أَمَرَ عُثمانُ عبدَ الله بن سعدِ بن أبي السَّرْحِ أن يَغْزُوَ بِلادَ أفريقيا فإذا افتَتَحها الله عليه فله خُمُسُ الخُمُسِ مِن الغَنيمةِ نَفْلًا، فسار إليها في عشرةِ آلافٍ فافتَتَحها سَهْلَها وجَبَلَها، وقتَل جُرْجِيرَ مَلِكَ الرُّومِ وخَلْقًا كثيرًا مِن أهلِها، ثمَّ اجتمَع أهلُ أفريقيا على الإسلامِ، وحَسُنَتْ طاعتُهم. أخَذ عبدُ الله بن سعدِ خُمُسَ الخُمُسِ مِن الغَنيمةِ، ثمَّ بعَث بخُمُسٍ إلى عُثمانَ، وقَسَّمَ الباقي بين الجيشِ، فأصاب الفارِسُ ثلاثةَ آلافِ دِينارٍ، والرَّاجِلُ ألفَ دِينارٍ. ثمَّ ضرَب عبدُ الله بن أبي السَّرْحِ فُسْطاطًا في مَوضِع القَيْروانِ، ووَفَّدَ وَفْدًا مِن جُندِه لِعُثمانَ، فشَكَوْا عبدَ الله فيما أخَذ، فقال لهم: أنا نَفَّلْتُه, وقد أَمرتُ له بذلك، وذاك إليكم الآن، فإن رَضِيتُم فقد جاز، وإنَّ سَخِطْتُم فهو رَدٌّ. قالوا: فإنَّا نَسْخَطُه. قال: فهو رَدٌّ. وكتَب إلى عبدِ الله بِرَدِّ ذلك واسْتِصْلاحِهم، قالوا: فاعْزِلْهُ عَنَّا، فإنَّا لا نُريدُ أن يَتَأَمَّرَ علينا، وقد وقَع ما وقَع. فكتَب إليه أن اسْتَخْلِفْ على أفريقيا رجلًا ممَّن تَرضى ويَرْضَوْنَ، واقْسِمْ الخُمُسَ الذي كُنتَ نَفَّلْتُكَ في سَبيلِ الله، فإنَّهم قد سَخِطوا النَّفْلَ. ففعَل، ورجَع عبدُ الله بن سعدٍ إلى مِصْرَ وقد فتَح أفريقيا.
هو السلطانُ المنتصر أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي فارس ملك تونس وبلاد إفريقية من الغرب، تولى الملكَ بعد وفاة جَدِّه أبي فارس عبد العزيز بن أحمد سنة 837, وقام بمملكة تونس من بعده أخوه أبو عمرو عثمان، فقَتَل عدة من أقاربه وغيرهم، وكان من خبر المنتصر مع أخيه أبي عمر: أنه لما ثقل في مرضه حتى أقعد، وصار إذا سار يركب في عمَّاريَّة نوع من المحامل تُحمَل على بغل- وتردد كثيرًا إلى قصر بخارج تونس للتنزه به، إلى أن خرج يومًا ومعه أخوه أبو عمرو عثمان صاحب قسنطينة، وقد قدم عليه وولَّاه الحكم بين الناس، ومعه أيضًا القائد محمد الهلالي، وقد رفع منه حتى صار هو وأبو عمرو عثمان مرجِعَ أمور الدولة إليهما، وحَجَباه عن كل أحد، فلما صارا معه إلى القصر المذكور تركاه به، وقد أغلقا عليه، يوهمان أنه نائم، ودخلا المدينة، وعبرا إلى القصبة، واستولى أبو عمرو على تخت الملك، ودعا الناس إلى بيعته، والهلالي قائم بين يديه، فلما ثبتت دولته قبض على الهلالي وسجَنَه، وغيَّبَه عن كل أحد، ثم التفت إلى أقاربه، فقَتَل عمَّ أبيه الأمير الفقيه الحسين بن السلطان أبي العباس، وقتل معه ابنيه وقد فرَّ بهما إلى العرب، فنزل عندهم، فاشتراه منهم بمالٍ جَمٍّ، وقتل ابني عم أبيه الأمير زكريا بن العناب ابن أبي العباس، وقتل ابني الأمير أبي العباس أحمد صاحب بجاية، فنفرت عنه قلوب الناس، وخرج عليه الأمير أبو الحسن بن السلطان بن أبي فارس عبد العزيز، متولي بجاية، وحاربه، ووقع له معه أمور كثيرة، إلى أن مات أبو عمرو، وأما المنتصر فإنه قُتِلَ بعد خلعه بمدة، وقيل: مات من شدة القهر يوم الخميس الحادي والعشرين صفر بتونس، ولم يتهنَّ في ملكه؛ لطول مرضه وكثرة الفتن.
هو الإمامُ العلَّامةُ بدرُ الدين محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن صلاح بن إبراهيم بن محمد العفيف بن محمد بن رزق، ينتهى نسَبُه إلى خيشنة الشوكاني نِسبةً إلى شوكان من بلاد خولان باليمن، وهو أحدُ أبرز عُلَماءِ أهل السنة والجماعة وفقهائِها، ومِن كبار علماء اليمن، ولِدَ في هجرة شوكان يوم الاثنين 28 من ذي الحجة سنة 1173 هـ بصنعاء، وتولى قضاءها، برعَ في الفقه والحديث والأصول والتفسير، وله مصنَّفات وفتاوى تدُلُّ على سعة عِلمِه وعُلُوِّ شأنِه، أما مصنَّفاتُه الكثيرةُ فيَصعُبُ حَصرُها هنا، ولكن من أشهرِها: نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار، وله تفسير فتح القدير الجامع بين فنَّي الرواية والدراية من علم التفسير، وله إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، وله إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وله البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، وله الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، وله السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار في الفقه، وغيرها كثير، وأخذه عنه الطلبةُ، وتكرر أخذُهم عنه في كل يوم من تلك الكتبِ، وكثيرًا ما كان يقرأ على مشايخِه، فإذ فرغ من كتاب قراءةً أخذه عنه تلامذتُه، بل ربما اجتمعوا على الأخذِ عنه قبل أن يفرغَ من قراءةِ الكتاب على شيخِه، وكان يبلُغُ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر درسًا، منها ما يأخذه عن مشايخه، ومنها ما يأخذه عنه تلامذته، وكان في أيام قراءته على الشيوخِ وإقرائه لتلامذته يُفتي أهل مدينة صنعاء، بل ومن وفد إليها، بل ترد عليه الفتاوى من الديار التهامية، وشيوخُه إذ ذاك أحياءٌ، وكادت الفُتيا تدورُ عليه من عوامِّ الناسِ وخواصِّهم، واستمر يُفتي من نحو العشرين من عمرِه فما بعد ذلك، وكان لا يأخُذُ على الفتيا شيئًا؛ تنزُّهًا، فإذا عوتب في ذلك قال: أنا أخذتُ العلم بلا ثمنٍ، فأريد إنفاقَه كذلك. توفِّيَ الشوكاني في ليلة الأربعاء السابع والعشرين من شهرِ جمادى الآخرة.
وُلِدَ الشيخ محمَّد أيوب بن محمد يوسف بن سليمانَ عمر في مَكَّةَ المكرمةِ عامَ 1372ه، وهو من أصلٍ بورميٍّ، حفِظَ القرآنَ عام 1386 هـ في جامعِ بن لادن في حيِّ الحفاير بمكةَ، والتحقَ بالجامعةِ الإسلاميَّة، وتخرَّج في كليَّةِ الشريعةِ عامَ 1396هـ، ثمَّ تَخَصَّصَ في التفسيرِ وعلومِ القرآن، فحصَلَ على درجةِ الماجستير من كليَّةِ القرآنِ، وحصَلَ على درجةِ الدكتوراه من الكليَّةِ نَفسِها عامَ 1408هـ، وإضافةً إلى دِراستِه في المدارسِ الحُكوميَّةِ والجامعةِ؛ فقد تتلمذَ على العديدِ مِن المَشايخِ والعُلماء في المدينةِ المنورة، وحصَل على إجازةٍ بروايةِ حفصٍ عن طريق القراءةِ على المشايخِ، وهم شيخُ قُرَّاءِ المدينةِ: حسن بن إبراهيم الشاعر، والشيخُ أحمد عبد العزيز الزيَّات، والشيخُ خليل بن عبد الرحمن القارئ، ومن شيوخِه في القراءةِ: الشيخُ زكي داغستاني. ومن شُيوخِه الذين درَسَ عليهم ألوانًا من العلومِ الشرعيَّةِ: عبدُ العزيز محمد عثمان، ومحمد سيد طنطاوي، وأكرم ضياء العمري، ومحمد الأمين الشنقيطي، وعبدُ المحسن العبَّاد، وعبد الله محمد الغنيمان، وأبو بكرٍ الجزائريُّ، وعَمِل بعد تخرُّجِه في المرحلةِ الجامعيَّةِ الأولى مُعيدًا بكليةِ القرآنِ، وكُلِّفَ بأمانةِ امتحاناتِ الكليَّةِ لمدَّةِ عشْرِ سنَواتٍ، وأصبَحَ عُضوَ هيئةِ التَّدريسِ في قسمِ التَّفسير منذ حُصولِه على الدكتوراه. وكان أيضًا عُضوًا فى اللَّجْنةِ العِلميَّةِ بمَجمَعِ الملكِ فهدٍ لطباعةِ المُصحَفِ الشريفِ. وتولَّى الإمامةَ والخَطابةَ في عَددٍ مِن مساجدِ المدينةِ، وعُيِّنَ إمامًا مُتعاوِنًا في المَسجدِ النبويِّ عامَ 1410هـ واستمَرَّ فيه حتى عامِ 1417هـ، ثمَّ انقطعَ عن إمامةِ المسجدِ النبويِّ تِسعةَ عشَرَ عامًا ليعودَ ويُصلِّيَ في المَسجدِ النبويِّ مُجدَّدًا في رمضانَ 1436هـ، ويُعَدُّ الشيخُ من القُرَّاءِ المشهورين في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ والعالَمِ الإسلاميِّ، وقد توفِّي -رحمه الله- عن عمرٍ ناهزَ 64 عامًا في اليومِ التاسعِ من هذا الشهرِ، وشُيِّعَتْ جَنازتُه والصلاةُ عليه بعد صلاةِ الظُّهرِ في المَسجدِ النبويِّ.
هو الخَليفةُ، أبو جَعفرٍ القائمُ بأَمرِ الله أَميرُ المؤمنين، عبدُ الله أبو جَعفرِ بن القادرِ بالله أبي العبَّاسِ أَحمدَ ابنِ الأَميرِ إسحاقَ بن المُقتَدِر بالله أبي الفَضلِ جَعفرِ بن المُعتَضِد بالله أبي العبَّاسِ أَحمدَ. وُلِدَ سَنةَ إحدى وتِسعينَ وثلاثِ مائة في نِصفِ ذي القعدةِ، وأُمُّهُ بَدرُ الدُّجَى الأرمنية. وقِيلَ: قَطْرُ النَّدَى، بَقِيَت إلى أَثناءِ خِلافَتِه. وكان مَليحًا وَسيمًا أَبيضَ بِحُمْرَةٍ، قَوِيَّ النَّفْسِ، دَيِّنًا وَرِعًا مُتصَدِّقًا. بُويِعَ يومَ مَوتِ أَبيهِ بِعَهْدٍ له منه في ذي الحجَّةِ، سَنةَ 422هـ. وله إحدى وثلاثون سَنةً، وأَبوهُ هو الذي لَقَّبَهُ: القائمَ بأَمرِ الله. كان من خِيارِ بَنِي العبَّاسِ دِينًا واعتِقادًا ودَولَةً، وقد امتُحِنَ من بَينِهم بفِتنَةِ البساسيري التي اقتَضَت إخراجَه من دارِه ومُفارَقَتَه أَهلَه وأَولادَه ووَطَنَه، فأَقامَ بحديثة عانة سَنةً كامِلةً ثم أَعادَ الله تعالى نِعمَتَه وخِلافَتَه على يَدِ السُّلطانِ طُغرلبك مَلِكِ الغُزِّ بعدَ أن استَنْهَضَه القائمُ. في صَفَر من هذه السَّنةِ مَرِضَ الخَليفةُ القائمُ بأَمرِ الله مَرضًا شَديدًا انتَفخَ منه حَلْقُه، وامتَنَع من الفَصْدِ، فلم يَزَل الوَزيرُ فَخرُ الدولةِ عليه حتى افتَصَدَ وانصَلَح الحالُ، وكان الناسُ قد انزَعَجوا ففَرِحوا بعافِيَتِه وفي شَعبانَ انفَجرَ فَصادُه، وخَرجَ منه دَمٌ كَثيرٌ ولم يَشعُر، فاستَيقظَ وقد ضَعُفَ وسَقطَت قُوَّتُه، فأَيقَنَ بالمَوتِ، فأَحضَر وَلِيَّ العَهْدِ، ووَصَّاهُ بوَصايا، وأَحضرَ النَّقيبين وقاضي القُضاةِ وغَيرَهم مع الوَزيرِ ابن جهير، وأَشهَدهُم على نَفسِه أنَّه جَعلَ ابنَ ابنِه أبا القاسمِ عبدَ الله بن محمدِ بن القائمِ بأَمرِ الله وَلِيَّ عَهْدِه, ولَقَّبَه: بالمُقتَدِي بأَمرِ الله، وكان أَبوهُ الذَّخيرَةُ محمدُ بن القائمِ قد تُوفِّي أيامَ القائمِ، ولم يكُن له غَيرُه، فأَيقنَ الناسُ بانقِراضِ نَسلِ القائمِ، وانتِقالِ الخِلافَةِ من البيتِ القادريِّ. وكان للذَّخيرَةِ جارِيةٌ تُسَمَّى أرجوان، فلمَّا ماتَ، ورَأَت أَباهُ قد جَزعَ ذَكرَت له أنَّها حامِلٌ، فتَعَلَّقَت الآمالُ بذلك الحَمْلِ. فوَلدَت هذا بعدَ مَوتِ أَبيهِ بسِتَّةِ أَشهُرٍ، فاشتَدَّ سُرورُ القائمِ به، وبالَغَ في الإشفاقِ عليه والمَحَبَّةِ له. وكان ابنَ أربعِ سِنين في فِتنَةِ البساسيري، فأَخفاهُ أَهلَهُ، وحَملَهُ أبو الغَنائمِ بن المحلبان إلى حرَّان، ولمَّا عاد القائمُ إلى بغداد أُعِيدَ المُقتدي، فلمَّا بَلغَ الحُلُمَ جَعلَهُ وَلِيَّ عَهْدِه، ولمَّا تُوفِّي القائمُ غَسَّلَهُ الشَّريفُ أبو جَعفرِ بن أبي موسى الهاشميُّ، وصلَّى عليه أبو القاسمِ المُقتدِي بأَمرِ الله، وكانت خِلافتُه أَربعًا وأَربعين سَنةً وثمانيةَ أَشهُر وأيامًا، ولمَّا تُوفِّي القائمُ بأَمرِ الله بُويِعَ المُقتدِي بأَمرِ الله عبدُ الله بن محمدِ بن القائمِ بالخِلافَةِ، وحَضرَ مُؤَيِّدُ المُلْكِ بن نِظامِ المُلْكِ، والوَزيرُ فَخرُ الدولةِ بن جهير وابنُه عَميدُ الدولةِ، والشيخُ أبو إسحاقَ، وأبو نَصرِ بن الصَّبَّاغِ، ونَقيبُ النُّقَباءِ طراد، والنَّقيبُ الطاهِرُ المعمر بن محمدٍ، وقاضي القُضاةِ أبو عبدِ الله الدَّامغاني، وغَيرُهم من الأَعيانِ والأماثِل، فبَايَعُوهُ، وقِيلَ: كان أَوَّلَ مَن بايَعهُ الشَّريفُ أبو جَعفرِ بن أبي موسى الهاشميُّ.
هي ذاتُ النِّطاقَيْنِ، وهي زَوجةُ الزُّبير، ووالدةُ عبدِ الله بن الزُّبير، وكانت قد شَهِدَت اليَرْموك مع زَوجِها وابْنِها، بَقِيَت في مكَّة بعدَ أن طَلَّقَها الزُّبيرُ في عَهْدِ عُثمان بن عفَّان، وكانت قد عَمِيَت رضي الله عنها وبَلَغت المائةَ سَنةٍ مِن عُمُرِها، وخَبرُها مع الحَجَّاج مشهور بشأنِ ابْنِها عبدِ الله، وقد تُوفِّيت بعدَ مَقْتَلِ ابْنِها بِشَهرين، وكانت مِن آخرِ المُهاجِرات موتًا، فرضِي الله عنها وعن أَبِيها وابْنِها.
وقعَت بين زيادةِ الله وبين الجُند الحُروبُ وهاجت الفِتَن. واستولى كلُّ رئيس بناحية فملكوها عليه كُلَّها، وزحفوا إلى القيروان فحَصَروه، وكان فاتحةَ الخلافِ أنَّ زيادَ بنَ سَهلِ بن الصقليَّة حاصر مدينةَ باجة فسَرَّحَ إليه زيادةُ الله العساكِرَ فهزموه وقتلوا أصحابَه. ثمَّ انتقض منصورُ الترمذي بطبنة، وسار إلى تونُس فملَكَها, فسرَّحَ زيادةُ الله العساكِرَ من القيروان مع غلبون ابنِ عَمِّه، ووزيره اسمُه الأغلب بن عبد الله بن الأغلب، وتهددهم بالقتل إن انهَزَموا، فهزمهم منصور الترمذي، وخَشُوا على أنفسهم ففارقوا غلبون، وافترقوا على إفريقيَّة، واستولوا على باجة والجزيرة وصطفورة والأربس وغيرها. واضطربت إفريقيَّة، ثم اجتمعوا إلى منصورٍ الترمذي، وسار بهم إلى القيروان فملَكَها، ثم خرج إليه زيادةُ الله فقاتله فهزَمه، ولحِقَ قوَّاد الجند بالبلاد التي تغلَّبوا عليها، ولم يبقَ على طاعةِ زيادة الله من إفريقيَّة إلا تونس والساحل وطرابلس ونفزاوة. وبعث الجندُ إلى زيادة الله بالأمانِ وأن يرتحِلَ عن إفريقيَّة، وبلغه أنَّ عامِرَ بنَ نافع الأزرق يريدُ نفزاوة وأنَّ برابرتَها دعَوه، فسرَحَّ إليهم مائتي مقاتلٍ لِمَنع عامر بن نافع، فرجع عامرٌ عنها، وهزَمَه إلى قسطيلة ورجع. ثم هرب عنها واستولَّى سفيانُ على قسطيلة وضبَطَها. وذلك سنةَ تسعٍ ومائتين، واسترجع زيادةُ الله قسطيلةَ والزاب وطرابلس واستقام أمرُه.
هو الأميرُ طلال بن عبد الله العلي الرشيدي الشمري، ثاني حُكَّام إمارة حائِل، فقد خَلَف أباه بشكلٍ سلِسٍ وبموافقة عمِّه عبيد بن عبد الله الذي كان المرشَّحَ لخلافة أخيه عبد الله؛ إذ كان يُتوقَّعُ أن يتولى عبيد بن عبد الله أخو عبد الله وعمُّ طلال: حُكمَ حائل بعد وفاة الأمير عبد الله. فقد كان عُبيد المؤسِّسَ الثاني للدولة، ولكِنَّ عبيدًا رشَّح طلالًا للحكم بعد وفاة عبد الله، ووافق جماعةَ حائل مواطِنوها على تسلُّم طلالٍ للحكم، وفي عهده بدأت حائل تنعَمُ بفترة رخاءٍ؛ فقد أدخل كثيرًا من التحسينات على حُصون المدينة، وبنى المسجِدَ الجامع والسُّوقَ، وخطط الحدائِقَ الجميلة. وأراد أن ينهَضَ بالتجارة والصناعة، فاستحضر التجَّار من البصرة وواسط وغيرها من المدن، والصُّنَّاعَ من المدينة واليمن ومصر وتركيا، ومنحهم المحلاتِ والأراضيَ، ودخل في علاقاتٍ تجارية مع مدن أخرى من بلاد العرب وفارس، وسَيَّرَ قوافل من قوَّاتِه لحفظ أمن الطرق التجارية التي تمرُّ بمنطقته. أصيب بمرض مزمنٍ في آخر أيامِ حياته مات على أثرِه، وقيل إنَّه مات منتحرًا بعد أن حكم الجبل على مدى عقدين من الزمن، كانت فترة رخاء وسلام عامٍّ، ما جعله يحظى بمحبَّة شعبه بشكل كبير واستثنائي، وخلفه في حكمِ حائل أخوه متعب بن عبد الله.
هي أُمُّ المؤمنين سَوْدَةُ بنتُ زَمْعَةَ بن قيسِ بن عبدِ شَمسِ بن عبدِ وُدٍّ، وأُمُّها الشَّموسُ بنتُ قيسِ بن عَمرِو بن زيدِ بن لَبيدٍ، تَزوَّجها السَّكرانُ بن عَمرِو بن عبدِ شَمسِ بن عبدِ وُدٍّ، وأَسلمَت بمكَّةَ قديمًا وبايَعَت، وأَسلَم زَوجُها السَّكرانُ بن عَمرٍو، وخرَجا جميعًا مُهاجِرين إلى أرضِ الحَبشةِ في الهِجرَةِ الثَّانيةِ، قَدِمَ السَّكرانُ بن عَمرٍو مكَّةَ مِن أرضِ الحَبشةِ ومعه امْرأتُه سَودَةُ بنتُ زَمْعةَ فتُوفِّيَ عنها بمكَّةَ، فلمَّا حَلَّتْ أَرسَل إليها رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فخَطَبَها فقالت: أَمْرِي إليك يا رسولَ الله. فقال رَسولُ الله: (مُرِي رجلًا مِن قَومِك يُزَوِّجُكِ). فأَمَرَت حاطِبَ بن عَمرِو بن عبدِ شَمسِ بن عبدِ وُدٍّ فزَوَّجَها، فكانت أوَّلَ امْرأةٍ تَزوَّجها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعدَ خَديجةَ، وهاجرت إلى المدينةِ، وهي التي وَهَبَت يَومَها إلى عائشةَ بعدَ أن أَسَنَّتْ وكَبِرَتْ، وتُوفِّيَتْ في آخرِ خِلافةِ عُمَرَ بن الخطَّاب رضِي الله عنهُما جميعًا.
سُمِّيَتْ حَجَّةَ الوَداعِ؛ لأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وَدَّعَ النَّاسَ فيها، ولم يَحُجَّ بعدَها، وسُمِّيَتْ حَجَّةَ الإسلامِ؛ لأنَّه عليه السَّلامُ لم يَحُجَّ مِنَ المدينةِ غيرَها، وسُمِّيَتْ حَجَّةَ البَلاغِ؛ لأنَّه عليه السَّلامُ بلَّغَ النَّاسَ شَرْعَ الله في الحَجِّ قَولًا وفِعلًا، ولم يكنْ بَقِيَ مِن دَعائِمِ الإسلامِ وقَواعِدِهِ شيءٌ إلَّا وقد بيَّنَهُ عليه السَّلامُ، فلمَّا بيَّنَ لهم شَريعَةَ الحَجِّ ووَضَّحَهُ وشَرحَهُ أَنزلَ الله عزَّ وجلَّ عليه وهو واقِفٌ بِعَرفةَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. وعندما أَعلنَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عَزمَهُ على الحَجِّ في هذا العامِ قَدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كَثيرٌ، كُلُّهُم يَلتَمِسُ أن يَأْتَمَّ بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ويَعملَ مِثلَ عَملِهِ. وخرَج مِنَ المدينةِ لِخمسٍ بَقِينَ مِن ذي القَعدةِ. وقد وقعَت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في مَسيرِهِ هذا ورُجوعِهِ أَحداثٌ كَثيرةٌ.
قام أُمراءُ خوارزمَ بقَتلِ حاكِمِهم أبي العَبَّاسِ خوارزمشاه لَمَّا رأَوْا مِن مُوافَقَتِه ليَمينِ الدَّولةِ ودُعائِه له على المنابِرِ، فقَتَلوه غِيلةً وأجلَسوا مكانَه أحدَ أولادِه، وتعاهَدوا على مُقاتَلةِ يَمينِ الدَّولة ومُقارَعتِه، واتَّصَل الخبَرُ بيمينِ الدَّولة، فجمَعَ العساكِرَ وسار نحوَهم، فلمَّا قارَبَهم جَمَعَهم صاحِبُ جَيشِهم، ويُعرَفُ بالبتكين البخاري، وأمَرَهم بالخُروجِ إلى لِقاءِ مُقَدِّمةِ يَمينِ الدَّولةِ والإيقاعِ بمن فيها من الأجنادِ، فساروا معه وقاتَلوا مُقَدِّمةَ يَمينِ الدَّولة، واشتَدَّ القِتالُ بينهم، واتَّصَل الخبَرُ بيَمينِ الدَّولة، فتقَدَّمَ نَحوَهم في سائِرِ جُيوشِه، فلَحِقَهم وهم في الحَربِ، فثَبَت الخوارزميَّةُ إلى أن انتَصَف النَّهارُ، وأحسَنوا القِتالَ، ثمَّ إنَّهم انهزموا، ورَكِبَهم أصحابُ يمينِ الدَّولةِ يَقتُلونَ ويأسِرونَ، ولم يَسلَمْ إلَّا القليلُ، ثمَّ إنَّ البتكين رَكِبَ سفينةً لينجوَ فيها، فجرى بينه وبين مَن معه مُنافَرةٌ، فقاموا عليه وأوثقوه، ورَدُّوا السَّفينةَ إلى ناحيةِ يَمينِ الدَّولة، وسَلَّموه إليه، فأخَذَه وسائِرَ القُوَّادِ المأسورينَ معه، وصَلَبَهم عند قبرِ أبي العبَّاسِ خوارزمشاه، وأخذَ الباقينَ مِن الأسرى فسَيَّرَهم إلى غزنةَ فوجًا بعد فوجٍ، فلمَّا اجتَمَعوا بها أفرَجَ عنهم، وأجرى لهم الأرزاقَ، وسَيَّرَهم إلى أطرافِ بلادِه مِن أرضِ الهِندِ يَحمُونَها مِن الأعداءِ، ويَحفَظونَها من أهلِ الفَسادِ، وأخذ خوارزمَ واستنابَ بها حاجِبَه التونتاش.
كانت لجنةُ الحلفاء العليا المجتَمِعة في باريس والمؤلَّفة من رؤساء وزارات كلٍّ من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا واليونان والحكومة التركية أصدرت قرارًا يقضي بنزول الجيوشِ اليونانية في أزمير، وحذَّر القرارُ الدولةَ العثمانية من المقاومة، وأن أيَّ مقاومة تعني نقضَ الهدنة وعودة الحرب، وقد نزل اليونانيون فعلًا في اليوم الثاني من مطلع صيف 1338هـ، ثم دفعت إنجلترا باليونانيين فتقدَّموا من ناحية الغرب، وجرى القتال بين الأتراك واليونانيين؛ حيث شنَّ اليونانيون هجومَهم وأحرزوا نصرًا على الأتراك في معركة إينونو الأولى، ثم عاد اليونانيون في رجب / مارس، وكان مؤتمر لندن قائمًا، فسار اليونانيون نحو أسكي شهر وأفيون قره حصار لكنَّهم هُزِموا وارتدوا إلى بورصة، فصمموا على الهجوم على استانبول، لكن بريطانيا وقفت في وجههم، فانكفأ اليونانيون نحو الشرقِ فالتقوا بالقوات التركية، واستولوا على أفيون، ثم وصل مصطفى كمال إلى جبهة القتال الذي أمر القوات التركية بالانسحابِ، وفعلًا تم ذلك وتجمَّعت القوات في سقاريا، ورجع مصطفى إلى أسكي شهر على الجبهة الأولى، وكان اليونانيون قد وصلوا إلى غرب نهر سقاريا، وبدأ الهجوم اليوناني في شوال 1339هـ وتراجع الأتراكُ بفوضوية، وسدَّ الفدائيون الثغراتِ، ثم بدأ اليونانيون أيضًا بالانسحاب بعد أن رأوا عدمَ جدوى الهجوم الذي دام عشرةَ أيامٍ، وكانوا يحرقون القرى ويدمِّرون الآبار، ويسوقون المواشيَ، ويقتلون الأهاليَ، ثم عُقِدت الهدنة مع اليونان، وبرز مصطفى كمال يومَها بأنه استطاع إجبار اليونان من الانسحاب من تركيا عام 1340ه.
ارتبط تأسيسُ إمارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن الحسين (الذي كان يشغَلُ منصب وزير خارجية الدولة العربية في الحجاز) إليها بناءً على الدعواتِ التي وُجِّهَت للشريف علي بن الحسين من قِبَل أعيان ووُجهاءِ مناطِقِ شرقي الأردن، وكذلك أعضاء حزب الاستقلال الذين جاؤوا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920، وبعد طَردِ الملك فيصل من سوريا على يد الفرنسيين جاء أخوه عبد الله طالبًا للثأر، فلما وصل إلى مدينة معان في 21/11/1920 بعد رحلةٍ شاقة لمدة 27 يومًا مع حاشيته، و 500 من الحرس بالقطار، بدأ بدعوةِ أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحليَّةِ للالتفافِ حولَه؛ مما حدا بالفرنسيين إلى اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن أمرًا خطيرًا يهدِّدُ وجودَها في سوريا؛ وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله أنه جاء لإحياء الثورة التي أُخمدت في حوران، وأنَّ قُدومَه للمشاركة في الدفاعِ عن أوطانهم، وأعلن نفسه وكيلًا للأمير فيصل. وخاطبت الحكومةُ الفرنسيةُ الحكومةَ البريطانية لممارسة ضغوطها على الملك حسين؛ لاتخاذ الخطوات الكفيلة بإيقافِ ابنه الأمير عبد الله واستعدادها للدخول إلى الأردن إذا اقتضى الأمرُ ذلك، وفعلًا قامت بريطانيا بالتوسُّط لدى الملك حسين لمنع الأمير عبد الله من القيام بأي شيء، مقابِلَ أن تحقِّقَ بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكمًا لأنفُسِهم تحت حكم الأمير عبد الله، وكانت بريطانيا لَمَّا عرضت على فيصل عرشَ العراق أبدى اعتراضًا أن أخاه عبد الله قد رشَّحه الشاميون لمُلْك العراق، فقام لورنس بالتفاوضِ مع عبد الله على أن يكونَ هو مَلِكًا على شرق الأردن ويترُكَ مُلك العراق لأخيه فيصل، فوافق؛ لذلك اجتمع عبد الله مع تشرشل في القدس في نيسان 1921م وعقد معه اتفاقًا لم يغِبْ عن الفرنسيين بأن تقوم في شرقي الأردن إمارةٌ ذاتُ حكومة تتمتَّعُ بالاستقلال الإداري، وتسترشد برأي المفَوَّض السامي الإنجليزي في القدس وتتقاضى من إنجلترا معونةً سنوية، ولكِنَّهم لم يعيِّنوا حدود الإمارة في صك الانتداب الذي وقَّع عليه عبد الله بن الحسين في هذه السنة، ولم يعترفوا بحدودِ إمارة شرق الأردن إلا في تصريحِ سنة 1923م.
كان سببُ ذلك أنَّ الوزيرَ عليَّ بنَ مقلةَ كان قد هرب حين قُبِضَ على مؤنسٍ ومَن معه لإرادتِهم قتلَ القاهرِ بالله، وكان قد قَبَضَ عليهم وقتَلَهم إلَّا ابن مقلة فإنه هرب، فاختفى في داره، وكان يراسِلُ الجُندَ ويكاتبهم ويغريهم بالقاهرِ، ويخوِّفُهم سطوتَه وإقدامَه، وسرعةَ بطشِه، ويخبِرُهم بأنَّ القاهِرَ بالله قد أعدَّ لأكابرِ الأمراءِ أماكِنَ في دار الخلافة يسجنُهم فيها، ومهالك يُلقيهم فيها، كما فعل بفلان وفلان، فهيَّجَهم ذلك على القبضِ على القاهر بالله، فاجتمعوا وأجمَعوا رأيهم على مناجَزتِه في هذه الساعة، فرَكِبوا مع الأميرِ المعروف بسيما، وقصَدوا دارَ الخلافة فأحاطوا بها، ثم هَجَموا عليه من سائرِ أبوابِها وهو مخمورٌ، فاختفى في سطحِ حَمَّام، فظهروا عليه فقبضوا عليه وحبَسوه في مكان طريفِ اليشكري، وذلك يومَ السبت لثلاثٍ خَلَونَ مِن جمادى الأولى، ثم أمروا بإحضارِه، فلما حضر سَمَلوا عينيه حتى سالتا على خديه، وارتُكِبَ معه أمرٌ عظيم لم يُسمَعْ مِثلُه في الإسلامِ، ثم أرسلوه، وكان تارةً يُحبَسُ وتارة يُخلَّى سبيلُه، وقد تأخَّرَ مَوتُه إلى سنة 333, وتمَّت خلافة الراضي بالله أبي العبَّاسِ محمد بن المُقتَدر بالله. لَمَّا خَلَعَت الجندُ القاهِرَ أحضروا أبا العبَّاسِ محمَّدَ بنَ المقتدر بالله فبايعوه بالخلافة ولَقَّبوه الراضي بالله، وقد أشار أبو بكر الصولي بأن يُلَقَّبَ بالمَرضيِّ بالله فلم يقبلوا، وذلك يوم الأربعاء لستٍّ خَلَون من جمادى الأولى منها، وجاؤوا بالقاهرِ وهو أعمى قد سُمِلَت عيناه، فأوقِفَ بين يديه فسَلَّمَ عليه بالخلافةِ وسَلَّمَها إليه، فقام الراضي بأعبائِها، وأمر بإحضارِ أبي علي بن مقلة فولَّاه الوزارة، وجعل عليَّ بنَ عيسى ناظرًا معه، وأطلق كلَّ من كان في حبسِ القاهر بالله.
كانت أسرة سولونغ تحكم منطقة دارفور غرب السودان حتى عام 1293هـ، ثمَّ بعد أن أعيد الحُكمُ الإنجليزي على السودان وبعد معركةِ كرري 1316هـ غادر أم درمان علي دينار بن زكريا السولونغي ومعه عشرة أفراد، وانضم لهم في طريقِهم قرابةُ الألفي رجلٍ، واتجه نحو دارفور، ولما وصل الفاشر سلمت له وبدأت المنافسة بينه وبين إبراهيم علي الذي وضعته القواتُ الإنجليزية في دارفور، فتنازل إبراهيم لعلي دينار الذي استطاع أن يضبِطَ أمور دارفور وينشر الأمنَ، ثم بدأت شهرتُه تزداد حتى أصبحت الحكومةُ السودانيةُ الخاضعةُ للإنجليز تخافه؛ فقد وصل أمرُه إلى أن أصبح يرسِلُ محملًا للحجاز كأيِّ حاكمٍ مُسلمٍ، وبالمقابل رأى هو أنه لا يحصُلُ على حقِّه من الحكومة، بل إن كلَّ تعدٍّ عليه تسكت عنه الحكومة، وكلَّ متمرد عليه تؤويه الحكومة، وكان علي دينار قد أيَّد العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، فسيَّرت الحكومة جيشًا من ثلاثة آلاف مقاتل أغلبُهم مصريون إلى دارفور، وجرت موقعةُ برنجية بين الطرفين، فهُزم علي دينار أمام هذا الجيش المجهَّز، وهرب إلى جبل مرة، ثم تبعوه وقُتِلَ في محرم 1335هـ / 6 تشرين الثاني 1916م وضُمَّت دارفور إلى السودان.