الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3793 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 1258 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1842
تفاصيل الحدث:

بعث عبد الله بن ثنيان قوةً بقيادة عبد الله بن بتال المطيري لاحتلال الأحساء، فاستولى عليها، ثم عيَّن عمر بن عفيصان أميرًا على الأحساء وكلَّفه بالسير إلى القطيف فأخضعها، وهدَمَ سور سيهات، وقبض على أميرها ابن عبد الرحيم، كما أشخص أميرَ القطيف علي بن غانم إلى نجد لمقابلة ابن ثنيان، فوجَّه إليه تهمة الخيانة العظمى بالتواطؤِ مع آل خليفة، فسجنه وصادر أموالَه وأملاكه، ثم عيَّنَ أحمد السديري أميرًا على القطيف، وكتب إلى ابن عفيصان بالرجوعِ إلى الأحساء، كما بعث قوةً إلى ميناء العقير، فاستخلصه من أيدي آلِ خليفة، وكان أهل الأحساء قد رحَّبوا بحكم ابن ثنيان في البدايةِ إلَّا أنهم سخطوا عليه أخيرًا بسبب أعمالِه في القطيف.

العام الهجري : 1275 العام الميلادي : 1858
تفاصيل الحدث:

عاد الأميرُ عبد العزيز المحمد أبو عليان إلى إمارته في بُريدةَ بعد أن استرضى الإمامَ فيصل بن تركي، ولكنْ لم تكن الثقةُ بينهما تامةً، فالوحشةُ لم تفارِقْ عبد العزيز بل ازدادت؛ ذلك لأن الإمام لا ينظرُ إليه بالعين التي كان ينظرُه فيها، وما زال متَّهمًا عنده لكثرةِ نزعاته وعدم استقامته، ويزيد الإمامَ ما يتواترُ عليه من مهنَّا الصالح من أخبارٍ عن عبد العزيز لم تكُن في مصلحته، ومهنا كان طامِعًا بمركز عبد العزيز، فأثَّرت تلك الأخبار في الإمام، فاستدعى عبد العزيز إلى الرياض فقَدِمَ ومعه ابناه علي وعبد الله، فأمرهم بالبقاء عنده وجعَلَ عبد الله بن عبد العزيز بن عدوان أميرًا في بريدة، وهو من بني عم عبد العزيز المحمد.

العام الهجري : 20 العام الميلادي : 640
تفاصيل الحدث:

أوَّلُ مَن دخَل أرضَ الرُّومِ أبو بَحْرِيَّةَ عبدُ الله بن قيسٍ، وقِيلَ: أوَّلُ مَن دخَلَها مَيْسرَةُ بن مَسروقٍ العَبْسِيُّ، فسَبَى وغَنِمَ.

العام الهجري : 93 العام الميلادي : 711
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن تَوَغَّل طارِقُ بن زِياد في الأَندَلُس وفَتَحَ الله على يَديهِ ما شاء الله كَتَبَ بذلك إلى موسى بن نُصَير فأَمَرَهُ أن يَبْقى مَكانَه حتَّى يَأتِيَه.

العام الهجري : 474 العام الميلادي : 1081
تفاصيل الحدث:

حَصَرَ الأَميرُ تَميمُ بنُ المُعِزِّ بن باديس، صاحبُ إفريقية، مَدينةَ قابس حِصارًا شَديدًا، وضَيَّقَ على أَهلِها، وعاثَ عَساكِرُه في بَساتِينِها المَعروفَةِ بالغابَةِ فأَفسَدوها.

العام الهجري : 637 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

في يوم الأربعاءِ ثالث ربيع الآخر وليَ الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي خَطابةَ جامِعِ دمشقِ.

العام الهجري : 640 العام الميلادي : 1242
تفاصيل الحدث:

قام الحفصيون بهزيمة يغمراسن بن زيان زعيم دولةِ آل زيان من بني عبد الواحدِ، واستولوا على حاضرته تلمسان، ثم قاموا بالاستيلاء على مدن جزائريَّة أخرى.

العام الهجري : 1385 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1965
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الفقيه محمد بن عبد العزيز بن محمد بن مانع الوهيبي التميمي النجدي. ولِدَ في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم سنة 1300 هـ، ولما بلغ السابعةَ أدخله والده الكتاتيبَ؛ ليتعلم بها القرآنَ، ولم يلبث والدُه أن توفِّي، فشرع في القراءةِ على عُلماء بلده، فقرأ على عمِّه الشيخ عبد الله، وعلى الشيخ صالح العثمان القاضي، ولما بلغ الثامنةَ عَشْرة من عمره سافر إلى بغداد، واتصل بالعلامة السيد محمود شكري الألوسي، فقرأ عليه وعلى ابن عمه السيد علي الألوسي، وقرأ على غيرِهما من مشاهير العلماء ببغداد، فقرأ في النحو والصرف والفقه، والفرائض والحساب، ثم توجَّه إلى مصر فأقام في الأزهر مدةً قرأ فيها على الشيخ محمد الذهبي، ثم سافر إلى دمشق الشام ولازم الشيخ جمال الدين القاسمي، وحضر دروسَ الشيخ بدر الدين محدِّث الشام، وحضر دروس العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار، ثم رجع إلى بغدادَ ولازم القراءةَ على العلامة محمود شكري الألوسي، فقرأ عليه كثيرًا من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وكثيرًا من الكتب والشروح والرسائل المختصرة، وفي هذه المدة دعاه بعضُ الأكابر من أهل بغداد؛ ليكونَ إمامًا له ويقرأ عليه كتبَ الحديث، فقرأ عليه بعضًا من صحيح البخاري، وجميعَ صحيح مسلم، والجزءَ الأوَّلَ مِن زاد المعاد لابن القيم، والجزءَ الأوَّلَ من مسند الإمام أحمد بن حنبل، والموطَّأ للإمام مالك، وكثيرًا من كتب التاريخ، وقرأ نزهةَ النظر للحافظ ابن حجر، ثم رجع إلى بلده مدينة عنيزة سنة 1329هـ وقرأ على قاضيها الرَّوض المُرْبِع، ثمَّ توجه إلى بلد الزبير سنة 1330هـ وقرأ على الفقيه الحنبلي المشهور في بلدة الزبير محمد العوجان في الفقه الحنبلي والفرائض والحساب، ثم دعاه مُقبل الذكير أحد تجار نجد وأعيانها -المقيمين في البحرين للتجارة- دعاه لمكافحة التنصير، وفتح له لهذا الغرض مدرسة لتعليم علوم الشريعة واللغة سنة 1330هـ، فأقام في البحرين أربعَ سنين شرح في أثنائها العقيدةَ السفارينية، ثم دعاه حاكم قطر عبد الله بن قاسم بن محمد بن ثاني، فتوجَّه إليها في شوال سنة 1334هـ فتولَّى القضاءَ والخطابة والتدريس، ورحل إليه كثيرٌ من الطلاب أخذوا عنه العلمَ في قَطَر، وأقام في قطر أربعًا وعشرين سنة تولى خلالها القضاءَ والفتيا، وتزوَّج في قطر وأنجب أبناءه الثلاثة: الشيخ عبد العزيز، وأحمد، وعبد الرحمن، وأنشأ في قَطَر أوَّلَ مدرسةٍ علمية سنة 1336هـ، واستمرَّت نحو سبعة عشر عامًا. وبَقِيَ في قَطَر إلى صَفَر سنة 1358هـ، فقَدِمَ الأحساءَ ومكث بها إلى شهر جمادى الآخرة، وفي هذه الأثناء قَدِمَ الأحساءَ معالي الوزير ابن سليمان وزير الملك عبد العزيز، فاتصل به وقابله وأشار عليه ابن سليمان أن يقابِلَ الملك عبد العزيز، فقَدِمَ عليه في مدينة الرياض فأكرمه وعيَّنه مدرسًا في الحرم المكي الشريف، فأقام في مكَّةَ واجتمع عليه كثيرٌ من طلاب العلم يقرؤون عليه في الفقه والحديث، والنحو والفرائض، منهم الشيخ عبد العزيز بن رشيد رئيس هيئة التمييز بنجد، والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف الباهلي، والشيخ البصيلي، والشيخ ناصر بن حمد الراشد الرئيس العام لتعليم البنات، والشيخ عبد الله بن زيد بن محمود، ومن أبرز تلامذته: الشيخ عبد الرحمن السعدي؛ علَّامة القصيم، وبعد قيامه بواجب التدريس بالمسجد الحرام عيَّنه الملك عبد العزيز زيادةً على ذلك رئيسًا لثلاث هيئات: هيئة تمييز القضايا، وهيئة الأمر بالمعروف، وهيئة الوعظ والإرشاد. وقام بهذه الأعمال إلى جانب قيامِه بالتدريس في المسجد الحرام بعد صلاتَي الفجر والمغرب، وفي عام 1364هـ عيَّنه الملكُ مديرًا للمعارف، وفي سنة 1366هـ أسند إليه رئاسةَ دار التوحيد، ولما شُكِّلت وزارةُ المعارف سنة 1373هـ وعُيِّن الأمير فهد بن عبد العزيز وزيرًا لها نُقِلَ الشيخ ابن مانع مستشارًا برتبة وكيل وزارة إلى عام 1377ه،ـ حيث طلبه حاكِمُ قطر، ولازم الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن قاسم بن ثاني إلى أن توفي رحمه الله ببيروت على إثر عملية جراحية أُجريت له، ونُقِل جثمانه إلى قَطَر ودُفِن بها، وخَلَّف ثلاثة أبناء: عبد العزيز، وأحمد، وعبد الرحمن, ومكتبةً كبيرة حافلة بنوادر الكتب، ومؤلفات كثيرة، منها: ((إقامة الدليل والبرهان بتحريم الإجارة على قراءة القرآن))، و ((تحديث النظر في أخبار الإمام المهدي المنتظر))، و ((إرشاد الطلاب إلى فضيلة العلم والعمل والآداب))، و ((الأجوبة الحميدة: رسالة تتعلق بالتوحيد))، و ((حاشية على دليل الطالب))، و ((سبل الهدى شرح قطر الندى))، وله ((الكواكب الدرية شرح الدرة المضيئة))، و ((القول السديد فيما يجب لله على العبيد)).

العام الهجري : 488 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو مَلِكُ الأَندلسِ المُعتَمِدُ على الله أبو القاسمِ محمدُ بنُ المُعتَضِد بالله أبي عَمروٍ عَبَّادِ بنِ الظافرِ المُؤيَّدِ بالله أبي القاسمِ محمدِ قاضي إشبيلية بن أبي الوليدِ إِسماعيلَ بن قُريشِ بن عَبَّاد بنِ عَمرِو بن أَسلمَ بنِ عَمرِو بنِ عَطَّاف بنِ نعيمٍ، اللخميُّ، مِن وَلَدِ النُّعمانِ بن المُنذِر اللخميِّ، آخرِ مُلوكِ الحِيرَةِ؛ كان المُعتَمِدُ صاحِبَ قُرطبةَ وإشبيلية وما والاهُما مِن جَزيرةِ الأندلسِ. كان بِدءُ أَمرِ عائِلَةِ المُعتَمِد في بِلادِ الأندلسِ أن نعيمًا وابنَه عَطَّافًا أَوَّلُ مَن دَخلَ إليها من بِلادِ المَشرقِ، وهُما مِن أَهلِ العريشِ، المَدينَة القَديمَة الفاضِلَة بين الشامِ والدِّيارِ المِصريَّة في أَوَّلِ الرَّملِ من جِهَةِ الشامِ، وأقامَا بها مُستَوطِنين بقَريَةٍ بقُربِ يَومينِ مِن إقليم طشانة من أَرضِ إشبيلية. نَشأَ المُعتَمِدُ بنُ عبَّادٍ في الأَندلسِ كغَيرِه مِن أَبناءِ المُلوكِ على المُيولِ والدِّعَةِ والتَّرَفِ، كان مَوصوفًا بالكَرمِ والأَدَبِ والحِلمِ، حَسَنَ السِّيرَةِ والعِشرَةِ والإحسانِ إلى الرَّعيَّةِ، والرِّفقِ بهم. تُوفِّي والدُه المُعتَضِد سَنةَ 464هـ فخَلَفَهُ في الحُكمِ، فكان فارِسًا شُجاعًا، عالِمًا أَديبًا، ذَكِيًّا شاعِرًا، مُحسِنًا جَوادًا مُمْدَحًا، كَبيرَ الشَّأنِ، خَيرًا مِن أَبيهِ. كان أَندَى المُلوكِ راحَةً، وأَرحَبَهُم ساحَةً، كان بابُه مَحَطَّ الرِّحالِ، وكَعبَةَ الآمالِ, ومَألَفَ الفُضلاءِ، حتى إنه لم يَجتمِع ببابِ أَحدٍ مِن مُلوكِ عَصرِه مِن أَعيانِ الشُّعراءِ وأَفاضِلِ الأُدباءِ ما كان يَجتَمِع ببابِه. قال أبو بكر محمدُ بن اللَّبَّانة الشاعِرُ: "مَلَكَ المُعتَمِدُ مِن مُسَوَّراتِ البِلادِ مائتي مُسَوَّر، ووُلِدَ له مائةٌ وثلاثةٌ وسبعون وَلَدًا، وكان لِمَطبَخِه في اليوم ثَمانيةُ قَناطيرَ لَحمٍ، وكُتَّابُه ثَمانية عشر".  ولمَّا قَوِيَ أَمرُ الأذفونش بعدَ أَخذِه طُليطلة، اجتَمعَ العُلماءُ، واتَّفَقوا مع ابنِ عَبَّادٍ على أن يُكاتِبوا الأَميرَ ابنَ تاشفين صاحِبَ مراكش لِيُنجِدَهُم، فقال جَماعةٌ لابنِ عبَّادٍ: نَخافُ عليك من استِمدادِه. فقال: رَعْيُ الجِمالِ خَيرٌ مِن رَعْيِ الخَنازيرِ. فلمَّا عَبَرَ ابنُ تاشفين بجُيوشِه إلى الجَزيرَةِ، اجتَمعَ به المُعتَمِد، وأَقبَلَت المُطَّوِّعَةُ من النَّواحي، وقاتَلَ المُعتَمِدُ بن عبَّادٍ في الزَّلَّاقَةِ وثَبَتَ في ذلك اليوم ثَباتًا عَظيمًا، وأَصابَهُ عِدَّةُ جِراحاتٍ في وَجهِه وبَدَنِه، وشُهِدَ له بالشَّجاعَةِ، وغَنِمَ المسلمون دَوابَّ الفِرنجَةِ وسِلاحَهم، ورَجَعَ ابنُ تاشفين إلى بِلادِه والمُعتَمِد إلى بِلادِه. ثم إن الأَميرَ يوسفَ عادَ إلى الأندلسِ بعدَ أن وَصلَتهُ فَتاوَى العُلماءِ بخَلعِ مُلوكِ الطَّوائفِ قال ابنُ خلدون: "وأَفتاهُ الفُقهاءُ وأَهلُ الشُّورَى من المَغربِ والأَندلسِ بِخَلْعِهِم وانتِزاعِ الأَمرِ مِن أَيدِيهم، وصارَت إليه بذلك فَتاوَى أَهلِ الشَّرقِ الأَعلامِ مثل: الغزاليِّ والطَّرطوشيِّ". فلمَّا أَجازَ ابنُ تاشفين انقَبَضوا عنه إلَّا ابنَ عَبَّادٍ فإنه بادَرَ إلى لِقائِه. استَعانَ بالأذفونش مَلِكُ اشتاله وطَلَبَ منه المَدَدَ، فقَدَّمَ ابنُ تاشفين سيرَ بنَ أبي بكر الأندلسي، فوَصَلَ إلى إشبيلية وبها المُعتَمِدُ فحاصَرَهُ أَشَدَّ مُحاصَرةٍ، وظَهرَ مِن مُصابَرةِ المُعتَمدِ وَشِدَّةِ بَأسِه وتَرامِيه على المَوتِ بنَفسِه ما لم يُسمَع بمِثلِه، والناسُ بالبلدِ قد استَولَى عليهم الفَزَعُ وخامَرَهُم الجَزَعُ, فلمَّا كان يومُ الأَحدِ العشرين من رجب سَنةَ 484هـ هَجَمَ عَسكرُ الأَميرِ ابنِ تاشفين البَلدَ وشَنُّوا فيه بالغاراتِ، وقُبِضَ على المُعتَمِد وأَهلِه، وكان قد قُتِلَ له وَلدانِ قبلَ ذلك، أَحدُهما: المأمون، نائِبُه في قُرطبة والثاني الرَّاضي، كان نائِبًا عن أَبيهِ في رندة، وهي مِن الحُصونِ المَنيعَةِ, ولمَّا أُخِذَ المُعتَمِد قَيَّدوهُ من ساعَتِه، وأُودِعَ سِجْناً في أغمات بالعَدوَةِ وتَشَرَّدَ أَهلُه وافتَقَروا في بلادِ المَغربِ, ودَخَلَ عليه يَومًا بَناتُه السِّجنَ، وكان يَومَ عِيدٍ، وكُنَّ يَغزِلنَ للناسِ بالأُجرَةِ في أغمات، فرآهُنَّ في أَطمارٍ رَثَّةٍ وحالَةٍ سَيِّئَةٍ، فصَدَّعنَ قَلبَه وأَنشدَ:
"فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيد في أغمات مأسور
نرى بناتك في الأطمار جائعةً
يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعةً
أبصارهن حسيراتٍ مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافيةٌ
كأنها لم تطأ مسكًا وكافورا"
زالت دَولةُ المُعتَمِد بن عبَّادٍ على يَدِ شَريكِه في النَّصرِ بعدَ أن دَخلَ قُرطبة، ومات غَريبًا في مَنفاهُ بـأغمات بالمغربِ, وقد حَزِنَ الناسُ عليه، وقال في مُصابِه الشُّعراءُ فأَكثَروا, ويُعتَبر مِن أَشهرِ مُلوكِ دَولةِ الطَّوائفِ التي قامَت في الأَندلسِ في القَرنِ الخامسِ الهِجريِّ، بعدَ انهِيارِ دَولةِ الخِلافةِ الأُمويَّة.

العام الهجري : 541 العام الميلادي : 1146
تفاصيل الحدث:


لَمَّا فَرَغ عبدُ المؤمِنِ مِن فاس، سار إلى مراكشَ، وهي كرسيُّ مَملكةِ المُرابِطينَ، وهي مِن أكبَرِ المُدُنِ وأعظَمِها، وكان صاحِبُها حينئذ إسحاقَ بنَ عليِّ بنِ يوسف بن تاشفين، وهو صَبيٌّ، فنازلها، فضَرَب خيامَه في غَربيِّها على جَبَل صغيرٍ، وبنى عليه مدينةً له ولِعَسكَرِه، وبنى بها جامِعًا وبنى له بناءً عاليًا يُشرِفُ منه على المدينةِ، ويرى أحوالَ أهلِها وأحوالَ المُقاتِلينَ مِن أصحابِه، وقاتَلَها قِتالًا كثيرًا، وأقام عليها أحدَ عَشَرَ شَهرًا، فكان مَن بها من المُرابِطينَ يَخرُجونَ يُقاتِلونَهم بظاهرِ البلد، واشتد الجوعُ على أهلِه، وتعَذَّرَت الأقواتُ عِندَهم. ثمَّ زَحَف إليهم يومًا، وجعل لهم كمينًا، وقال لهم: إذا سَمِعتُم صوتَ الطَّبلِ فاخرُجوا. تقَدَّمَ عَسكَرُه، وقاتلوا، وصَبَروا، ثمَّ انهزموا لأهلِ مراكش لِيَتبَعوهم إلى الكمينِ الذي لهم، فتَبِعَهم المُلَثَّمونَ إلى أن وصلوا إلى مدينةِ عبد المؤمن، فهَدَموا أكثَرَ سُورِها، وصاحت المَصامِدة بعبدِ المؤمِنِ ليأمُرَ بضَربِ الطَّبلِ لِيَخرُجَ الكَمينُ، فقال لهم: اصبِروا حتى يَخرُجَ كُلُّ طامعٍ في البَلَدِ، فلمَّا خرج أكثَرُ أهلِه، أمر بالطَّبلِ فضُرِبَ وخَرَج الكمينُ عليهم، ورجَعَ المصامِدةُ المُنهَزمينَ إلى المُلَثَّمينَ، فقتلوا كيف شاؤوا، وعادت الهزيمةُ على المُلَثَّمين، فمات في زحمةِ الأبوابِ ما لا يُحصيه إلَّا اللهُ سُبحانَه. وكان شيوخُ المُلَثَّمين يُدَبِّرونَ دَولةَ إسحاقَ بنِ علي بن يوسف لصِغَرِ سِنِّه، فاتفق أنَّ إنسانًا مِن جملتهم يقال له عبدُ الله بن أبي بكر خرج إلى عبدِ المؤمِنِ مُستأمِنًا وأطلعه على عَوراتِهم وضَعْفِهم، فقَوِيَ الطمعُ فيهم، واشتَدَّ عليهم البلاءُ، ونُصِبَ عليهم المنجنيقاتُ والأبراجُ، وفَنِيَت أقواتُهم، وأكلوا دوابَّهم، ومات مِن العامَّةِ بالجوعِ ما يزيدُ على مئة ألف إنسان، فأنتن البَلَدُ مِن ريحِ الموتى. وكان بمراكش جيشٌ مِن الفرنج كان المرابِطونَ قد استنجدوا بهم، فجاؤوا إليهم نجدةً، فلمَّا طال عليهم الأمرُ، راسلوا عبد المؤمِنِ يسألونَ الأمانَ فأجابَهم إليه، ففَتَحوا له بابًا من أبواب البلدِ يقال له بابُ أغمات، فدخَلَت عساكِرُه بالسيف، وملكوا المدينةَ عَنوةً، وقَتَلوا مَن وجدوا، ووصلوا إلى دارِ أمير المُسلِمينَ، فأخرجوا الأميرَ إسحاقَ وجميعَ مَن معه من أمراء المرابطين فقُتِلوا، وجَعَل إسحاقُ يرتَعِدُ رَغبةً في البقاء، ويدعو لعبدِ المؤمِنِ ويبكي، فقام إليه سَيرُ بن الحاج، وكان إلى جانِبِه مكتوفًا فبَزَق في وجهِه، وقال: تبكي على أبيك وأمِّك؟ اصبِرْ صَبْرَ الرجالِ؛ فهذا رجلٌ لا يخافُ اللهَ ولا يَدينُ بدِينٍ. فقام الموحِّدونَ إلى ابنِ الحاجِّ بالخَشَبِ فضَرَبوه حتى قَتَلوه، وكان من الشُّجعانِ المعروفين بالشجاعة، وقُدِّمَ إسحاقُ على صِغَرِ سِنِّه، فضُرِبَت عُنُقُه سنة 542، وهو آخِرُ ملوكِ المرابطين، وبه انقَرَضَت دولتُهم، وكانت مُدَّةُ ملكِهم سبعين سَنة، ووَلِيَ منهم أربعةٌ: يوسف، وعلي، وتاشفين، وإسحاق. ولَمَّا فتَحَ عبدُ المؤمِنِ مراكش أقام بها، واستوطَنَها واستقَرَّ مُلكُه. قال ابنُ الأثير: "لَمَّا قَتَل عبدُ المؤمن مِن أهلِ مراكش فأكثَرَ فيهم القَتلَ، اختفى مِن أهلِها، فلَمَّا كان بعد سَبعةِ أيَّامٍ أمَرَ فنُودِيَ بأمانِ مَن بَقِيَ مِن أهلِها، فخَرَجوا، فأراد أصحابُه المَصامِدةُ قَتْلَهم، فمَنَعَهم، وقال: هؤلاء صُنَّاعٌ، وأهلُ الأسواقِ مَن ننتَفِعُ به، فتُرِكوا، وأمَرَ بإخراجِ القتلى مِن البَلَد، فأخرَجوهم، وبنى بالقَصرِ جامِعًا كبيرًا، وزخرَفَه فأحسَنَ عَمَلَه، وأمر بهَدمِ الجامع الذي بناه أميرُ المُسلِمينَ يوسُفُ بن تاشفين. ولقد أساء يوسُفُ بن تاشفين في فِعْلِه بالمُعتَمِد بنِ عَبَّاد صاحِبِ إشبيلية، وارتكَبَ بسَجنِه على أسوأِ حالةٍ وأقبَحِ مَركَبٍ، فلا جرَمَ سَلَّطَ الله عليه في عَقِبه مَن أربى في الأخذِ عليه وزاد، فتبارك الحيُّ الدائِمُ الملك، الذي لا يزولُ مُلكُه، وهذه سُنَّةُ الدنيا، فأُفٍّ لها، ثمَّ أُفٍّ، نسألُ اللهَ أن يَختِمَ أعمالَنا بالحُسنى.

العام الهجري : 628 العام الميلادي : 1230
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ بَنو رَسولٍ اليَمنَ ضِمنَ الحَملةِ الأيُّوبيَّةِ إليها، فإنَّه لَمَّا استَوثَقَ المُلْكُ لبَني أيُّوبَ في مِصرَ لم يَزَلْ معهم عُصبةٌ مِن بَني رَسولٍ؛ لِعِلْمِهم بتَقدُّمِ مَنصِبِهم في المُلكِ وعُلوِّ هِمَمِهم وشدةِ بَسالَتِهم، فاجتَمع رأيُ بَني أيُّوبَ على تسييرِهم إلى اليَمنِ صُحبةَ المَلكِ المعظَّمِ تُورانْشاهْ بنِ أيُّوبَ، وكانَ دُخولُه اليَمنَ في سنةِ 569هـ، وتوالى مُلوكُ الأيُّوبيةِ على اليَمنِ، ولَمَّا توَلَّى المُلكُ العادِلُ أبو بَكرِ بنُ أيُّوبَ المُلكَ في مِصرَ أرسَلَ ابنَ ابنِه المَلكَ المَسعودَ صلاحَ الدِّينِ يُوسفَ إلى اليَمنِ، فاستَولى على اليَمنِ بأسْرِها، وأنِسَ ببَني رَسولٍ ووَثِقَ بهم، ووَلَّاهمُ الوِلاياتِ الجليلةَ، وتجهَّزَ المَلكُ المَسعودُ إلى مِصرَ، وتركَ في اليَمنِ نورَ الدِّينِ عُمَرَ بنَ علِيِّ بنِ رَسولٍ نائبًا نيابةً عامةً، وفي سنةِ 626هـ تُوفِّي المَلكُ المَسعودُ، وتملَّكَ اليَمنَ بعدَه نائِبُه نورُ الدِّينِ عُمَرُ بنُ علِيٍّ الرَّسوليُّ، وبعدَ أن تمكَّنَ مِنَ احتِواءِ مُناهِضيه، وبَسَط نفوذَه على مُعْظمِ بِلادِ اليَمنِ، استَقلَّ باليَمنِ عن بَني أيُّوبَ سنةَ 628هـ، ولُقِّبَ بالمَنصورِ، واتَّخَذَ مِن تَعِزَّ عاصمةً له، وأخَذَ في تَثبيتِ مُلكِه، وإخمادِ الحَركاتِ الِانفِصاليةِ، وطَرَدَ العَساكرَ المِصريةَ عن مَكةَ والحِجازِ، وراسَلَ الخَليفةَ العباسيَّ المُستَنصِرَ باللهِ سنةَ 631هـ لِيكونَ تابِعًا لِدارِ الخِلافةِ العباسيةِ، وفي سنةِ 647هـ، اغتيلَ السُّلطانُ نورُ الدِّينِ على يَدِ جَماعةٍ مِن مماليكِه، بتدبيرٍ مِنَ ابنِ أخيه أسدِ الدِّينِ محمدِ بنِ الحَسَنِ بنِ علِيِّ بنِ رَسولٍ، وكانَ الوَضعُ بعدَ مَقتَلِه يُنذِرُ بالانقِسامِ والتَّفكُّكِ، حيث بدأ الصِّراعُ في البَيتِ الرَّسوليِّ على الحُكمِ بينَ أبناءِ نورِ الدِّينِ وبَينَهم وبينَ أبناءِ عُمومَتِهم، ومِن جِهةٍ أُخرى استَغلَّ الإمامُ الزَّيديُّ أحمدُ بنُ الحُسَينِ الوَضعَ الداخليَّ المُضطرِبَ في الدَّولةِ الرَّسوليةِ، واستَولى على صَنعاءَ، فتَحرَّكَ السُّلطانُ المظَفَّرُ يُوسفُ بنُ عُمَرَ، فجَمَعَ جُندَه وأحكَمَ قَبضَتَه على السُّلطةِ في اليَمنِ بشكلٍ كاملٍ في سنةِ 648هـ، وفي عَهدِه بَسَطت الدولةُ الرَّسوليةُ نُفوذَها على إقليمِ حَضرَموتَ، وبَعضِ المَناطِقِ الواقعةِ في جَنوبِ سَلطنةِ عُمانَ في الوَقتِ الحاليِّ، مِثلَ ظَفارِ وغَيرِها، ثم تُوفِّي السُّلطانُ المظَفَّرُ سنةَ 694هـ، وقام الصِّراعُ بينَ أبنائِه، وتوالى سَلاطينُ الدولةِ الرسوليةِ، حتى جاءَ عَهدُ السُّلطانِ المُجاهِدِ سنةَ 721هـ وتَفكَّكتِ الدولةُ الرسوليةُ في أيامِه؛ نتيجةَ صِراعاتِ البَيتِ الرَّسوليِّ، واستَغلَّ الأئِمةُ الزيديةُ ذلك واستَوْلَوْا على العَديدِ مِنَ المناطقِ والمُدنِ اليَمنيةِ، كانَ مِن أبرَزِها استيلاؤُهم على صَنعاءَ سنةَ 723هـ، ثم تولَّى السُّلطانُ الأفضلُ بعدَ وفاةِ أبيه السُّلطانِ المُجاهِدِ سنةَ 764هـ، وقد وَرِثَ دولةً آيلةً لِلانهيارِ، فحاوَلَ استِعادةَ نُفوذِ الدَّولةِ الرَّسوليةِ، والقَضاءَ على الثَّوَراتِ الداخليةِ، وتَلاه على ذلك عَددٌ مِن سَلاطينِ الدولةِ الرسوليةِ، مُحاولينَ تَرتيبَ أُمورِ الدولةِ وتَوفيرَ الأمنِ والاستِقرارِ، وذلك بإخضاعِ المَناطِقِ والقَبائِلِ الثائِرةِ، حتى جاءَ عَهدُ السُّلطانِ الناصِرِ الذي استَطاعَ إقرارَ أوضاعِ البِلادِ الداخليةِ، واستَعادَ قُوَّةَ الدَّولةِ وهَيبَتَها، ورَغمَ ذلك تُعَدُّ وَفاتُه بدايةَ عهدِ المُلوكِ الضُّعفاءِ في الأُسرةِ الرسوليةِ، والانحدارِ بالنسبةِ لِلدَّولةِ الرسوليةِ، إلى أنِ استَغلَّ الطاهريُّون الخِلافاتِ بينَ الأُسرةِ الرسوليةِ الحاكِمةِ؛ لِيُسيطِروا على عَدَنٍ ولَحْجٍ، وبحُلولِ عامِ 855هـ أعلنوا أنفُسَهمُ الحُكامَ الجُددَ لِليَمنِ.

العام الهجري : 256 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 870
تفاصيل الحدث:

كان صالح بن وصيف قائدًا من الأتراك صاحِبَ تسلُّطٍ شديد, وهو أحدُ المتآمرين على قتل المتوكِّل، ثم اختفى فطلَبه الأتراك بسببِ أموالٍ بينهم فأتوا المهتدي ليكشِفَ لهم أمرَ صالح. فقدم موسى بن بغا الكبير إلى سامرَّا بطلبٍ من الخليفة, فدخلها في جيشٍ هائل، فأتوا دار الخلافةِ التي فيها المهتدي جالسًا لكشف المظالم فاستأذنوا عليه فأبطأ الإذنَ ساعةً، وتأخَّرَ عنهم فظنُّوا في أنفسهم أنَّ الخليفةَ إنما طلبهم خديعةً منه ليسَلِّطَ عليهم صالحَ بن وصيف، فدخلوا عليه بالقوَّةِ, فأقاموه من مجلسِه وانتهبوا ما كان فيه، ثم أخذوه مهانًا إلى دار أخرى، فجعل يقول لموسى بن بغا: ما لك ويحَك؟ إنِّي إنما أرسلتُ إليك لأتقوَّى بك علي صالح بن وصيف. فقال له موسى: لا بأسَ عليك، احلِفْ لي أنَّك لا تريدُ بي خلاف ما أظهرتَ. فحلف له المهتدي، فطابت الأنفُسُ وبايعوه بيعةً ثانيةً مُشافَهةً، وأخذوا عليه العهود والمواثيق ألَّا يمالئ صالحًا عليهم، واصطلحوا على ذلك. ثم بعثوا إلى صالحِ بن وصيف ليحضُرَ لهم للمناظرة في أمر المعتزِّ، فوعدهم أن يأتيَهم، ثم اجتمع بجماعةٍ من الأمراء من أصحابِه وأخذ يتأهَّبُ لجمعِ الجيوش عليهم، ثم اختفى من ليلتِه لا يَدري أحدٌ أين ذهب في تلك الساعة، فبعثوا المناديةَ تنادي عليه في أرجاء البلد وتهدَّدوا من أخفاه، فلم يزل مختفيًا إلى آخر صفر, ولَمَّا أبطأ خبرُ صالح بن وصيف على موسى بن بغا وأصحابِه، قال بعضهم لبعض: اخلعوا هذا الرجُلَ- يعني الخليفة- فقال بعضهم: أتقتلون رجلًا صوَّامًا قوَّامًا لا يشربُ الخمر ولا يأتي الفواحش؟ واللهِ، إن هذا ليس كغيرِه من الخلفاء، ولا تُطاوِعُكم الناس عليه، وبلغ ذلك الخليفة فخرج إلى الناس وهو متقلِّدٌ سَيفًا، فجلس على السرير واستدعى بموسى بن بغا وأصحابِه، فقال: قد بلغني ما تمالأتُم عليه من أمري، وإني- والله- ما خرجتُ إليكم إلا وأنا متحنِّطٌ وقد أوصيت أخي بولدي، وهذا سيفي، والله لأضربَنَّ به ما استمسكَ قائِمُه بيدي، أمَا تستحيون؟ كم يكون هذا الإقدامُ على الخلفاءِ والجرأةُ على الله عزَّ وجلَّ، وأنتم لا تبصرون؟ سواءٌ عليكم من قصد الإبقاءَ عليكم والسيرةَ الصالحةَ فيكم، ومن كان يدعو بأرطالِ الشَّرابِ المُسكِر فيَشربُها بين أظهُرِكم وأنتم لا تُنكِرونَ ذلك، ثم يستأثِرُ بالأموال عنكم وعن الضُّعفاء! هذا منزلي فاذهبوا فانظروا فيه وفي منازلِ إخوتي ومن يتَّصِلُ بي، هل ترون فيها من آلاتِ الخلافة شيئًا، أو من فُرُشِها أو غير ذلك؟ وإنما في بيوتِنا ما في بيوت آحادِ النَّاسِ، وتقولون إني أعلمُ خبَرَ صالح بن وصيف، وهل هو إلَّا واحد منكم؟ فاذهبوا فاعلموا عِلمَه وأمَّا أنا فلستُ أعلمُ عِلمَه. قالوا: فاحلفْ لنا على ذلك، قال أمَّا اليمين فإنِّي أبذلها لكم، قال: فكأنَّهم لانوا لذلك قليلًا. ثم ظفروا بصالح بن وصيف فقُتِلَ وجيء برأسه إلى المهتدي باللهِ، وقد انفتل من صلاة المغربِ، فلم يزد على أن قال: وارُوه. ثم أخذَ في تسبيحه وذِكرِه. ولَمَّا أصبح الصباح رُفِعَ رأس صالح بن وصيف على رُمحٍ ونودي عليه في أرجاء البلد. هذا جزاء من قتل مولاه. وما زال الأمرُ مضطربًا متفاقمًا، وعظم الخطب حتى أفضى إلى خلعِ الخليفة المهتدي وقتلِه رحمه الله.

العام الهجري : 785 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1383
تفاصيل الحدث:

في أوَّلِ شَهرِ رَجَب من هذه السنة طلع الأميرُ صلاح الدين محمد بن محمد بن تنكز نائب الشام إلى السلطانِ ونقل له عن الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد أنَّه اتفق مع الأمير قرط بن عمر التركماني المعزول عن الكشوفيَّة ومع إبراهيم بن قطلوقتمر العلائي أمير جاندار ومع جماعةٍ من الأكراد والتركمان، وهم نحو من ثمانمائة فارس، أنَّهم يَثِبون على السلطان إذا نزل من القَلعةِ إلى الميدان في يوم السَّبتِ لِلَّعِبِ بالكرة يقتلونَه ويمكنون الخليفةَ مِن الأمرِ والاستبدادِ بالمُلكِ، فحَلَّف السلطانُ ابن تنكز على صِحَّة ما نقل، فحلف له، وطلب أن يحاقِقَهم على ذلك، فبعث السلطانُ إلى الخليفة وإلى قرط وإلى إبراهيم بن قطلقتمر، فأحضرهم وطلب سودون النائب وحَدَّثه بما سمع، فأخذ سودون ينكِرُ ذلك ويستبعد وقوعَه منهم، فأمر السلطان بالثلاثة فحضروا بين يديه وذكر لهم ما نُقِلَ عنهم فأنكروا إلا قرط، فإنه خاف من تهديد السلطان، فقال: الخليفةُ طَلَبني وقال: هؤلاء ظَلَمةٌ وقد استولوا على هذا المُلكِ بغير رضائي، وإني لم أقلِّدْ بَرقوقًا السلطنةَ إلَّا غصبًا، وقد أخذ أموال الناسِ بالباطل، وطلب مني أن أقومَ معه وأنصُرَ الحَقَّ، فأجبْتُه إلى ذلك ووعدتُه بالمساعدة، وأن أجمع له ثمانمائة واحد من الأكراد والتركمان وأقوم بأمره، فقال السلطان للخليفة: ما قولُك في هذا؟ فقال: ليس لِما قاله صحة، فسأل إبراهيم بن قطلقتمر عن ذلك، فقال: ما كنت حاضرًا هذا الاتِّفاق، لكِنَّ الخليفة طلبني إلى بيته بجزيرة الفيل وأعلمني بهذا الكلامِ وقال لي: إن هذا مصلحةٌ، ورغَّبني في موافقته والقيام لله تعالى ونُصرة الحق، فأنكر الخليفةُ ما قاله إبراهيم أيضًا، وصار إبراهيمُ يذكُرُ له أمارات والخليفةُ يَحلِفُ أن هذا الكلام ليس له صِحَّة، فاشتَدَّ حَنَق الملك الظاهر وسَلَّ السيف ليضرَبَ عنق الخليفة، فقام سودون النائب وحال بينه وبين الخليفةِ، وما زال به حتى سكَنَ بعضُ غضبه، فأمر الملك الظاهِرُ بقرط وإبراهيم يسفرا، واستدعى القضاة ليُفتُوه بقتل الخليفة، فلم يُفتُوه بقتله، وقاموا عنه، فأخذ برقوق الخليفةَ وسَجَنَه بموضع في قلعة الجبل وهو مقَيَّد، وسَمَرَ قرط وإبراهيم وشُهِرَا في القاهرة ومصر، ثم أُوقِفا تحت القلعة بعد العصر، فنزل الأمير أيدكار الحاجب وسار بهما ليوسَّطا خارج باب المحروق من القاهرة، فابتدأ بقرط فوُسِّط، وقبل أن يُوسَّط إبراهيم جاءت عدَّةٌ من المماليك بأن الأمراء شَفَعوا في إبراهيم، ففُكَّت مساميره وسُجِنَ بخزانة شمائل، وطَلَب السلطانُ زكريا وعمر ابني إبراهيم عم المتوكل، فوقع اختيارُه على عمر بن الخليفة المستعصم بالله أبي إسحاق إبراهيم بن المستمسك بالله أبي عبد الله محمد بن الإمام الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن أبي علي إسحاق ابن علي القبي، فولَّاه الخلافة، وخلع عليه، فتلقَّبَ بالواثق بالله، ثم في يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة أفرج السلطانُ عن الخليفة المتوكل على الله، ونُقِلَ من سجنه بالبرج إلى دار بالقلعةِ وأحضَرَ إليه عيالَه.

العام الهجري : 478 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1085
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ الأَميرُ شَرفِ الدَّولةِ أبو المَكارِمِ مُسلِمُ بن مَلِكِ العَربِ أبي المعالي قُريشِ بن بدران بن مُقَلَّدٍ حُسام الدَّولةِ أبي حَسَّان بن المُسَيِّب بنِ رافعٍ العقيليُّ, كان يَتَرَفَّض كأَبيهِ, ونَهَبَ أَبوهُ دارَ الخِلافَةِ في فِتنَةِ البساسيري، وأَجارَ القائمَ بالله, وماتَ سَنةَ 453هـ كَهْلًا، فقامَ شَرفُ الدولةِ بعدَه، واستَولَى على دِيارِ رَبيعةَ، ومُضَر، وتَمَلَّكَ حَلَب، وأَخذَ الحملَ والإتاوةَ من بلادِ الرُّومِ في أنطاكية، ونَحوِها. وسار إلى دِمشقَ فحاصَرَها. وكان قد تَهَيَّأَ له أَخذُها، فبَلغَه أنَّ حران قد عَصَى عليه أَهلُها، فسار إليهم، فحارَبَهم وحارَبوهُ، فافتَتَحها وبَذلَ السَّيْفَ، وقَتَلَ بها خِلْقًا من أَهلِ السُّنَّةِ. قال الذهبيُّ: "كان رافِضِيًّا خَبِيثًا، أَظهرَ ببِلادِه سَبَّ السَّلَفِ، واتَّسَعَت مَملكتُه، وأَطاعَتهُ العَربُ، واستَفحلَ أَمرُه حتى طَمِعَ في الاستِيلاءِ على بغداد بعدَ وَفاةِ طُغرلبك. وكان فيه أَدَبٌ، وله شِعرٌ جَيِّدٌ. وكان له في كلِّ قَريةٍ قاضٍ، وعاملٌ، وصاحِبُ خَبَرٍ. وكان أَحْوَلَ، له سِياسَةٌ تامَّةٌ. وكان لِهَيْبَتِه الأَمنُ وبعضُ العَدلِ في أيامِه مَوجودًا. وكان يَصرِف الجِزيةَ في بِلادِه إلى العَلَوِيِّين". وهو الذي عَمَّرَ سُورَ المَوصِل وشَيَّدَها في سِتَّةِ أَشهُر من سَنةِ 474هـ. ثم إنه جَرَى بينه وبين السُّلطانِ سُليمان بن قتلمش السلجوقي مصاف على بابِ أنطاكية، كان سُليمانُ بن قتلمش قد مَلَكَ مَدينةَ أنطاكية، فلمَّا أَرسلَ إليه شَرفُ الدولةِ مُسلمَ بن قريش يَطلُب منه ما كان يَحمِلُه إليه الفردوس من المالِ، أَجابهُ بأن المالَ الذي كان يَحمِلُه صاحِبُ أنطاكية فإنَّما هو لِكَونِه كافرًا، وكان يَحمِل جِزيةَ رَأسِه وأَصحابِه، وهو بِحَمدِ الله مُؤمنٌ، فنَهَبَ شَرفُ الدولةِ بَلدَ أنطاكية، فنَهبَ سُليمانُ أيضًا بَلدَ حَلَب، فلَقِيَهُ أَهلُ السَّوادِ يَشكُون إليه نَهْبَ عَسكرِه، فقال:أنا كنتُ أَشَدَّ كَراهِيةً لما يَجرِي، ولكنَّ صاحِبَكم أَحوَجَني إلى ما فَعلتُ، ولم تَجرِ عادَتي بنَهبِ مالِ مُسلمٍ، ولا أَخْذِ ما حَرَّمَتهُ الشَّريعةُ. وأَمَرَ أَصحابَه بإعادَةِ ما أَخذوهُ منهم، فأَعادَهُ، ثم إن شَرفَ الدولةِ جَمعَ الجُموعَ من العَربِ والتُّركمانِ، وسار إلى أنطاكية لِيَحصرَها، فلمَّا سَمِعَ سُليمانُ الخَبرَ جَمعَ عَساكِرَه وسار إليه، فالتَقَيا في طَرفٍ من أَعمالِ أنطاكية، واقتَتَلوا، فانهَزمَت العَربُ، فتَبِعَهم شَرفُ الدولةِ مُنهَزِمًا، ثم قُتِلَ، وله بِضعٌ وأَربعون سَنَةً. ولما قُتِلَ قَصدَ بَنُو عُقيلٍ أَخاهُ إبراهيمَ بنَ قُريشٍ، وهو مَحبوسٌ، فأَخرَجوهُ ومَلَّكوهُ أَمرَهُم، وكان قد مَكثَ في الحَبسِ سِنينَ كَثيرةً بحيث إنَّه لم يُمكِنهُ المَشيُ والحَركةُ لمَّا أُخرِجَ، ثم سار سُليمانُ بن قتلمش إلى حَلَب فحَصرَها مُستَهلَّ رَبيعٍ الأوَّلِ، فأَقامَ عليها إلى خامسِ رَبيعٍ الآخرَ، فلم يَبلُغ منها غَرَضًا، فرَحلَ عنها.

العام الهجري : 7 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 628
تفاصيل الحدث:

بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةَ غالبِ بنِ عبدِ الله اللَّيثيِّ إلى بني المُلَوَّحِ بِقُدَيْدٍ، وكان بنو المُلَوَّحِ قد قَتلوا أصحابَ بشيرِ بن سُوَيْدٍ، فبُعِثت هذه السَّرِيَّةُ لأَخذِ الثَّأرِ، فشَنُّوا الغارةَ في اللَّيلِ فقَتلوا مَن قَتلوا، وساقوا النَّعَمِ، وطاردَهُم جيشٌ كَبيرٌ مِنَ العَدُوِّ، حتَّى إذا قرب مِنَ المسلمين نزل مَطَرٌ، فجاء سَيلٌ عَظيمٌ حال بين الفَريقين. ونجَح المسلمون في بَقِيَّةِ الانسِحابِ.