله بن فيصل على العجمان وآل شامر وبني حسين وآل عذبة من المرة، وانتصر عليهم في وقعةِ الصبيحة بالدوادمي، وملأ يدَه من أموالهم، وقتل منهم خلقًا كثيًرا، وقد كانوا يَعيثون في أطرافِ الأحساء فسادًا، وكان الشيخُ أحمد بن مشرف أرسل قصيدةً لعبد الله بن فيصل يحرِّضُه عليهم ويبَيِّن له خطَرَهم على البلادِ.