الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2497 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 689 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1290
تفاصيل الحدث:

وصل والي قوص ممَّن معه إلى اتجاه الجزيرة التي بها عامون ملك النوبة، فرأوا بها عدة من مراكب النوبة، فبعثوا إليه في الدخولِ في الطاعةِ وأمَّنوه فلم يقبَلْ، فأقام العسكرُ تجاهه ثلاثة أيام، فخاف عامون من مجيءِ الحراريق والمراكبِ إليه، فانهزم إلى جهةِ الأبواب، وهي خارجةٌ عن مملكتِه وبينها وبين الجزيرة التي كان فيها ثلاثةُ أيام، ففارقه السواكرة وهم الأمراء وفارقه الأسقُفُ والقُسوس، ومعهم الصليبُ الفِضَّة الذي كان يُحمَلُ على رأسِ الملك، وتاجُ الملك، وسألوا الأمان فأمَّنَهم والي قوص وخلَعَ على أكابِرِهم، وعادوا إلى مدينةِ دنقلة وهم جمعٌ كبير، وعند وصولهم عبر الأمير عزُّ الدين الأفرم وقبجاق إلى البر الشرقي، وأقام العسكرُ مكانه، واجتمع الأمراءُ بدنقلة، ولبس العسكرُ آلةَ الحرب وطلبوا من الجانبينِ، وزُيِّنَت الحراريق في البحر، ولعب الزرَّاقون بالنِّفاط، ومدَّ الأمراء السماط في كنيسةِ أسوس أكبَرِ كنائس دنقلة وأكلوا، ثم ملَّكوا الرجلَ الذي بعثه السلطانُ قلاوون وألبسوه التاجَ، وحلفوا وسائِرَ الأكابرِ، وعينوا طائفةً من العسكر تقيمُ عندهم وعليها بيبرس العزي مملوكُ الأمير عزِّ الدين والي قوص، وعاد العسكرُ إلى أسوان بعدما غاب عنها ستة أشهر، وساروا إلى القاهرةِ في آخر جمادى الأولى بغنائِمَ كثيرة، وأما عامون فإنَّه عاد بعد رجوع العسكرِ إلى دنقلة مختفيًا، وصار بطريقِ باب كلِّ واحد من السواكرة ويستدعيه، فإذا خرج ورآه قَبَّلَ له الأرضَ وحلف له، فما طلع الفجرُ حتى ركِبَ معه سائرُ عَسكرِه، وزحف عامون بعسكره على دار الملك، وأخرج بيبرس العزي ومَن معه إلى قوص، وقَبَض على الذي تمَلَّك مَوضِعَه وعرَّاه من ثيابه، وألبسه جلدَ ثورٍ كما ذُبِحَ بعدما قَدَّه سيورًا ولَفَّها عليه، ثمَّ أقامه مع خشبةٍ وتركه حتى مات، وقُتِلَ جريس أيضًا، وكتب عامون إلى السلطانِ يسأله العفو، وأنَّه يقوم بالبقط المقرَّر وزيادة، وبعث رقيقًا وغيره تقدمةً فقَبِلَ منه، وأقرَّه السلطانُ بعد ذلك بالنوبةِ.

العام الهجري : 839 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1435
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ المنتصر أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي فارس ملك تونس وبلاد إفريقية من الغرب، تولى الملكَ بعد وفاة جَدِّه أبي فارس عبد العزيز بن أحمد سنة 837, وقام بمملكة تونس من بعده أخوه أبو عمرو عثمان، فقَتَل عدة من أقاربه وغيرهم، وكان من خبر المنتصر مع أخيه أبي عمر: أنه لما ثقل في مرضه حتى أقعد، وصار إذا سار يركب في عمَّاريَّة نوع من المحامل تُحمَل على بغل- وتردد كثيرًا إلى قصر بخارج تونس للتنزه به، إلى أن خرج يومًا ومعه أخوه أبو عمرو عثمان صاحب قسنطينة، وقد قدم عليه وولَّاه الحكم بين الناس، ومعه أيضًا القائد محمد الهلالي، وقد رفع منه حتى صار هو وأبو عمرو عثمان مرجِعَ أمور الدولة إليهما، وحَجَباه عن كل أحد، فلما صارا معه إلى القصر المذكور تركاه به، وقد أغلقا عليه، يوهمان أنه نائم، ودخلا المدينة، وعبرا إلى القصبة، واستولى أبو عمرو على تخت الملك، ودعا الناس إلى بيعته، والهلالي قائم بين يديه، فلما ثبتت دولته قبض على الهلالي وسجَنَه، وغيَّبَه عن كل أحد، ثم التفت إلى أقاربه، فقَتَل عمَّ أبيه الأمير الفقيه الحسين بن السلطان أبي العباس، وقتل معه ابنيه وقد فرَّ بهما إلى العرب، فنزل عندهم، فاشتراه منهم بمالٍ جَمٍّ، وقتل ابني عم أبيه الأمير زكريا بن العناب ابن أبي العباس، وقتل ابني الأمير أبي العباس أحمد صاحب بجاية، فنفرت عنه قلوب الناس، وخرج عليه الأمير أبو الحسن بن السلطان بن أبي فارس عبد العزيز، متولي بجاية، وحاربه، ووقع له معه أمور كثيرة، إلى أن مات أبو عمرو، وأما المنتصر فإنه قُتِلَ بعد خلعه بمدة، وقيل: مات من شدة القهر يوم الخميس الحادي والعشرين صفر بتونس، ولم يتهنَّ في ملكه؛ لطول مرضه وكثرة الفتن.

العام الهجري : 1137 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1725
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان، أمير الدرعية جدُّ آل سعود حكَّام المملكة العربية السعودية، كان مسكنُه الدرعية بنجد، وهي كانت أساس المُلك.

العام الهجري : 1407 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1986
تفاصيل الحدث:

أعلَنَ الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله استبدالَ لَقَب صاحب الجلالة ليكونَ اللَّقَب الرسميُّ لملك المملكة العربية السعودية هو: خادِمُ الحرمَينِ الشَّريفَينِ.

العام الهجري : 548 العام الميلادي : 1153
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ الفِرنجُ بالشَّامِ مَدينةَ عَسقلان، وكانت مِن جُملةِ مَملكةِ الظَّافِرِ بالله الفاطميِّ المصريِّ، وكان الفِرنجُ كُلَّ سَنةٍ يَقصِدونَها ويَحصُرونَها، فلا يَجِدونَ إلى مِلْكِها سَبيلًا، وكان الوُزراء بمِصرَ لهم الحُكمُ في البلاد، والحُكَّامُ معهم اسمٌ لا معنى تحته، وكان الوزراءُ كُلَّ سَنَةٍ يُرسِلونَ إليها الذَّخائِرَ والأسلِحةَ والأموال والرِّجالَ مَن يَقومُ بحِفظِها، فلمَّا كان في هذه السَّنَةِ قُتِلَ ابنُ السلار الوزيرُ، واختَلَفَت الأهواءُ في مصر، وولِيَ عَبَّاس الوَزارةَ، إلى أن استَقَرَّت قاعدة، فاغتَنَم الفرنج اشتغالَهم عن عسقلان، فاجتَمَعوا وحَصَروها، فصَبَرَ أهلُها، وقاتَلوهم قِتالًا شديدًا، حتى إنَّهم بعضَ الأيامِ قاتلوا خارِجَ السُّورِ، ورَدُّوا الفِرنجَ إلى خيامِهم مَقهورينَ، وتَبِعَهم أهلُ البَلَدِ إليها فأَيِسَ حينئذ الفِرنجُ مِن مِلْكِها، فبينما الفِرنجُ على عَزمِ الرَّحيلِ إذ أتاهم الخبَرُ أنَّ خِلافًا قد وقع بين أهلِ عَسقلان، وقُتِلَ بينهم قتلى، فصبَرَ الفِرنجُ، وكان سَبَبُ هذا الاختلاف أنَّهم لَمَّا عادوا عن قِتالِ الفِرنجِ قاهرينَ مَنصورينَ، ادَّعَت كلُّ طائفةٍ منهم أن النُّصرةَ مِن جِهتِهم كانت، وأنَّهم هم الذين رَدُّوا الفِرنجَ خاسِرينَ، فعَظُمَ الخِصامُ بينهم إلى أن قُتِلَ مِن إحدى الطائفتَينِ قَتيلٌ، واشتَدَّ الخَطبُ حينئذ، وتفاقَمَ الشَّرُّ، ووقعت الحَربُ بينهم، فقُتِلَ بينهم قتلى، فزاد طَمَعُ الفِرنجِ في عَسقلان، فزَحَفوا إليها وقاتَلوهم عليها، فلم يَجِدوا مَن يَمنَعُهم فمَلَكَوها.

العام الهجري : 588 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

هو السلطان عز الدين قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن سلجوق السلجوقي التركماني، ملك الروم. فيه عَدلٌ في الجملة، وسداد وسياسة، وهو والدُ زوجة الخليفة الناصر لدين الله الست سلجوقي خاتون المعروفة بالخلاطية. كان له من البلاد قونية وأعمالها، وأقصرا، وسيواس، وملطية، وغير ذلك من البلاد، وقد امتَدَّت أيام ملكه نحو تسع وعشرين سنة، وقيل: بضعًا وثلاثين سنة, وغزواته كثيرة في بلاد الروم، ولما كَبِرَ فَرَّق بلاده على أولاده، فاستَضعَفوه، ولم يلتَفِتوا إليه، وحَجَر عليه ولَدُه قطب الدين، وكان قلج أرسلان قد استناب في تدبير ملكه رجلًا يعرف باختيار الدين حسن، فلما غَلَب قُطبُ الدين على الأمرِ قَتَلَ حَسنًا، ثم أخذ والِدَه وسار به إلى قيسارية ليأخُذَها من أخيه الذي سَلَّمَها إليه أبوه، فحصرها مدَّة، فوجد والِدُه قلج أرسلان فرصةً، فهرب ودخل قيسارية وحدَه، فلما عَلِمَ قطب الدين ذلك عاد إلى قونية وأقصرا فمَلَكَهما، ولم يزل قلج أرسلان يتحوَّلْ من ولد إلى ولد، وكل منهم يتبَرَّم منه، حتى مضى إلى ولده غياث الدين كيخسرو، صاحب مدينة برغلوا، فلما رآه فَرِحَ به، وخَدَمَه، وجمع العساكِرَ، وسار هو معه إلى قونية، فمَلَكَها، وسار إلى أقصرا ومعه والِدُه قلج أرسلان، فحصرها، فمَرِضَ أبوه، فعاد به إلى قونية, وتوفِّيَ ودفن بها في منتصف شعبان، وبَقِيَ ولده غياث الدين في قونية مالكًا لها، حتى أخَذَها منه أخوه ركن الدين سليمان.

العام الهجري : 901 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1496
تفاصيل الحدث:

هو السلطان الأشرف قايتباي المحمودي، ويُذكر أن أصله شركسي الجنس، جُلب من بلاده إلى الديار المصرية في حدود سنة 839، فاشتراه الملك الأشرف برسباي، ولم يُجرِ عليه عتقًا، وجعله بطبقة الطازية من أطباق قلعة الجبل إلى أن مَلَكه الملك الظاهر جقمق، وأعتقه. كانت مدة حكم الأشرف قايتباي حافلة بالحروب، وسيرتُه من أطول السير، وقد تعرضت البلاد في أيامه لأخطار خارجية، أشدها محاولة العثمانيين احتلال حلب وما حولها، فأنفق أموالًا عظيمة على الجيوش لم يُسمَع بمثلها في الإنفاق، وشُغِل السلطان الأشرف قايتباي بالعثمانيين، حتى إن صاحب الأندلس استغاث به لإعانته على دفع الفرنج عن غرناطة، فاكتفى الأشرف بالالتجاء إلى تهديد فرنج الأسبان بواسطة القسيسين الذين في القدس، سلمًا دون قتال، حتى ضاعت غرناطة وذهبت الأندلس. كان الأشرف قايتباي متقشفًا مع عِظَم إنفاقه على الجيوش وكثير المطالعة، وله اشتغال بالعلم، وفيه نزعة صوفية، كما كان شجاعًا عارفًا بأنواع الفروسية، مَهيبًا عاقلًا حكيمًا، إذا غضب لم يلبث أن تزول حِدَّتُه. ترك كثيرًا من آثار العمران في مصر وأبرزها قلعة قايتباي بالإسكندرية والحجاز والشام والقدس، ولا يزال بعضها قائمًا إلى الآن. قبل أن يُتوفى الأشرف قايتباي تنازل بالسلطنة لولده محمد الذي تلقب بالناصر، وتوفي الأشرف في اليوم التالي، وكان عمر الناصر محمد يومها أربعة عشر عامًا، أما مدة سلطنة الأشرف قايتباي فكانت تسعة وعشرين سنة وأربعة أشهر.

العام الهجري : 1336 العام الميلادي : 1917
تفاصيل الحدث:

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتقسيم الإمبراطورية، اتحدت عام 1918م كلٌّ مِن صربيا، كرواتيا، وسلوفينيا، تحت قيادة ملك الصرب بطرس الأول، وباسم مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفينيا، وهي مملكة أوروبية امتدَّت من غرب البلقان حتى وسط أوروبا. اتبع خليفة بطرس الأول الملك الكسندر الأول حكمًا عسكريًّا منذ عام 1929م إلى حين اغتياله عام 1934م. أُعيد تسمية البلاد إلى مملكة يوغوسلافيا. ثم ناصَرَ الملكُ بطرس الثاني عام 1941م دولَ المحور في الحرب العالمية الثانية؛ مما أدى إلى إسقاطه في الحال على يد الجيش. انتهز هتلر هذه الفرصة وأمر القواتِ الألمانيةَ والإيطالية باحتلال البلاد. أصبح عام 1943م جوزيف بروز الملقب بتيتو زعيمَ المقاومة اليوغوسلافية، التي تمكَّنت مع القوات السوفيتية من تحرير البلاد عام 1945م. أُعلِنَ في نفس السنة قيامُ اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية وتيتو رئيسًا لها. كان هذا الاتحادُ يضُمٌّ كلًّا من صربيا، كرواتيا، سلوفاكيا، البوسنة والهرسك، والجبل الأسود، ومقدونيا. بقي رئيسًا للاتحاد حتى مماته عام 1980م، الذي كان بداية النهاية للاتحاد اليوغوسلافي. كانت يوغوسلافيا في الفترة 1945 - 1948م تتبع الاتحاد السوفيتي، إلى حين ظهور خلافات على السطح وإعلان يوغوسلافيا اتباع سياسة محايدة إيجابية دوليًّا. لعبت بعد ذلك تحت قيادة تيتو دورًا مهمًّا في السياسة الدولية وتشكيل منظَّمة عدمِ الانحياز.

العام الهجري : 1349 العام الميلادي : 1930
تفاصيل الحدث:

كان البريطانيون قد سبقوا الأمريكانَ إلى التنقيبِ عن النفطِ في غرب الخليج العربي. ولم تُسفِرْ بحوثُهم عن نتيجةٍ، فكتبوا إلى السلطان عبد العزيز يأسَفون على ما أضاعوا من جهدٍ ومالٍ، وانصرفوا عن البحثِ، ولَمَّا كان وزير الخارجية الأمير فيصل يزور لندن على رأس بَعثةٍ سياسية تحدَّثَ مع الجهاتِ البريطانية في احتمالِ وجودِ النِّفطِ على الشاطئ الغربي للخليج العربي، فلم يجِدْ في الشركات البريطانية استعدادًا لمجازفةٍ ثانية، وبينما كان الثريُّ الأمريكي كرين في زيارةٍ للسعودية بصُحبةِ المترجم جورج أنطونيوس، سأل كرين الملكَ عبد العزيز عمَّا يمكِنُ أن يقومَ به من مساعدة بلادِه، فطلب منه المَلِكُ أن يُحضِرَ إليه خبيرًا جيولوجيًّا يبحث له عن آبار ارتوازية في مناطق الصحراء لتسقيَ الحُجَّاجَ ويستخدِمَها البادية في الرعي والزراعة، فقال له كرين: سأبعث إليكم بخبير أعتقِدُ أنه سيفيدُ بلادَكم، ولا تكَلِّف حكومتَكم أن تنفِقَ عليه أكثر من تأمين إقامته وتنقُّلاته، فوصل إلى جدة المهندس الجيولوجي الأمريكي تويتشل، فأخذ يبحث عن الماءِ في مسافة 1500 ميل في الحجاز دون أيِّ فرصةِ أمَلٍ لِتَدفُّق المياه في أراضي الحجاز، ولَمَّا كان البحثُ عن النِّفطِ جاريًا في البحرين على يد الشركات الأمريكية، عرض المَلِكُ على تويتشل أن يتَّصِلَ بزملائِه في الشركات الأمريكية للتنقيبِ عن النفط في الأحساءِ بدلًا من البحث عن الماء، وبعد جهدٍ تمَّ الاتفاقُ مع شركة ستاندارد أويل كومباني أوف كليفورنيا على تبنِّي المشروع عام 1352هـ.

العام الهجري : 1349 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1930
تفاصيل الحدث:

كانت المعاهدةُ قد طُرِحَت سابقًا لكِنْ لم يتمَّ التوقيعُ عليها بسبب بُعدِ الشروط فيها، فكانت كلُّ وزارة تتغيَّرُ ولا يحدث أي توقيع للمعاهدة، حتى شُكِّلت لجنةٌ لمفاوضة الجهة البريطانية التي يمثِّلُها المعتمد السامي البريطاني، وقد وجدت ثلاث نقاط يجب بحثُها، وهي: تعديل الاتفاقية المالية والعسكرية؛ حيث كان هناك اعتراض على قوة الطيران البريطانية الموجودة بالعراق، وقضيةُ التجنيد الإلزامي، وامتلاك ميناء البصرة والسكك الحديدية. ثم عادت المفاوضاتُ بين الحكومة العراقية والبريطانيين في الرابع من ذي القعدة عام 1348هـ ودارت حول نقطتين أساسيتين: الاعتراف بحفظ وحماية المواصلات الجوية البريطانية في العراق بصورةٍ دائمة وفي جميع الأحوال، دخولُ العراق في عصبة الأمم عام 1932م. وكان الملك فيصل يُشرِفُ على المفاوضات بنفسِه، واضطر للسفر إلى لندن فأناب أخاه عليًّا حتى تم التوقيعُ على المعاهدة في الرابع من صفر من هذا العام، ونُشِرَت بنودُ المعاهدة في الثاني والعشرين من نفس الشهر فلَقِيَت معارضةً واسعة، والتي كان من بنودها: يسودُ سِلمٌ وصداقة دائِمَين بين ملك العراق وملك بريطانيا، ويؤسَّس بين الفريقين الساميين المتعاقدين تحالفٌ وثيق توطيدًا لصداقتهما... وتجري بينهما مشاوراتٌ تامة وصريحة في جميع شؤون السياسة الخارجية مما قد يكون له مِساسٌ بمصالحِهما المشتركة، ومنها معونةُ أي طرف للآخر في حال اشتبك أحدُ الفريقين بحربٍ، وغيرها من البنود الدالة على الربطِ الوثيقِ بين الحكومتين؛ لإبقاء العراق تحت بريطانيا كالتابِعِ.

العام الهجري : 1391 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1972
تفاصيل الحدث:

وُلِد محمَّدُ بنُ سُرورٍ الصَّبَّانُ عامَ 1316هـ الموافِق 1898م في مدينةِ القُنْفُذةِ بالمَمْلَكةِ العَرَبيَّةِ السُّعوديَّةِ أيَّامَ حُكمِ الأشرافِ، ثمَّ انتَقَل والِدُه بأُسْرَتِه إلى جُدَّةَ عامَ 1320هـ، ثمَّ اتَّجَهوا إلى مَكَّةَ المُكَرَّمةِ واستقَرُّوا بها. وكان زَعيمَ الحرَكةِ الأدَبيَّةِ في الجَزيرةِ العَرَبيَّةِ، ورائِدَ الأُدَباءِ والمثَقَّفينَ في مكَّةَ المُكَرَّمةِ، أَسَّس أوَّلَ مَكتبةٍ لبَيعِ الكُتُبِ في مكَّةَ المُكَرَّمةِ وسَمَّاها (المَكْتَبة الحِجازيَّة)
عيَّنه المَلِكُ عَبدُ العزيزِ آلُ سُعودٍ رئيسًا لكُتَّابِ بَلَديَّةِ مَكَّةَ المكَرَّمةِ عامَ 1343هـ، ثمَّ سِكِرْتِيرًا للمَجلِسِ الأهليِّ، وترَقَّى في الوَظائِفِ الحُكوميَّةِ حتَّى عُيِّنَ وَزيرًا للماليَّةِ في عَهدِ المَلِكِ سُعودٍ، وفي عامِ 1382هـ عيَّنه المَلِكُ فَيصَلٌ أمينًا عامًّا لرابِطةِ العالَمِ الإسلاميِّ بمكَّةَ المُكَرَّمةِ.
أنشَأَ عَددًا مِنَ الشَّرَكاتِ؛ منها: الشَّرِكةُ العَرَبيَّةُ للطَّبعِ والنَّشْرِ، وشَرِكةُ الفَلاحِ للسَّيَّاراتِ، والشَّرِكةُ العَرَبيَّةُ للصَّادِراتِ، والشَّرِكةُ العَرَبيَّةُ للتَّوفيرِ والاقتِصادِ، وشَرِكةُ مُصحَفِ مَكَّةَ.
قام بطباعةِ عَدَدٍ مِنَ الكُتُبِ على نَفَقتِه الخاصَّةِ؛ منها: (الطُّرُقُ الحُكميَّةُ) و (مدارِجُ السَّالِكينَ) كلاهما لابنِ قَيِّمِ الجَوزيَّةِ، (العِقدُ الثَّمين في تاريخِ البَلَدِ الأَمين) و (شِفاءُ الغَرام بأخبارِ البَلَدِ الحرام) كِلاهما للفاسيِّ، (مُختارُ الصِّحاحِ لأبي بكرٍ الرَّازي)، (تفسيرُ معاني كَلِماتِ القُرآنِ لمحمَّد حَسَنين مخلوف)، وغَيرُها مِنَ الكُتُبِ.

تُوُفِّيَ رَحِمه اللهُ في القاهِرةِ، ونُقِل جُثمانُه إلى مكَّةَ المُكَرَّمةِ، وصُلِّيَ عليه بالمَسجِدِ الحرامِ، ودُفِنَ في مَقبَرةِ المُعَلَّاةِ.

العام الهجري : 505 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1111
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ البحر حُجَّة الإسلام، أُعجوبة الزمان: زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الألوسي الطوسي الشافعي؛ إمام عصره صاحب التصانيف والذكاء المفرط. وُلِدَ بطوس سنة 450, وتفقَّه ببلده أولًا، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة، فلازم إمام الحرمين، فبرع في عدة علوم في مدة قريبة، ومهر في الكلام والجدل، حتى صار عينَ المناظرين، وشرع في التصنيف. يقول الذهبي: "سار أبو حامد إلى المخيَّم السلطاني، فأقبل عليه نظام الملك الوزير، وسُرَّ بوجوده، وناظَرَ الكبارَ بحضرته، فانبهر له وشاع أمره؛ فولَّاه نظام الملك التدريسَ في نظامية بغداد، فقدمها بعد 480، وسِنُّه نحو الثلاثين، وأخذ في تأليف الأصول والفقه والكلام والحكمة، وأدخَلَه سيلانُ ذهنِه في مضايق الكلام، ومزالِّ الأقدامِ، ولله سرٌّ في خلقه. وعَظُمَ جاه الرجل وازدادت حشمته؛ بحيث إنه في دست أمير، وفي رتبة رئيس كبير، فأدَّاه نظره في العلوم وممارسته لأفانين الزهديات إلى رفض الرئاسة، والإنابة إلى دار الخلود، والتأله والإخلاص وإصلاح النفس، فحجَّ من وقته، وزار بيت المقدس" وأخذ الغزالي في تصنيف كتاب الإحياء وتمَّمه بدمشق، وقد شنع عليه أبو الفرج بن الجوزي ثمَّ ابن الصلاح في ذلك تشنيعًا كثيرًا، وأراد المازري أن يحرق كتاب إحياء علوم الدين، وكذلك غيره من المغاربة، وقالوا: "هذا كتاب إحياء علوم دينه، وأما ديننا فإحياء علومه كتابُ الله وسنة رسوله". قال عبد الغافر في السياق: "لقد زرته مرارًا، وما كنت أحدس في نفسي مع ما عهدته عليه من الزعارة والنظر إلى الناس بعين الاستخفاف كبرًا وخيلاء، واعتزازًا بما رُزِق من البسطة والنطق والذهن وطلب العلو؛ أنَّه صار على الضد، وتصفَّى عن تلك الكدورات، وكنت أظنه متلفعًا بجلباب التكلف، متنمِّسًا بما صار إليه، فتحققت بعد السبر والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون، وحكى لنا في ليالٍ كيفية أحواله من ابتداء ما أظهر له طريق التأله، وغلبة الحال عليه بعد تبحره في العلوم، واستطالته على الكل بكلامه، والاستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم، وتمكُّنه من البحث والنظر، ولما عاد إلى طوس واتخذ في جواره مدرسة للطلبة، وخانقاه للصوفية، ووزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن، ومجالسة ذوي القلوب، والقعود للتدريس، حتى توفي بعد مقاساة لأنواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والسعي فيه إلى الملوك، وحفظ الله له عن نوش أيدي النكبات... إلى أن قال: وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث ومجالسة أهله، ومطالعة (الصحيحين)، ومما كان يعترض به عليه وقوع خلل من جهة النحو في أثناء كلامه، ورُوجِعَ فيه، فأنصف واعترف أنه ما مارسه، واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه، مع أنه كان يؤلِّفُ الخطب، ويشرح الكتب بالعبارة التي يعجز الأدباء والفصحاء عن أمثالها. ومما نُقم عليه ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب (كيمياء السعادة والعلوم) وشرح بعض الصور والمسائل بحيث لا توافق مراسم الشرع وظواهر ما عليه قواعد الملة، وكان الأولى به -والحق أحق ما يقال- ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له؛ فإن العوامَّ ربما لا يُحكمون أصول القواعد بالبراهين والحجج، فإذا سمعوا شيئًا من ذلك تخيلوا منه ما هو المضرُّ بعقائدهم، وينسُبون ذلك إلى بيان مذهب الأوائل. على أن المنصِفَ اللبيب إذا رجع إلى نفسه علم أن أكثر ما ذكره أبو حامد مما رمز إليه إشارات الشرع، وإن لم يَبُح به، ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطريقة، فلا يجب حمله إذًا إلا على ما يوافق، ولا ينبغي التعلق به في الرد عليه إذا أمكن، وكان الأولى به أن يترك الإفصاحَ بذلك، وقد سمعت أنه سمع سنن أبي داود من القاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي" قلت (الذهبي): ما نقمه عبد الغافر على أبي حامد في الكيمياء فله أمثاله في غضون تواليفه، حتى قال أبو بكر بن العربي: شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع". وقال عياض القاضي: "والشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة، والتصانيف العظيمة، غلا في طريقة التصوف، وتجرد لنصر مذهبهم، وصار داعيةً في ذلك، وألَّف فيه تواليفه المشهورة، أُخِذ عليه فيها مواضع، وساءت به ظنونُ أمة، والله أعلم بسِرِّه، ونفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها، فامتثل ذلك". قلت(الذهبي): ما زال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهادِه، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور، وإلى الله تُرجَع الأمور". ثم قصد الغزالي مصر وكان ينوي منها للاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين، فبينما هو كذلك بلغه نعي ابن تاشفين، فصرف عزمه عن تلك الناحية، ثم عاد إلى وطنه بطوس واشتغل بنفسه، وصنف الكتب في عدة فنون؛ منها كتاب "الوسيط" و "البسيط" و "الوجيز" و "الخلاصة" في الفقه، وله في أصول الفقه "المستصفى" فرغ من تصنيفه في سادس المحرم سنة 503، وله المنحول والمنتحل في علم الجدل، وله تهافت الفلاسفة، ومحك النظر، ومعيار العلم، والمقاصد، والمضنون به على غير أهله, ولم يُعقِب إلا البنات، ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية، ثم ترك ذلك وعاد إلى بيته في وطنه، واتخذ خانقاه للصوفية، ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره، ووزع أوقاته على وظائف الخير؛ مِن خَتمِ القرآن، ومجالسة أهل القلوب، والقعود للتدريس، إلى أن انتقل إلى ربه. وكانت وفاته في يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة، ودفن بطوس.

العام الهجري : 583 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1187
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فَرَغ صلاحُ الدين مِن أمر عَسقلان وما جاورها من البلاد، أرسل إلى مِصرَ؛ لطَلَبِ الأسطول الذي بها في جمَع ٍمن المُقاتِلة، ومُقَدَّمُهم حسامُ الدين لؤلؤ الحاجب، فأقاموا في البَحرِ يقطعون الطريقَ على الفرنجِ، كُلَّما رأوا لهم مركبًا غَنِموه، وشانيًا أخَذوه، فحين وصلَ الأسطول وخلا سِرُّه من تلك الناحية سار عن عسقلان إلى بيت المقدس، وكان به البُطرُك المعظَّم عندهم، وهو أعظَمُ شأنًا من مَلِكِهم، وبه أيضًا باليان بن بيرزان، صاحِبُ الرملة، وكانت مرتبتُه عندهم تقارِبُ مرتبة الملك، وبه أيضًا مَن خَلَص من فُرسانِهم مِن حِطِّين، وقد جمعوا وحشدوا، واجتمع أهل تلك النواحي- عسقلان وغيرها- فاجتمع به كثيرٌ مِن الخلق، وحَصَّنوه ونَصَبوا المجانيقَ على أسواره، ولَمَّا قرب صلاحُ الدين وساروا حتى نزلوا على القُدسِ مُنتصَفَ رجب، فلما نَزَلوا عليه رأى المُسلِمون على سُورِه من الرجال ما هالهم، وسَمِعوا لأهله من الجَلَبةِ والضَّجيجِ مِن وسط المدينة ما استدَلُّوا به على كثرة الجمع، وبقي صلاحُ الدين خمسةَ أيام يطوف حولَ المدينة لينظُرَ مِن أين يقاتلُه؛ لأنَّه في غاية الحَصانةِ والامتناعِ، فلم يجِدْ عليه موضِعَ قتالٍ إلَّا من جهة الشَّمالِ نحو باب عمودا، وكنيسة صهيون، فانتقل إلى هذه الناحيةِ في العشرين من رجب ونزلها، ونصَبَ تلك الليلة المجانيقَ، فأصبح من الغَدِ وقد فُرِغَ مِن نصبها، ورمى بها، ونَصَب الفرنجُ على سور البلد مجانيقَ ورَمَوا بها، وقوتلوا أشَدَّ قتال رآه أحَدٌ مِن الناس، وكان خيَّالة الفرنج كلَّ يوم يخرجون إلى ظاهِرِ البلد يقاتِلونَ ويُبارِزونَ، فيُقتَلُ من الفريقين، ثم وصل المسلمون إلى الخندق، فجاوزوه والتصقوا بالسور فنَقَبوه، وزحف الرماةُ يحمونَهم، والمجانيقُ تُوالي الرميَّ لتكشِفَ الفرنجَ عن الأسوار ليتمَكَّنَ المسلمون من النَّقبِ، فلمَّا نقَبوه حَشَوه بما جرت به العادةُ، فلما رأى الفرنج شِدَّةَ قتال المسلمين، وتحكُّمَ المجانيق بالرمي المتدارِك، وتمكُّن النقَّابين من النَّقبِ، وأنهم قد أشرَفوا على الهلاكِ- اجتَمعَ مُقَدَّموهم يتشاورون فيما يأتونَ ويَذَرونَ، فاتَّفَق رأيُهم على طَلَبِ الأمان، وتسليم ِبيتِ المَقدِسِ إلى صلاحِ الدين، فأرسلوا جماعةً مِن كُبَرائِهم وأعيانِهم في طلب الأمان، فلمَّا ذكروا ذلك للسلطان امتنَعَ من إجابتِهم، وقال: لا أفعَلُ بكم إلَّا كما فعلتُم بأهلِه حين ملَكْتُموه سنة 491؛ مِن القَتلِ والسَّبيِ وجزاءُ السِّيِّئةِ بمِثلِها. فلما رجع الرسُلُ خائبين محرومين، أرسل باليان بن بيرزان وطلَبَ الأمان لنَفسِه ليَحضُرَ عند صلاح الدين في هذا الأمرِ وتحريره، فأُجيبَ إلى ذلك، وحضر عنده، ورَغِبَ في الأمان، وسأل فيه، فلم يُجِبْه إلى ذلك، واستعطَفَه فلم يَعطِفْ عليه، واسترَحَمه فلم يرحَمْه، فلمَّا أيِسَ مِن ذلك هدَّد بقَتلِ أنفُسِهم وتخريبِ المسجِدِ والصَّخرةِ وكُلِّ شَيءٍ، فاستشار صلاحُ الدين أصحابَه، فأجمعوا على إجابتِهم إلى الأمان، وألَّا يُخرَجوا ويُحمَلوا على ركوبِ ما لا يُدرى عاقبةُ الأمر فيه عن أيِّ شَيءٍ تنجلي، ونحسَبُ أنَّهم أسارى بأيدينا، فنبيعُهم نفوسَهم بما يستقِرُّ بيننا وبينهم، فأجاب صلاحُ الدين حينئذ إلى بذلِ الأمان للفرنج، فاستقَرَّ أن يَزِنَ الرجُلُ عشرةَ دنانير يستوي فيه الغنيُّ والفقير، ويَزِن الطفلُ من الذكور والبنات دينارين، وتَزِن المرأة خمسة دنانير، فمن أدَّى ذلك إلى أربعين يومًا فقد نجا، ومن انقَضَت الأربعونَ يومًا عنه ولم يؤَدِّ ما عليه فقد صار مملوكًا، فبذل باليان بن بيرزان عن الفُقَراء ثلاثين ألف دينار، فأُجيبَ إلى ذلك، وسُلِّمَت المدينةُ يوم الجمعة السابع والعشرين من رجَبٍ، وكان يومًا مشهودًا، ورَفَّت الأعلامُ الإسلاميَّةُ على أسوارِها، وكان على رأسِ قُبَّة الصخرةِ صَليبٌ كبيرٌ مُذهَبٌ. فلما دخل المسلمونَ البلد يومَ الجمعة تسَلَّقَ جماعةٌ منهم إلى أعلى القبة ليقلَعوا الصليبَ، فلمَّا فعلوا وسقط صاح النَّاسُ كُلُّهم صوتًا واحدًا من البَلَدِ ومِن ظاهِرِه، المُسلِمونَ والفرنج: أمَّا المسلمون فكَبَّرُوا فرحًا، وأمَّا الفرنجُ فصاحوا تفجُّعًا وتوجُّعًا، فلما ملك البلد وفارقه الكُفَّارُ، أمر صلاح الدين بإعادة الأبنيةِ إلى حالها القديمِ، وأمر بتطهيرِ المسجِدِ والصخرةِ مِن الأقذارِ والأنجاسِ، ففُعِلَ ذلك أجمَعُ، ولما كان الجمعة الأخرى، رابع شعبان، صلى المسلمونَ فيه الجمعة، ومعهم صلاحُ الدين، وصلَّى في قبة صلاح الدين خَطيبًا وإمامًا برَسمِ الصَّلواتِ الخمس، وأمَرَ أن يُعمَلَ له مِنبَرٌ، فقيل له: إنَّ نور الدين محمودًا كان قد عَمِلَ بحَلَبٍ مِنبَرًا أمَرَ الصُّناعَ بالمبالغة في تحسينِه وإتقانه، وقال: هذا قد عَمِلْناه ليُنصَب ببيتِ المَقدِسِ! فعَمِلَه النجَّارون في عِدَّةِ سنين لم يُعمَلْ في الإسلام مثله، فأمر بإحضارِه، فحُمِلَ من حَلَب ونُصِبَ بالقدس، وكان بين عَمَلِ المنبر وحَملِه ما يزيد على عشرينَ سنة، وكان هذا من كراماتِ نور الدين وحُسنِ مقاصِدِه! رحمه الله، ولَمَّا فرغ صلاح الدين من صلاة الجمعةِ تقَدَّمَ بعِمارةِ المسجد الأقصى واستنفاد الوُسعِ في تحسينِه وترصيفِه، وتدقيقِ نُقوشِه، فأحضَروا من الرُّخامِ الذي لا يُوجَدُ مِثلُه، ومِن الفص المُذهَب القسطنطيني وغير ذلك مما يحتاجون إليه، قد ادخر على طول السنين، فشَرَعوا في عمارته، ومحَوا ما كان في تلك الأبنية من الصُّورِ، فعاد الإسلامُ هناك غضًّا طريًّا، وهذه المَكرُمةُ مِن فتح بيتِ المَقدِسِ لم يفعَلْها بعدَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ- رضي الله عنه- غيرُ صلاحِ الدين- رحمه الله- وكَفَاه ذلك فَخرًا وشَرَفًا!

العام الهجري : 126 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 744
تفاصيل الحدث:

لمَّا تَوَلَّى الوليدُ بن يَزيد بن عبدِ الملك الخِلافَة سار في أوَّلِ أَمرِه سِيرَةً حَسنَة مع أنَّه كان قد اشْتُهِرَ عنه أنَّه صاحِبُ شَرابٍ، ولكن الذي وَلَّد النِّقمَة عليه أنَّه عَقَد لِوَلدَيْهِ بالخِلافَة مِن بَعدِه الحَكَم وعُثمان، وهُما لم يَبلُغا سِنَّ الرُّشْد بعدُ، كما أَسرَف في شَرابِه وانْتِهاك المُحَرَّمات فثَقُلَ ذلك على النَّاس ونَقِموا عليه ممَّا حَداهم إلى أن بايَعوا سِرًّا لابنِ عَمِّه يَزيد بن الوَليد، فنادى يَزيدُ بِخَلعِ الوَليد الذي كان غائِبًا في عَمَّان الأردن، وكان قد وَضَع نائِبًا له على دِمَشق ففَرَّ منها وأَرسَل يَزيدُ جماعةً مِن أَصحابِه بِقِيادة عبدِ العزيز بن الحَجَّاج بن عبدِ الملك إلى الوَليد بن يَزيد فقَتَلوه في قَصرِه البَخْراء الذي كان للنُّعمانِ بن بَشير، فكانت مُدَّةُ خِلافَتِه سَنَة وثلاثة أَشهُر تَقريبًا.

العام الهجري : 130 العام الميلادي : 747
تفاصيل الحدث:

خَرَج بِحَضرمَوت طالبُ الحَقِّ عبدُ الله بن يحيى الكِندي إمامُ الإباضِيَّة؛ تَغلَّب عليها واجْتَمع عليه الإباضِيَّةُ. ثمَّ سار إلى صَنعاء وبها القاسِمُ بن عُمَر الثَّقفي فوقَع بينهم قِتالٌ كَثيرٌ، انْتَصر فيه طالبُ الحَقِّ وهَرَب القاسِمُ وقُتِلَ أخوه الصَّلْتُ، واسْتَولى طالبُ الحَقِّ على صَنعاء وأَعمالَها، ثمَّ جَهَّز إلى مَكَّة عشرةَ آلاف وبها عبدُ الواحد بن سُليمان بن عبدِ الملك بن مَرْوان فغَلَبوا على مَكَّة وخَرَج منها عبدُ الواحد، وكان على الجَيشِ أبو حَمزَة المُختار ثمَّ سارَ إلى المَدينَة وحَصَل قِتالٌ بينهم فاسْتَولى كذلك على المَدينَة، ثمَّ تَوجَّه إلى الشَّام فأَرسَل له مَرْوان جَيشًا بِقِيادة عبدِ الملك بن محمَّد بن عَطِيَّة الذي هَزَم جَيشَ أبي حَمزَة وأَكمَل سَيْرَهُ إلى المَدينَة ومَكَّة وصَنعاء.