الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2497 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 1362 العام الميلادي : 1942
تفاصيل الحدث:

اتجه النضال في طرابلس نحو العمل السياسي والمطالبة بوحدة أراضيه والاستقلال، فأنشئ النادي السياسي الأول عام 1362هـ / 1943م في مدينة طرابلس، وافتتح فروعًا له في النواحي. وازداد نفوذ النادي حتى تمكَّن بعد عامين من تنظيم مظاهرة كبرى أزالت اللافتاتِ الفاشية من الشوارع. وتقَدَّم بعضُ الذين سبق لهم التعاونُ مع الإيطاليين بعرائض طالبوا فيها بوصاية بريطانية. ونشأ كرَدِّ فعل لهذه الحركة الحزبُ الوطني عام 1364هـ/ 1945م برئاسة (علي بن حسن الفقيه، وسالم بن منتصف. ونَشَر الحزب الوطني ميثاقَه في أول شعبان 1364هـ /1944م دعا فيه إلى مقاومة عودة إيطالية، والعمل على إلغاء القوانين الإيطالية، ومنع هجرة الإيطاليين إلى طرابلس. وعلى الرغم من أهداف الحزب المعتدلة فإن الإدارة العسكرية البريطانية لم تعترفْ به إلا في عام 1365 وضاق بعض الأعضاء وعلى رأسهم رئيس الحزب باعتدال الحزب، فانشَقُّوا وشكلوا في الكتلة الوطنية الحرة، وأرادت الإدارة العسكرية البريطانية إضعاف هذين الحزبين، فشكلت في 10 مايو حزبا ثالثًا من المتعاونين أيام الاحتلال مع الإيطاليين برئاسة سالم المنتصف، وعضوية الشيخ محمد أبو الإسعاد مفتي طرابلس في العهد الإيطالي، وسمي الحزب بالجبهة الوطنية المتَّحدة، وأعضاء الجبهة ينتمون إلى أسر كبيرة عُرِفوا بتعاونهم مع السلطات الإيطالية. وانشَقَّ عن الكتلة الوطنية الحرة ثلاثة أعضاء وشكَّلوا في 16 ديسمبر 1365 حزب الاتحاد المصري الطرابلسي برئاسة علي رجب الذي دعا إلى الاتحاد مع مصر. كذلك ألَّف العمال حزبًا في شوال 1366هـ، وشكَّل صادق بن زارع وكيل الحزب الوطني حزبَ الأحرار في الأول من جمادى الأول 1367هـ!!

العام الهجري : 1382 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1963
تفاصيل الحدث:

هو محمد بن عبد الكريم الخطابي (بالأمازيغية موحند نعبد لكريم لخطابي) الذي اشتُهِر بين الريفيين بـ (عبد الكريم الخطابي)، وهو قائدُ الثورة المغربية في منطقة الريف شماليَّ المغرب. وُلِدَ سنة 1299هـ / 1882م في أجدير قرب الحسيمة، من ريف المغرب. وُلِدَ في بيت علمٍ وجهادٍ، من قبيلة "ورياغل" إحدى كبريات القبائل البربرية في جبال الريف. حَفِظ القرآن وبَعَثه والِدُه إلى القرويين بفاس، فتعَلَّم وعاد إلى الريفِ، وأقام في مدينة مليلة فوَلِيَ قضاءَها. وامتد احتلالُ الإسبان من مليلة وتطوان إلى (شفشاون)، فأظهر عبد الكريم والد محمد معارضتَه لهم، وكان من أعيان القوم، فانتقم الإسبانُ منه بعزل ابنه محمد من القضاء واعتقاله في سجن كبالرزا سنة 1920م، وأراد محمدٌ الفرار من المعتقل فسَقَط وكُسِرَت ساقه، فأُطلِق من سِجنِه، فجمع محمد الخطابي أنصارًا من ورياغل (قبيلته) وقد آلت إليه زعامتُها بعد أبيه، وقاتل الإسبانَ، فظَفِرَ في معركة (أنوال) من جبال الريف في يوليو 1921 / 1339 ه، وتتابعت معاركه معهم؛ فاستردَّ شفشاون -مدينة في شمال المغرب- 1925م وحاول استردادَ تطوان، وقُدِّر عددُ جيشه بمئة ألف. أنشأ جمهورية الريف، وخاف الفرنسيون امتداد الثورة إلى داخل المغرب، فتحالفوا مع الإسبان ضِدَّه. فأطبقت عليه الدولتان، فاستسلم مُضطرًّا إلى الفرنسيين في 25 مايو 1926م / 12 ذي القعدة 1344هـ بعد أن وعدوا بإطلاق سراحه، ولكنَّهم لم يَفُوا به. فنفوه إلى جزيرة (رينيون) في بحر الهند شرقيَّ إفريقية؛ حيث مكث 20 عامًا, فلما أردوا نَقْلَه إلى فرنسا سنة 1947 م، 1366 هـ وبلَغوا السويس تمكَّن الخطابي أن يهرب من الباخرة واستقَرَّ في القاهرة إلى أن توفِّيَ رحمه الله بها بسكتة قلبية.

العام الهجري : 494 العام الميلادي : 1100
تفاصيل الحدث:

اختار الإدريسيُّ الانتقالَ إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية؛ لأنَّ الملك النورماني في ذلك الوقت روجر الثاني كان محبًّا للمعرفة، شرح الإدريسي لروجر موقعَ الأرض في الفضاء مستخدِمًا في ذلك البيضةَ لتمثيل الأرض، شبَّهَ الإدريسي الأرضَ بصفار البيضة المحاط ببياضها تمامًا كما تهيم الأرضُ في السماء محاطة بالمجرَّات. أمر الملك الصقلي روجر الثاني له بالمال لينقُشَ خارطة العالم والمعروف باسم لوح الترسيم على دائرة من الفضة تزن 400 رطل رومي في كل رطل 112 درهمًا. ويُعرَف لوح الترسيم أيضًا عند العرب بخريطة الإدريسي، ويقال: إنها أول خريطة سليمة (أي صحيحة) نعرف عنها. ساعده في ذلك رسَّام رافقه في كل رحلاته الاستكشافية المموَّلة من روجر الثاني للحصول على معلومات جغرافية.

العام الهجري : 569 العام الميلادي : 1173
تفاصيل الحدث:

لَمَّا سار سيفُ الدين غازي، صاحِبُ الموصل، ومَلَك البلادَ الجزريَّةَ، أرسل صلاح الدين أيضًا إلى المَلِك الصالح يعتبُه حيث لم يُعلِمْه قصد سيف الدين بلادَه وأخْذَها، ليحضُرَ في خدمته ويكُفَّ سيف الدين، وكتب إلى كمالِ الدين والأمراء يقول: "لو أنَّ نور الدين يعلَمُ أنَّ فيكم من يقومُ مقامي، أو يثِقُ به مِثلَ ثِقتِه بي، لسلم إليه مصر التي هي أعظَمُ ممالكه وولاياته، ولو لم يُعجِّلْ عليه الموت لم يعهَدْ إلى أحد بتربيةِ ولَدِه والقيام بخدمته غيري، وأراكم قد تفَرَّدتُم بمولاي وابنِ مولاي دوني، وسوف أصِلُ إلى خدمته، وأجازي إنعامَ والدِه بخدمةٍ يظهَرُ أثَرُها، وأجازي كلًّا منكم على سوءِ صنيعه في ترك الذَّبِّ عن بلادِه".

العام الهجري : 948 العام الميلادي : 1541
تفاصيل الحدث:

حقَّق السعديون على صعيدٍ آخر نصرًا كبيرًا على البرتغاليين، وفتحوا حصن سانتاكروز في السوس، وما أن علِمَ ملك البرتغال جان الثالث بهذا الخبر حتى أمر حامياتِ آسفي وأزمور بالجلاء فورًا عنها، وقد وجَّه الملك جان الثالث في هذا الشأن إلى سفيره بمدريد رسالةً يُطلِع فيها الإمبراطور الإسباني شارل الخامس، حيث جاء فيها ذِكرُ الأسباب التي أجبرت البرتغال على اتخاذ قرار الجلاء عن قاعدتي آسفي وأزمور، ومنها تزايُدُ قوات السعديين بفضل المساعدات العثمانية، بحيث صار الحاكمُ السعدي يملِكُ المدفعيةَ العثمانية، والآلاتِ الحربيةَ، وجنودًا مدربين، وقد ظهر أثرُ تلك الإمدادات عند حصار سانتاكروز؛ ممَّا جعل الاحتفاظَ بهذين المركزين آسفي وأزمور أمرًا شاقًّا وصعبًا.

العام الهجري : 1323 العام الميلادي : 1905
تفاصيل الحدث:

قام الإنجليزُ بتقسيمِ البنغال إلى قِسمَين غربي وشرقي، وذلك على أساسٍ دينيٍّ بين المسلمين والهندوس، وعارض الهندوس هذا التقسيمَ؛ إذ فقدوا حسَبَ رأيهم السيطرةَ على ولاية مهمةٍ، وعَمَّهم الحزن وأضربوا واجتَمَعوا عند صَنمِهم كالي، إله التدمير -حسب عقليَّتِهم- وتعاهدوا على مقاطعةِ البضائعِ الإنجليزية، وطالب المسلِمون في العام التالي بإجراءِ انتخاباتٍ منفصلة، وتَرْك الانتخابات المشتركة، وذهب وفدٌ منهم لمقابلة نائبِ الملك في مقرِّه الصيفي في سيملا، وقد سُرَّ المسلمون بتقسيم البنغال، إلَّا أن الأمرَ لم يدُمْ طويلًا؛ ففي عام 1329هـ / 1911م أُلغي هذا التقسيمُ على لسان الملك جورج في حفلةِ تتويجه إمبراطورًا في مدينة دلهي؛ ليبقى المسلمون تحت سيطرةِ الهندوس ونفوذِهم.

العام الهجري : 1071 العام الميلادي : 1660
تفاصيل الحدث:

كان البرتغاليون يحتلون طنجة قرنين من الزمان، ثم إن الأميرة كاترينا البرتغالية قدَّمت طنجة صداقًا لزوجها تشارلز الثاني ملك إنكلترا، فأصبحت طنجة تحت النفوذ الإنكليزي.

العام الهجري : 1096 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1685
تفاصيل الحدث:

تمكن القائد العثماني القرمي سليم كيراي من هزيمة ملك بولونيا سوبياسكي في معركة بويان، وخسر البولونيون في هذه المعركة 6 آلاف قتيل و5 آلاف أسير.

العام الهجري : 725 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1325
تفاصيل الحدث:

سأل المَلِكُ المجاهِدُ صاحِبُ اليمن إنجادَه بعسكَرٍ من مصر، وأكثَرَ من ترغيب السلطان الناصر محمد بن قلاوون في المالِ الذي باليمن، وكان قدومُ رُسُلِه في مستَهَلِّ صفر، فرسم السلطانُ بتجهيز العسكر صحبة الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب، وهو مُقَدَّم العسكر، فسار إلى مكَّةَ، فوصل في السادس والعشرين من جمادى الأولى، ودخلها وأقامَ بها حتى قَدِمَت المراكِبُ بالغلال وغيرِها من مصر إلى جُدَّة، وتقَدَّم الخادِمُ كافور الشبيلي خادِمُ الملك المجاهد إلى زَبيد لِيُعلِمَ مولاه بالعساكر، وكتب الأميرُ ركن الدين بيبرس بن الحاجب، وهو مُقَدَّم العسكر إلى أهل حلي بني يعقوب بالأمان، وأن يجلِبوا البضائِعَ للعسكَرِ، ورحل العسكَرُ في خامس جمادى الآخرة من مكَّة، ومعه الشَّريفُ عطفة والشريف عقيل، وتأخَّر الشريف رميثة، فوصل العسكَرُ إلى حلي بني يعقوب في اثني عشر يومًا، فتلقَّاهم أهلُها، ودُهِشوا لرؤية العساكر، فنودي فيهم بالأمانِ، ورحل العسكَرُ بعد ثلاثة أيام في العشرين منه، فقَدِمَت الأخبار باجتماعِ رأي أهل زبيد على الدخولِ في طاعة المَلِك المجاهد خوفًا من مَعَرَّة قدوم العسكر المصري، وأنهم ثاروا بالمتمَلِّك عليهم وهو المَلِك الظاهِر، ونهبوا أموالَه ففَرَّ عنهم، وكتَبوا إلى المجاهد بذلك، فقَوِيَ ونزل من قلعة تعز يريدُ زبيدَ، فكتب أمراءُ العسكر المصري إليه، وهم قُربَ حدود اليمن، بأن يكون على أُهْبةِ اللقاء، ونزل العسكَرُ على زبيد، ووافاهم المجاهِدُ بجُندِه، فسَخِرَ منهم الناسُ من أجل أنَّهم عراةٌ، وسلاحُهم الجريدُ والخَشَبُ، وسيوفُهم مشدودةٌ على أذرِعَتِهم، ويقادُ للأميرِ فَرَسٌ واحِدٌ مُجَلَّل، وعلى رأسِ المجاهِدِ عِصابةٌ مُلَوَّنةٌ فوقَ العمامة، وعندما عاين المجاهِدُ العساكِرَ المصريَّةَ وهي لابسةٌ آلة الحَربِ رُعِبَ، ومضى العسكَرُ صَفَّين والأمراءُ في الوسط حتى قَرُبوا منه، فألقى المجاهِدُ نَفسَه ومن معه إلى الأرضِ، وترجل له أيضًا الأمراء وأكرموه وأركبوه في الوَسَطِ، وساروا إلى المخَيَّم، وألبسوه تشريفًا سلطانيًّا وقُرِئَ كتاب السلطان، فقَبَّلوا بأجمعِهم الأرض، وقالوا سمعًا وطاعةً، وكتب الأميرُ بيبرس الحاجِبُ لممالك اليمَنِ بالحضور، فحضروا، ولم يُجَهِّز المَلِكُ المجاهد للعسكَرِ شيئًا من الإقامات، وعَنَّفه الأمير بيبرس على ذلك، فاعتذر بخرابِ البلاد، وكَتَب لهم على البلاد بغنمٍ وأذرة، وسار المجاهِدُ إلى تعز لتجهيز الإقاماتِ، ومعه الأميرانِ سيف الدين ططر العفيفي السلاح الدار وسيف الدين قجمار في مائتي فارس، وتأخَّر العسكر بزبيد، وعادت قُصَّاد الأمراء بغير شيءٍ فرحل العسكَرُ من زبيد في نصف رجب يريدون تعز، فتلقَّاهم المجاهد، ونزلوا خارجَ البلد، وشكَوا ما هم فيه من قِلَّة الإقامات، فوعد بخير، وكتب الأمراءُ إلى الملك الظاهر المقيم بدملوة -حصن عظيم باليمن من بلاد الحجرية تعز-، وبعَثوا إليه الشريفَ عطفة أميرَ مكَّةَ وعِزَّ الدين الكوندكي، وكتب إليه المجاهِدُ أيضًا يحُثُّه على الطاعة، وأقام العسكَرُ في جَهدٍ، فأغاروا على الضياع، وأخذوا ما قَدَروا عليه، واتُّهِم أن ذلك بمواطأة المجاهِد خوفًا من العسكَرِ أن يَملِكَ منه البلاد، ثمَّ إنَّ أهل جبل صبر قطَعوا الماء عن العسكر، وتخَطَّفوا الجمال والغِلمان، وزاد أمرُهم إلى أن ركب العسكَرُ في طَلَبِهم، فامتنعوا بالجَبَلِ، ورموا بالمقاليعِ على العسكر، فرَمَوهم بالنشاب، وأتاهم المجاهِدُ فخَذَّلَهم عن الصُّعودِ إلى الجبل، فلم يعبؤوا بكلامه، ونازلوا الجبَلَ يَومَهم، ففُقِدَ من العسكر ثمانيةٌ من الغلمان، وبات العسكَرُ تحته، فبلغ الأميرَ بيبرس أن المجاهدَ قَرَّر مع أصحابه بأن العسكرَ إذا صَعِدَ الجَبَل يُضرِمونَ النار في الوطاقِ وينهبون ما فيه، فبادر بيبرس وقَبَض على بهاء الدين بهادر الصقري وأخذ موجودَه، ووسَّطَه قطعتينِ وعَلَّقه على الطريق، ففَرِحَ أهل تعز بقَتلِه، وكان بهادر قد تغَلَّب على زبيد، وتسَمَّى بالسلطنة، وتلَقَّب بالملك الكامل، وظَلَّ متسَلِّطًا عليها، حتى طرده أهلُها عند قدوم العسكر، وقَدِمَ الشريف عطفة والكوندكي من عند الملك الظاهر صاحب دملوة، وأَخبَرا بأنَّه في طاعة السلطان الناصر ابن قلاوون، وطلب بيبرس من المجاهِدِ ما وَعَد به السلطان، فأجاب بأنه لا قُدرةَ له إلا بما في دملوة فأشهَدَ عليه بيبرس قضاةَ تَعز بذلك، وأنه أذِنَ للعسكر في العود، لخرابِ البلاد وعَجْزِه عمَّا يقومُ به للسُّلطانِ، وأنَّه امتَنَع بقلعة تعز، ورحل العسكَرُ إلى حلي بني يعقوب، فقَدِمَها في تاسع شعبان، ورحلوا منها أوَّلَ رمضان إلى مكَّة، فدخلوها في حادي عشره بعد مشقةٍ زائدة، وساروا من مكَّةَ يوم عيد الفطرِ.

العام الهجري : 1345 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1927
تفاصيل الحدث:

بعد أن ضمَّ الملك عبدالعزيز الحجازَ عام 1344هـ رأى أنَّ من أولى الواجبات أن يعمَلَ على تأمين سلامة الحجاج، ويعيدَ ريعَ أوقاف الحرمين الموجودة في العالم الإسلامي، ويعمَلَ على تشغيل سكَّة حديد الحجاز، لكنه اصطدم بالامتيازاتِ التي يتمتَّعُ بها رعايا الدول الأوروبية، والتي حصلت عليه تلك الدولُ مِن خلال المعاهدات التي تمَّت بينها وبين الدولة العثمانية في جميعِ أراضي الدول العثمانية الواسعة، بحيث تُطَبِّقُ هذه الدول قوانينَها على مواطنيها في أراضي الدولة العثمانية، ولم يُستثْنَ الحجازُ في تلك المعاهدات على الرَّغمِ مِن خصوصيته؛ لوجود الحرمين والأماكن المقدسة، فكانت هذه المعاهداتُ تَكفُلُ للمواطن الأوروبي العادي من تلك الدولِ التمتُّعَ بامتيازاتٍ هي في الأساس تُمنَحُ للدبلوماسيين فحَسْبُ، في حين أنَّ السيادة الوطنية تتطلَّبُ خضوع الأجانب للقوانين والأنظمة السائدة في البلاد التي يقيم فيها؛ ولذلك وجدت قضيةُ الامتيازات الأجنبية في الحجاز طريقَها للعديد من القضايا المطروحة للتباحُثِ بين الطرفين الملك عبد العزيز وممثِّلي الحكومة البريطانية، وكان ممثِّلو بريطانيا قد عقدوا جلسةً في مارس 1926م أكَّدوا فيها ضرورة توطيد السلام في المنطقة، وحماية النفوذ البريطاني في سواحلها، وانتزاع اعتراف رسمي من عبد العزيز بمركز بريطانيا المتميِّز في فلسطين ومناطق الانتداب في العراق، وتأكيد التزام ابن سعود بعدمِ التدخُّل في شؤون مشيخات الخليج العربي، وأن يقَدِّمَ ضماناتٍ أكيدةً على حماية وحرية طرق الحج، وسلامة الرعايا المسلمين في أراضي الإمبراطورية البريطانية، والتعاون مع بريطانيا في محاربةِ تجارةِ الرقيق، والاعتراف من جانبه بنظام الامتيازات الأجنبية التي حصلت عليها بريطانيا من الدولة العثمانية، إلَّا أنَّ نقطة الامتيازات أثارت نقاشًا بين المسؤولين البريطانيين قبل أن يثيرها الملك عبدالعزيز معهم، فكان نائب الملك في الهند يحذِّرُ من التدخل في شؤون الأماكن المقدسة، وأن تتِمَّ المعاهدة مع ابن سعود من دونِ حاجةٍ لشروط تتعلَّقُ بالحجاز. ولَمَّا اتفقوا على التعَرُّف على موقف ابن سعود من هذه المسألة بإرسال جوردون وكيل القنصل البريطاني في جدة، ولَمَّا التقى به في وادي العقيق في خريف 1926م وعرض عليه مقترحاتِ الحكومة البريطانية الخاصة بالامتيازات الأجنبية في الحجاز رفَضَها ابنُ سعود وبشدَّةٍ، وأكَّدَ عليه أنَّ إدخال هذه القضية في المعاهدة المزمَع عَقدُها سوف يؤدِّي إلى إلحاق الضرر بالعلاقة بين البلدين، كما رفض ابنُ سعود فكرةَ تفضيل البريطانيين في الحجاز يقابِلُه تفضيل الرعايا السعوديين في بريطانيا، وأكد ابن سعود أنَّ المساواة أساسٌ بين المسلمين أثناء وجودِهم في أراضي الحجاز ونجد وما حولها, وبعد أن رفع جوردن تقريرَه عن المباحثات قرَّرت حكومته حذفَ الامتيازات من المعاهدة تمامًا، وفي فبراير 1927م تقرَّر استئنافُ المفاوضات مع الملك عبدالعزيز على أساس أنَّ بريطانيا حريصةٌ على إنجاحها والتوصُّل إلى إقامةِ علاقةٍ متينةٍ معه، وقدَّمت بعض التنازلات ضمانًا لنجاحها؛ إذ كانت قلقةً من الوجود السوفيتي في شبه الجزيرة العربية، ومِن القضايا التي تمَّ التباحثُ حولها رغبةُ بريطانيا في تسيير وإدامة المواصلات الجوية بينها وبين مملكة الحجاز ونجد؛ لأهمية ذلك في ترابُط أطراف الإمبراطورية البريطانية، وإقامة مركز وقود لتموين الطائرات في رأس السفانية، وتشييد محطتين للهبوط الاضطراري في الأحساءِ، إلا أن عبد العزيز اعترض على تشييد مطارات في تلك المنطقة تخصُّ الطيران البريطاني، كما هو الحال في صحراء العراق الجنوبية. وكان لهذه المباحثات بين الملك عبدالعزيز والبريطانيين أثرُها في صياغة معاهدة جُدة التي تم توقيعها بين الطرفين في ذي القعدة من هذا العام.

العام الهجري : 855 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1451
تفاصيل الحدث:

هو السلطان الغازي مراد الثاني بن محمد جلبي بن بايزيد بن مراد الأول بن أورخان بن عثمان بن أرطغرل, وهو سادس سلاطين العثمانيين. ولد مراد الثاني سنة 806 (1403م) وتولى سنة 824 (1421م) بعد موت أبيه وعمره ثماني عشرة سنة. كانت أيام حكمه مليئة بالجهاد والحروب, وقد افتتح أعماله بإبرام الصلح مع أمير القرمان والاتفاق مع ملك المجر على هدنة خمسِ سنوات حتى يتفرَّغ لإرجاع ما شقَّ عصا الطاعة من ولايات آسيا لكنْ حدَثَ ما شغله عن هذا العمل، وذلك أن إيمانويل إمبراطور القسطنطينية أطلق سراح عمه مصطفى بن بايزيد ليشغَلَه عن غزوه، فبدأ مراد بالقضاء على تمرد عمه مصطفى ابن بايزيد، فلما انتهى من القضاء على عمه توجه بقواته لحصار القسطنطينية سنة 825 (1421م) دون أن يتمكن من فتحها, ثم اتجه إلى ملوك أوربا فألزم أمير الصرب بدفع جزية سنوية وأن يزوِّجَه ابنته ويتنازل له عن بعض أراضي بلاده ويقطع علاقته بملك المجر, وأعاد مراد فتح مدينة سلانيك في ألبانيا, واعترف أمير الفلاخ بسيادة العثمانيين على بلاده, ثم تمرد أميرا الفلاخ والصرب بتحريض من ملك المجر فأخضعهما مراد الثاني بالقوة وأسر عشرات الآلاف من جنودهما، وفتَحَ مدينة سمندرية الواقعة في بلاد الصرب, ولما توفي أكبر أولاد السلطان واسمه علاء الدين حزن عليه حزنًا شديدًا وسئم الحياة فتنازل عن الملك لابنه محمد البالغ من العمر أربع عشرة سنة، وسافر هو إلى ولاية آيدين للإقامة بعيدًا عن هموم الدنيا وغمومها، لكنه لم يمكث في خلوته بضعة أشهر حتى أتاه خبر غدر ملك المجر فقام بجيشه لمحاربته فوجدهم محاصرين لمدينة وارنة الواقعة على البحر الأسود، فاشتبك القتال بين الجيشين وقُتِلَ ملك المجر, وبعد أن تم للمسلمين النصر واستخلاص مدينة وارنة رجع السلطان مراد إلى عزلته لكنه لم يلبث فيها هذه المرة أيضًا لأن عساكر الإنكشارية ازدروا بملكهم الفتى محمد الثاني وعصوه ونهبوا مدينة أدرنة عاصمة الدولة فرجع إليهم السلطان مراد الثاني في أوائل سنة 1445 م وأخمد فتنتهم ثم تنازل مراد الثاني عن السلطة لولده محمد، لكنه كان يضطر للعودة إلى الساحة السياسية وساحة القتال أكثر من مرة إلى أن توفي سنة 855 في الخامس من محرم، عن عمر يناهز الخمسين بعد أن قضى أيامًا كثيرة مجاهدًا كأنه سياج الإسلام، وبوفاته أصبح ابنه محمد متوليًا للسلطة تمامًا بكل زمامها، وكان عمره يومها يقارب الاثنين وعشرين سنة، ومحمد هذا هو المعروف بالفاتح؛ لأنه هو الذي فتح القسطنطينية.

العام الهجري : 244 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 859
تفاصيل الحدث:

فتح المُسلِمونَ مَدينةَ قصريانة، وهي المدينةُ التي بها دارُ المُلْك بصقلية، وكان المَلِكُ قبلها يسكُنُ سرقوسة، فلما مَلَك المسلمونَ بعضَ الجزيرة نقل دارَ المُلك إلى قصريانة لحصانَتِها. وسبَبُ فَتحِها أنَّ العبَّاسَ بنَ الفَضلِ- أميرَ صقلية- سار في جيوشِ المسلمين إلى مدينة قصريانة، وسرقوسة، وسيَّرَ جيشًا في البحر، فلَقِيَهم أربعون شلندي للرُّوم، فاقتتلوا أشَدَّ قتال، فانهزم الرومُ، وأخذ منهم المسلمون عَشرَ شلنديات برجالِها، وعاد العباس بنُ الفضل إلى مدينته. فلما كان الشتاءُ سَيّرَ سرية، فبلغت قصريانة، فنهبوا وخَرَّبوا، وعادُوا ومعهم رجلٌ كان له عند الرومِ قَدْرٌ ومَنزِلةٌ، فأمر العبَّاسُ بقَتلِه، فقال: استَبْقِني، ولك عندي نصيحةٌ، قال: وما هي؟ قال: أُمَلِّكُك قصريانةَ، والطريقُ في ذلك أنَّ القَومَ في هذا الشتاءِ وهذه الثلوجِ آمِنونَ مِن قَصدِكم إليهم، فهم غيرُ مُحتَرِسينَ، تُرسِلُ معي طائفةً مِن عسكَرِكم حتى أُدخِلَكم المدينةَ. فانتخب العبَّاسُ ألفَي فارسٍ أنجادٍ أبطالٍ، وسار إلى أن قارَبَها، وكمن هناك مستَتِرًا وسيَّرَ عَمَّه رباحًا في شُجَعانِهم، فساروا مستخفِينَ في الليل، فنَصَبوا السَّلاليمَ، وصَعِدوا الجبل، ثم وصَلوا إلى سور المدينةِ، قريبًا من الصُّبحِ، والحَرَسُ نيام، فدخلوا من نحوِ بابٍ صغيرٍ فيه، فدخل المُسلِمونَ كُلُّهم، فوَضَعوا السيفَ في الروم، وفَتَحوا الأبواب. وجاء العباسُ في باقي العسكَرِ، فدخلوا المدينةَ وصَلَّوا الصبحَ يومَ الخميس منتصَفَ شوال، وبنى فيها في الحالِ مَسجِدًا ونصَبَ فيه مِنبرًا وخطب فيه يومَ الجمعة، وقَتَل من وَجَد فيها من المُقاتِلة، وأخذوا ما فيها من بناتِ البَطارقةِ بحُليهِنَّ، وأبناء الملوك، وأصابوا فيها ما يَعجِزُ الوصفُ عنه، وذَلَّ الشِّركُ يومئذٍ بصَقَلِّيَّة ذلًّا عَظيمًا. ولَمَّا سمع الروم أرسَلَ مَلِكُهم بِطريقًا من القُسطنطينية في ثلاثِمائة شلندي وعسكَرٍ كثيرٍ، فوصلوا إلى سرقوسة، فخرج إليهم العبَّاسُ من المدينة، ولَقِيَ الرُّومَ وقاتَلَهم، فهَزَمهم، فرَكِبوا في مراكِبِهم هاربين، وغَنِمَ المُسلِمونَ منهم مائةَ شلندي، وكَثُرَ القتلُ فيهم، ولم يُصَبْ من المسلمينَ ذلك اليومَ غيرُ ثلاثةِ نَفَرٍ بالنشاب.

العام الهجري : 297 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 910
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ظهر المهدِيُّ مِن سِجنِه أقام بسِجِلماسة أربعين يومًا، ثم سار إلى أفريقيَّة، وأحضر الأموالَ من إنكجان، فجعَلَها أحمالًا وأخذها معه، وقد عمِلَ أبو عبدالله الشيعي على زوالِ مُلك بني الأغلب، ومُلك بني مدرار الذين منهم اليسَع، وكان لهم ثلاثون ومائة سنةً منفردين بسجلماسة، وزوالِ مُلكِ بني رستم من تاهرَت، ولهم ستون ومائة سنةٍ تفرَّدوا بتاهَرت، ومَلَك المهديُّ جميع ذلك، فلمَّا قَرُب من رقادة تلقَّاه أهلها، وأهلُ القَيروان، وأبو عبدالله، ورؤساءُ كُتامة مشاةً بين يديه، وولَدُه خَلْفَه، فسلَّموا عليه، فردَّ جميلًا، وأمَرَهم بالانصراف، ونزل بقصرٍ من قصور رقادة، وأمر يومَ الجُمُعة بذِكرِ اسمِه في الخطبة في البلاد، وتلقَّب بالمهديِّ أميرِ المؤمنين، وجلس بعد الجمعةِ رجلٌ يُعرَف بالشَّريف، ومعه الدُّعاةُ، وأحضروا النَّاسَ بالعنف والشدّة، ودَعَوهم إلى مذهبِهم، فمن أجاب أُحسِنَ إليه، ومَن أبى حُبِسَ، فلم يدخُلْ في مذهبِهم إلَّا بعضُ الناس، وهم قليلٌ، وقُتِلَ كثيرٌ ممَّن لم يوافِقْهم على قولهم، فكان أوَّل من حَكَم هو هذا الملَقَّب بالمهدي واسمُه عبيدالله بن عبدالله بن ميمون، وقد اختُلِفَ كثيرًا في نَسَبِه وصِحَّتِه، فمنهم من يقولُ: نسبُه صحيحٌ إلى علي بن أبي طالب، ومنهم من يقولُ: بل هو راجِعٌ إلى ميمون القدَّاح، ومنهم من يقولُ: بل أصلُه يهودي ربيبُ الحسين بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بل قيل: إنَّ اليسَع قد قَتَل عُبيدَ الله، وجعل مكانه رجلًا يهوديًّا في السجن، وهو الذي أخرجه أبو عبدالله الشيعي، عِلمًا أنَّ أبا عبدالله الشيعي لم يَسبِقْ له أن رأى المهديَّ أصلًا؛ ولذلك حصل الشِّقاقُ بينهم فيما بعدُ, وعلى أيِّ حالٍ كان ومِن أيِّ نسَبٍ كان، فإنَّ دولَتَهم وما كانوا يَدْعونَ إليه كفيلةٌ ببيان ما كانوا عليه من الكُفرِ والنِّفاقِ والشِّقاقِ لأهلِ الحقِّ والإسلامِ.

العام الهجري : 365 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 976
تفاصيل الحدث:

هو المُعِزُّ لدين الله أبو تميمٍ مُعدُّ بن المنصور بالله إسماعيل بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن المهدي أبي محمد عبيد الله، العُبَيديُّ المهدويُّ صاحِبُ المغرب. بُنِيَت له القاهرة, وكان وليَّ عَهدِ أبيه. ولي سنة 341، وسار في نواحي إفريقيَّةَ يمَهِّدُ مُلكَه، فذَلَّل الخارجين عليه، واستعمل مماليكَه على المدُنِ، واستخدم الجُندَ، وأنفق الأموالَ، وجهَّز مملوكَه جوهرًا القائِدَ في الجيوشِ. فسار فافتتح سجلماسة، وسار إلى أن وصل البحرَ الأعظمَ، فلمَّا مات كافور بَعَث المعِزُّ جَيشَه لِمِصر بقيادةِ جَوهر, فأخذها له ثمَّ انتقل لها المعِزُّ ودخلها سنة 362. قال الذهبي: " كان المعِزُّ عاقِلًا لبيبًا حازمًا، ذا أدبٍ وعِلمٍ ومعرفةٍ وجَلالةٍ وكَرَمٍ، يرجِعُ في الجملةِ إلى عَدلٍ وإنصافٍ، ولولا بِدعتُه ورَفضُه، لكان من خيارِ المُلوكِ ". كان موتُه سابع عشر من شهر ربيع الآخر، وكان سبب موته الحُمَّى؛ لشدَّة ما وجد من كلامٍ على مُلكِه ومملكتِه، واتَّصَل مرضُه حتى مات، وكانت ولايتُه ثلاثًا وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام، منها مُقامُه بمصر سنتان وتسعة أشهر، والباقي بإفريقيَّة، وهو أوَّلُ حُكَّام العُبَيديِّين مَلَك مصر، وخرج إليها، وكان مُغرمًا بالنجوم، ويعمل بأقوالِ المنجِّمينَ، قال له منجِّمُه: إنَّ عليه قطعًا في وقتِ كذا، وأشار عليه بعمَلِ سردابٍ يختفي فيه إلى أن يجوزَ ذلك الوقت، ففعل ما أمَرَه وأحضر قوَّادَه، فقال لهم: إنَّ بيني وبين الله عهدًا أنا ماضٍ إليه، وقد استخلفتُ عليكم ابني نزارًا، يعني العزيز، فاسَمَعوا له وأطيعوا، ونزَل السردابَ، فغاب سنةً ثم ظهر، وبقِيَ مدَّةً، ومرِضَ وتوفِّيَ، فستَرَ ابنُه العزيز موتَه إلى عيد النَّحرِ مِن السنة، فصلى بالنَّاسِ وخَطَبَهم، ودعا لنفسِه، وعزَّى بأبيه، ولَمَّا استقَرَّ العزيزُ في الملك أطاعه العسكرُ، فاجتمعوا عليه، وكان هو يدبِّرُ الأمورَ منذ مات أبوه إلى أن أظهَرَه، ثم سيَّرَ إلى الغرب دنانيرَ عليها اسمُه، فُرِّقَت في النَّاسِ.

العام الهجري : 657 العام الميلادي : 1258
تفاصيل الحدث:

أرسل الملك الغاشم هولاكو خان إلى المَلِك الناصر صاحِبِ دمشق يستدعيه إليه، فأرسل إليه ولَدَه العزيز وهو صغيرٌ ومعه هدايا كثيرةٌ وتُحَف، فلم يحتَفِلْ به هولاكو خان بل غضب على أبيه إذ لم يُقبِلْ إليه، وأخذ ابنُه، وقال: أنا أسير إلى بلاده بنفسي، فانزعج الناصِرُ لذلك، وبعث بحريمِه وأهله إلى الكرك ليحَصِّنَهم بها وخاف أهلُ دمشق خوفًا شديدًا، ولا سيما لما بلغهم أن التتار قد قطعوا الفرات، فسافر كثيرٌ منهم إلى مصر في زمن الشتاء، فمات ناسٌ كثير منهم ونُهبوا، ثم رجع العزيزُ بن الملك الناصر من عند هولاكو، وعلى يده كتابُه ونصه: الذي يعلمُ به الملك الناصر صاحب حلب أنا نحن قد فتحنا بغدادَ بسيف الله تعالى، وقتَلْنا فُرسانَها وهَدَمْنا بُنيانَها وأسَرْنا سكانها، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، واستحضرنا خليفتَها وسألناه عن كلماتٍ فكذب، فواقعه الندمُ واستوجب منا العَدَم، وكان قد جمع ذخائرَ نفيسة، وكانت نفسُه خسيسة فجمع المال ولم يعبأ بالرِّجال، وكان قد نمى ذكرُه وعظُمَ قدره، ونحن نعوذ بالله من التمام والكمال، إذا وقفت على كتابي هذا، فسارع برجالِك وأموالِك وفرسانك إلى طاعةِ سلطان الأرض شاهنشاه روي زمين، تأمن شرَّه وتنل خيرَه، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} ولا تعوِّقْ رُسُلَنا عندك كما عوَّقْت رسلَنا من قبل، فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ، وقد بلغنا أن تجار الشام وغيرهم انهزموا بأموالِهم وحريمهم إلى كروان سراي فإن كانوا في الجبالِ نسفناها، وإن كانوا في الأرضِ خسفناها، فانزعج الناصِرُ, وبعث عندما بلغه توجه هولاكو نحو الشام بالصاحِبِ كمال الدين عمر بن العديم إلى مصر، يستنجِدُ بعَسكَرِها.